ألم تتغير طبيعة الحياة، ولم يعد بإمكان أي فلسفة عاشت في عصور مضت أن تقارب ما نحياه اليوم، ألا نحتاج إلى فلسفة تكنولوجية تنبع من طريقة تعاطينا مع هذه الأدوات التي لا تفارقنا ليل نهار رغم أن أذاها بعد حين يطول أجسادنا…!
الفلسفة الوجودية التي غرقنا فيها يوماً مع سارتر وسيمون دوبوفوار، وفلسفة العبث مع ألبير كامو، وحتى الرواقية …أو الأفلاطونية كلها تبدو مجرد تراث فكري نعود إليه نادراً…
ولكن غياب الفلسفة بفكرها الجدلي، ألا يترك فراغاً يمتلئ بكل هذا الخواء الذي يحيط بنا، فراغاً كلما حاولنا تلمس طريقنا إليه يضللنا ويستنزف وقتنا لمعان تلك الشاشات …ولنضيع في غياهب التسطيح.. غالبيتنا تنسى العمق الفكري وتتخذ التسطيح منهجاً…
مع مرور الوقت يصبح الأمر عبارة عن تيار مريدوه يتكاثرون ويعيبون عن كل ما عداهم هذه الجدية الخارجة عن سياقها، زمن التسلية والفرجة له أتباعه ولم يعد بإمكانك مقاومتهم، وكلما دخلت لتتحدث عن زمن فلسفي أو فكري مضى، اعتبروا أنك تقدم عرضاً تراثياً في سياق لا يلائمه..
ومع الانقسام الى تيارات لانهائية، تتصارع الى ما لانهاية لا أحد يخسر سوى الفكر الحقيقي، كل من يمتلك التمويل ينشر ما يريد وبإمكانه صرف الأذهان عن كل ما هو حقيقي ومبشر، كيف سنمضي الى تغيير حقيقي بلا روح فلسفية حرة تهب على الأذهان تحررها من كل هذا الوهن الثقافي و تعيد برمجتها نحو أبعاد فكرية ضرورية للفهم والتحليل والتغيير نحو مستقبل لن يكون لنا فيه مكان بدون فلسفة تفتح أبوابها لروح التمرد الفكري…!
عرض تراثي..!- سعاد زاهر