يعود مشهد “تخلي الولايات المتحدة عن أدواتها” مجدداً إلى الواجهة، ولكن من المسرح الأوكراني هذه المرة، فالولايات المتحدة التي قررت خوض حروبها بواسطة أدواتها ومرتزقتها أثبتت طوال العقدين الماضيين، أنها غير مستعدة أن تدافع عن أدواتها ومرتزقتها عندما تحين لحظة المواجهة، ولا حتى عندما تنكشف أدوارهم وعمالتهم وخيانتهم.
“مشهد التخلي”، بدلالاته وأبعاده لا يشرح آلية النمط الأميركي في التفكير والتعاطي مع الحلفاء والشركاء والأدوات فحسب، بل يدخل إلى عمق الاستراتيجية الأميركية ليقف على كل التفاصيل التي من شأنها إماطة اللثام عن العقل الأميركي الذي لا يفكر إلا في القتل والإرهاب واستباحة كل القيم والأخلاق والحقوق في تماهٍ مطلق من النشأة الأولية للإمبراطورية التي قامت على إبادة الشعوب والمجازر الجماعية وحطام الإنسانية.
روسيا قررت القيام بعمليتها العسكرية، بعد أن أصبح أمنها القومي في خطر كبير بسبب السياسات الاستعمارية والاستفزازية التي تقوم بها الولايات المتحدة والغرب الاستعماري من أجل حصار روسيا واحتواء دورها الجيو استراتيجي المهم والفاعل على الساحة الدولية، وهو ما يجعل هذه العملية من الأهمية بمكان، لجهة كونها تأتي في سياق الدفاع عن مبادئ العدل والإنسانية وتصحيح المسار التاريخي وإعادة التوازن إلى العالم الذي فقده بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وهذا ما أشار إليه السيد الرئيس بشار الأسد بوضوح شديد خلال الاتصال الذي جرى بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
الهيستريا الأميركية والغربية متواصلة، وبالمقابل العملية العسكرية الروسية مستمرة حتى تحقيق كامل أهدافها، وكل الصخب والضجيج الأميركي والغربي لن يؤدي إلا لمراكمة تخبط وعجز واشنطن وحلفائها عن تغيير الوقائع على الأرض أو إنقاذ عملائها وأدواتها، لكن السؤال الأهم في هذا السياق، هو، هل تتعلم أدوات الولايات المتحدة من الدرس الأوكراني، أم إن العمالة قد أضحت جزءاً لا يتجزأ من هويتهم وانتمائهم وعقيدتهم.
حدث وتعليق- فؤاد الوادي