الثورة – جهاد اصطيف:
تجاوزت قيمة التبرعات المقدمة لحملة “فزعة منبج” المجتمعية أحد عشر مليون دولار، في خطوة تعبّر عن عمق التكاتف الشعبي والمجتمعي بين أبناء منبج في الداخل والخارج، ودعمهم الجاد لجهود إعادة تأهيل البنية التحتية وتحسين الواقع الخدمي والتنموي في المدينة وريفها.
من رحم المعاناة
الحملة التي أقيمت مساء أمس وانتهت في ساعة متأخرة، وأُعدّ لها منذ أشهر، جاءت استجابة لحاجة ماسة لاستنهاض المدينة التي عانت طيلة أربعة عشر عاماً من الإهمال والتدمير، وغياب الخدمات الأساسية.
وبيّن إمام جامع منبج، الشيخ محمود عيسى، في تصريح له على هامش الفعالية، أن حملة “فزعة منبج”، تهدف في جوهرها إلى دعم الخدمات الأساسية، والتعليم، ومساندة الفقراء والمحتاجين، وهي مبادرة من القلب لأهل المدينة الذين صبروا طويلاً، آملاً أن تحقق هذه الحملة أهدافها كاملة، وأن تكون بداية لمسار جديد من الإعمار والاستقرار.
تفاعل واسع
لم تقتصر الحملة على جهود الداخل، بل امتدت لتشمل مشاركة فاعلة من أبناء الجالية السورية في الخارج، وخاصة في أوروبا، فقد شهدت مدينة “دورتموند” الألمانية فعالية جماهيرية حاشدة، نظمها أبناء منبج وعدد من الناشطين السوريين في المهجر، تحت شعار “منبج تستحق الحياة”.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية “سانا”، شارك في الفعالية حشد من أبناء الجالية السورية من مختلف المدن الألمانية ودول الجوار، حيث غلبت أجواء التضامن والتكافل بين الحضور الذين تفاعلوا مع البث المباشر القادم من داخل منبج، في مشهد مؤثر جسّد وحدة المشاعر والانتماء.
الحملة تسعى إلى تنفيذ مشاريع متعددة، تشمل إعادة تأهيل شبكات المياه والكهرباء، ودعم المدارس والمراكز الصحية، وترميم الطرق والمباني العامة المتضررة، إضافة إلى مبادرات إنسانية تستهدف الأسر الأشد فقراً.
وأكد عدد من المتبرعين أن الحملة لن تقتصر على مركز المدينة، بل ستمتد إلى القرى والبلدات التابعة لمنبج، في إطار رؤية شاملة لإحياء المنطقة وتنشيط عجلة الحياة فيها.
رمز لوحدة السوريين
تحولت “فزعة منبج” إلى رمز وطني يجمع السوريين على اختلاف مواقعهم وانتماءاتهم، إذ أظهرت الحملة أن التضامن الإنساني والوفاء للمدن المنكوبة ما زالا حيين في وجدان السوريين.
وقال أحد المشاركين من داخل منبج: هذه الأرض لن نتركها وحدها، سنبقى نزرع الأمل في كل زاوية حتى تعود منبج عامرة مزدهرة كما كانت.
“فزعة منبج” تعدّ امتداداً لسلسلة من المبادرات التي أطلقها أبناء الجالية السورية في أوروبا خلال السنوات الماضية، لدعم مشاريع الإعمار والتنمية في عدد من المدن السورية، في رسالة تؤكد أن الوطن لا ينسى مهما بعدت المسافات.
وفي الختام، تبقى تلك المبادرة مثالاً حيّاً على إرادة الحياة التي يتسلح بها السوريون، وإشارة مضيئة إلى أن المدن التي صمدت في وجه الحرب، قادرة بسواعد أبنائها ومحبيها على أن تنهض من جديد.