الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
تصادف هذه الأيام ذكرى الهجوم النووي المروِّع الذي شنته الولايات المتحدة الأميركية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في الحرب العالمية الثانية (6و9 آب عام 1945)، وهو الهجوم الإرهابي غير المسبوق في التاريخ البشري على مدينتين آمنتين، والذي أودى بأرواح مئات آلاف الأبرياء، وأتى على المدينتين في طرفة عين، في جريمة لم يسبق لها مثيل في التاريخ البشري لجهة عدد الضحايا ،وحجم الدمار والرعب الذي أحدثه هذا الهجوم في نفوس شعوب العالم.
يؤكد الكثير من مؤرخي تلك الحقبة السوداء من تاريخ العالم أن الولايات المتحدة التي دخلت الحرب بعد هجوم اليابان على قاعدة بيرل هاربر عام 1941لم تكن بحاجة إلى هذا الهجوم المروِّع لكي تربح الحرب إلى جانب الحلفاء، لأن مؤتمر بوتسدام الذي عقد في26 حزيران عام 1945 قد أرخَّ نهاية الحرب وانتصار الحلفاء بشكل قاطع، ولكنها أرادت من ذلك الهجوم أن ترهب العالم وتقدم نفسها كقوة عظمى لديها قدرة هائلة على البطش والقتل والتدمير، بحيث تفرض هيمنتها على العالم دون منازع لقرون قادمة.
لكن الذي جرى بعد ذلك أن الولايات المتحدة أطلقت سباقاً عالمياً في التسلح النووي، بحيث بات عدد الدول التي تمتلك هذا السلاح الرادع تسع دول، من بينها الكيان الصهيوني الذي يعد إلى جانب حليفته واشنطن أخطر ممتلكي هذا السلاح بسبب نزعته العدوانية وأطماعه التوسعية في منطقة الشرق الأوسط، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل يقتصر الخطر الأميركي فقط على وجود السلاح النووي لدى الجيش الأميركي، وهو الذي بات موجوداً في حوزة دول عديدة مع فارق أنها تنظر إليه كعامل ردع لا أداة للإرهاب والعدوان والهيمنة، كما فعلت واشنطن وكما يفعل الكيان الصهيوني..؟!
في الحقيقة تمتلك الولايات المتحدة إلى جانب السلاح النووي الذي قامت بتجريبه بصورة مباشرة على الشعب الياباني العديد من الأسلحة الأخرى المدمرة منها سلاح الحروب العسكرية المدمرة، إذ تعتبر أكثر دولة في العصر الحديث قامت بش الحروب وأكثر دولة أزهقت أرواح المدنيين حول العالم، وإلى جانب ذلك فإن حروبها الاقتصادية وحروب التجويع وحروب العقوبات تؤدي إلى سقوط ضحايا كثر ، و أدى الحصار الأميركي المفروض على العراق بين 1990 و2003 إلى وفاة مليون ونصف مليون طفل نتيجة الجوع ،ونقص الدواء الحاد ،وافتقادهم إلى أبسط وسائل الحياة ،فيما أدى غزو العراق عام 2003 إلى سقوط عدد قريب من هذا العدد، وما زالت الولايات المتحدة حتى يومنا هذا مستمرة باتباع نفس السياسات بحق شعوب ودول عديدة ومنها سورية، حيث لم تكتف باحتلال الجزيرة السورية وسرقة ثروات الشعب السوري، بل إنها تفرض حصاراً قاسياً على بقية السوريين إلى جانب أشقائهم في لبنان وكذلك في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بسبب رفضهم سياسة الهيمنة الأميركية.
ما من شك بأن العالم اليوم مطالبٌ بالتخلص من السلاح النووي لخطورته على حياة البشرية، كما أنه مطالبٌ بمعارضة السياسة الأميركية العدائية القائمة على القوة العسكرية المدمرة وسياسة الاستعلاء والإملاء وفرض الشروط بعيداً عن مبادئ وميثاق الأمم المتحدة القائم على مبدأ المساواة بين الدول والشعوب، وخاصة أن الولايات المتحدة هي الأكثر تلويحاً باستخدام الأسلحة النووية، وما لم يتوحد العالم بشكل جدي لتطبيق ميثاق الأمم المتحدة، فإن من شأن هذه السياسات الأميركية العدائية والاستعمارية والتدخلية زيادة الأزمات والحروب والكوارث، وتوسيع رقعة الموت والدمار حول العالم، ولاسيما أن من يتخذون القرارات فيها هم مرضى نفسيون على شاكلة دونالد ترامب.
وربطاً بذكرى قنبلتي هيروشيما وناغازاكي الأليمتين تشير أرقام تقريبية إلى أن الرؤوس النووية التي تمتلكها بعض الدول وتلوح باستخدامها تتوزع كما يلي: الولايات المتحدة 6800، فرنسا 300، بريطانيا 215، باكستان 140، الهند 130، الكيان الصهيوني “العدد غير معروف بسبب التعتيم وهناك تقديرات بوجود أكثر من مئتي رأس نووي”