ثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
ربما لا يختلف متابعان حول هوية من يقف خلف العديد من الأعمال التخريبية والإرهابية التي حدثت في الفترة الماضية في مناطق مختلفة من سورية، فالمحتل الأميركي يقبع في مقدمة المستفيدين منها وهو المحشور في منطقة الجزيرة السورية، ليعرقل عزم أهلها على طرد المحتلين من أرضهم، بعد أن بدؤوا خطوات نظرية وعملية على هذا الطريق.
ولذلك يحاول الأميركي أن يضغط عبر الدفع ببعض أوراقه (المحروقة) إلى الطاولة مرة أخرى لكسب المزيد من الوقت، وتمديد فترة وجوده غير الشرعي في سورية لخدمة أجندات إدارته المخفية والمعلنة، ولا سيما نهب نفط السوريين وتفتيت وطنهم وتمديد معاناتهم لتمرير تسوية مذلة مع الكيان الصهيوني، اندفع في طريقها بعض العرب مؤخراً بتطبيع مجاني على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
فبالنظر إلى حادثة تفجير خط الغاز العربي الذي يغذي محطات توليد الطاقة الكهربائية في معظم الأراضي السورية وهو عمل تخريبي أقدم عليه إرهابيون متسللون (أغلب الظن أنهم تسللوا من مناطق يحتلها الأميركي في منطقة الجزيرة) وهو عمل إرهابي منسجم تماماً مع حالة الحصار الاقتصادي الأميركي الخانق المفروض على السوريين دون استثناء، واغتيال جنرال روسي في شرق البلاد بعملية إرهابية تبناها تنظيم داعش الإرهابي، حيث لا أهمية مطلقاً لعملية التبني التي هدفها تشتيت الانتباه عن الفاعل الحقيقي والمستفيد، إضافة إلى تعرض دورية روسية لهجوم في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب (وهي أعمال عدوانية تستهدف أحد أهم حلفاء سورية في الحرب على الإرهاب)، كل ذلك يطرح أسئلة حول التوقيت المشبوه وهوية المستفيد، حيث لا يمكن أن يخدم هذا التوقيت أي جهة ــ طبعاً مع عدم استبعاد المحتل التركي المتربص ــ بقدر ما يخدم الأميركيين الممتعضين من ارتفاع وتيرة الرفض الشعبي لوجودهم غير الشرعي في الجزيرة السورية، الرفض الذي تمت ترجمته بالعديد من الفعاليات الاحتجاجية والعمليات العسكرية ضدهم وضد مرتزقتهم في مليشيا “قسد”، وهي عمليات تحمل بوادر نهج مقاوم هددت به عشائر المنطقة وفعالياتها الشعبية، وهو أمر يقض مضجع الأميركيين ويزيد من قلقهم، ويدفعهم إلى التهور في تصرفاتهم وارتكاب المزيد من الحماقات ظناً منهم أن المزيد من العمليات التخريبية والإرهابية يمكن أن ترهب السوريين وحلفاءهم وتجعلهم يقبلون بالوجود الأميركي ويسلمون بالأمر الواقع.
من الواضح أن الأميركي الذي تذرع بداعش وإرهابها للتدخل في الشأن السوري ما زال يحتفظ في جعبته بالعديد من الأوراق الإرهابية لاستخدامها في عدة اتجاهات تخدم أغراضه، فتفجير خط الغاز غايته زيادة الضغط الاقتصادي والمعيشي على السوريين، وهو كما أسلفنا يأتي في إطار ما يسمى قانون “قيصر” الظالم، أما استهداف جنرال روسي بالقرب من دير الزور فهي رسالة للحليف الروسي بأن يوقف دعمه للجيش العربي السوري المصمم على استعادة سيادة الدولة السورية على كامل التراب السوري، أما حادثة إدلب ضد الدورية الروسية فهدفها إعادة الوضع في محافظة إدلب إلى سابق عهدها من التوتر والتصعيد بغية تمكين جبهة النصرة الإرهابية من الهيمنة الكاملة على المحافظة، ولا سيما أنه لا يمكن تبرئة الأتراك مما يرتكبه الإرهابيون في جبهة إدلب، بالنظر لما يرتكبه التركي ومرتزقته بحق أهالي الحسكة من قطع للمياه بحق مليون مواطن سوري.
في المحصلة يحاول الأميركي أن يمسك بكل أوراق التصعيد والتأزيم في سورية لفرض وجوده غير الشرعي وتنفيذ أجنداته الاحتلالية، غير أن الأمور لا يمكن أن تكون في صالح المحتل دائماً، ولا سيما مع زيادة استشعار السوريين لخطر هذا الاحتلال وإصرارهم على مقاومته بكافة السبل والأساليب، وهم قادرون على ذلك لأنهم يملكون العزيمة والإرادة التي تمكنهم من إيلامه، والأيام القادمة ستثبت ذلك.