الثورة – فؤاد الوادي:
بتسارع ملفت وبخطوات واثقة، تمضي دمشق في إعادة بناء علاقاتها الاستراتيجية بكل ثبات واقتدار، ضمن نهج معلن واستراتيجية واضحة لرسم معالم الطريق نحو مستقبل مشرق تتجسد فيه نهضة حقيقية، تطول كل المجالات والمستويات، وبما ينعكس إيجاباً على حياة المواطن والمجتمع السوري الذي عانى لعقود من ممارسات وسياسات النظام المخلوع الذي لطالما جهد وعبر عقود من الزمن إلى تدمير وتخريب علاقات سوريا مع محيطها العربي والدولي، خدمة لمشاريع وأجندات أيدلوجية، الأمر الذي حول سوريا إلى جزيرة منعزلة، مقطوعة الأوصال، ومنفصلة على الواقع والتاريخ والحاضر والمستقبل.
ضمن هذا السياق، سياق العمل الدؤوب نحو الخروج من العزلة والانفتاح على العالم وتوطيد العلاقات مع دول الجوار، بشكل خاص، ودول العالم، بشقيه العربي والأجنبي، على وجه العموم، تأتي زيارة السيد الرئيس أحمد الشرع اليوم إلى جمهورية أذربيجان، لبحث مستقبل العلاقات الثنائية وكيفية تعزيزها وتطويرها بما يساعد في وضع لبنة جديدة في صرح العلاقات بين دمشق وباكو على قواعد صلبة وقوية وبما يحقق نتائج اقتصادية و جيوسياسية لكل من البلدين.
أولى ثمرات هذه الزيارة، توقيع اتفاق مع شركة “سوكار” الأذربيجانية لتوريد الغاز الطبيعي إلى سوريا، في خطوة لافتة تعكس إصرار سوريا وأذربيجان على فتح آفاق الاستثمار وتعزيز التعاون الاقتصادي بينهما، لاسيما وأن سوريا في أمس الحاجة لمصادر طاقة تؤمن احتياجاتها الحالية ريثما تنتقل إلى مرحلة الاستقرار الطاقي.
وقال وزير الطاقة محمد البشير، عبر منصة “إكس”، إنه رافق الرئيس أحمد الشرع خلال زيارته الرسمية إلى أذربيجان، حيث تم التوصل إلى اتفاق مع شركة “سوكار” الوطنية الأذربيجانية لتزويد سوريا بالغاز الطبيعي، مضيفاً أن “الاتفاق يشكّل حجر أساس في مساعي الحكومة لتحقيق الاستقلال في قطاع الطاقة وبناء شراكات استراتيجية تعود بالنفع على المواطن السوري”.
وكانت أذربيجان قد أكدت في وقت سابق استعدادها الكامل لدعم سوريا في سبيل أن تصبح قوة فاعلة على الساحة الدولية، مؤكّدةً رغبتها في تعزيز العلاقات الثنائية مع دمشق عقب سقوط نظام الأسد.
وأكد وزير الخارجية الأذربيجاني، جيهون بيراموف، في تصريح سابق، أن الدبلوماسية الأذربيجانية مستعدّة لتقديم الدعم الكامل للإدارة الجديدة في دمشق، بهدف تمكين سوريا من أن تكون طرفاً فاعلاً في النظام الدولي.
وأشار بيراموف إلى أن أذربيجان لم يكن لها ممثّلون دبلوماسيون في سوريا منذ عام 2012، نتيجة لممارسات النظام البائد، مؤكداً أن بلاده تنظر إلى سوريا كدولة حليفة، ومستعدّة لتقديم الدعم اللازم للشعب السوري في مختلف المجالات.
وفي مطلع أيار الماضي استقبلت دمشق وفداً حكومياً أذربيجانياً برئاسة نائب رئيس الوزراء الأذربيجاني، سمير شريفوف، في خطوة وصفت بأنها جزء من توجه باكو لتعزيز حضورها في الشرق الأوسط وخصوصاً في سوريا، حيث التقى بالرئيس الشرع، وبحث آفاق التعاون في مجالات الاقتصاد والطاقة والثقافة والتعليم.
ووفق تقرير نشره مركز “ستيمسون” الأميركي للدراسات، فإن التواصل الدبلوماسي المتزايد بين أذربيجان وسوريا في فترة ما بعد نظام الأسد يعكس إعادة تقييم سياسة باكو الخارجية، وانخراطها العملي مع الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الفرص التي أتاحها انهيار نظام الأسد الذي كان يميل نحو منافس باكو، أرمينيا.
وأكد تقرير مركز “ستيمسون” أن رفع العقوبات الأميركية عن سوريا “يُعتبر تحولاً كبيراً يمهد الطريق أمام مشاريع أذربيجانية طويلة الأجل في سوريا”.
ونقل التقرير عن خبراء ومراقبين قولهم إن الدور الأذربيجاني المتصاعد في سوريا قد يمنح دمشق مساحة أوسع للمناورة بين القوى الفاعلة، في حين تعزز باكو موقعها كفاعل وسيط في واحدة من أعقد ساحات الصراع في الشرق الأوسط.
وفي وقت سابق، اليوم السبت، بدأ الرئيس الشرع زيارة رسمية إلى أذربيجان، التقى خلالها والوفد المرافق رئيس البلاد إلهام علييف في قصر زوغولبا بالعاصمة باكو.