لتعزيز حماية أوروبا.. فرنسا وبريطانيا تعلنان عن تنسيق “الردع النووي”

الثورة- منهل إبراهيم:

في خطوة تشكل تحولاً لافتاً في السياسة الدفاعية لكل من فرنسا وبريطانيا، كما تشكل تحولاً في السياق الأمني في أوروبا، أعلنت باريس ولندن استعدادهما لتنسيق قدراتهما النووية الدفاعية، في تحرك وُصف بأنه غير مسبوق منذ ثلاثة عقود، ويهدف إلى تعزيز حماية أوروبا في مواجهة ما وصفتاه بـ”التهديدات القصوى”.

يأتي هذا الإعلان في وقت تتزايد فيه المخاوف بشأن مستقبل الأمن الأوروبي، لا سيما في ظل الحرب الدائرة في أوكرانيا والشكوك المحيطة بالتزام الولايات المتحدة بحلفائها الأوروبيين.وقالت لندن وباريس في بيان مشترك إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي وصل العاصمة البريطانية في زيارة رسمية تستمر من 8 إلى 10 تموز، سيوقّع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر،”إعلاناً جديداً يؤكد للمرة الأولى أن وسائل الردع الخاصة بالبلدين مستقلّة ولكن يمكن تنسيقها”.

وتؤكد شبكة الأخبار البريطانية “بي بي سي” أنه ورغم تأكيد البلدين على أن القرار المتعلق باستخدام الأسلحة النووية سيبقى خاضعاً للسيادة الوطنية لكل طرف، فإن البيان أوضح أن “أي خصم يهدد المصالح الحيوية للمملكة المتحدة أو فرنسا يمكن مواجهته بقوات كلا الدولتين”.

ووفق ما أعلنته الرئاسة الفرنسية، سيجري إنشاء “مجموعة للرقابة النووية” يرأسها كل من قصر الإليزيه ومكتب رئيس الحكومة البريطانية، وستكون مسؤولة عن “تنسيق التعاون المتنامي في مجالات السياسة والقدرات والعمليات المرتبطة بالردع النووي”.ويُمثّل هذا الإعلان تحولاً لافتاً في السياسة الدفاعية لكل من فرنسا وبريطانيا، إذ إنه للمرة الأولى منذ عام 1995، يعود البلدان إلى إصدار إعلان مشترك يتناول بشكل صريح إمكانية تنسيق الردع النووي بينهما.وفي إعلان 1995، اكتفى الطرفان بالتأكيد على أنه “لا يمكن تصوّر تهديد المصالح الحيوية لإحدى الدولتين دون أن تكون مصالح الدولة الأخرى مهدّدة أيضاً”، دون التطرق إلى طبيعة الرد أو الإشارة إلى تنسيق محتمل في استخدام القوة النووية.

ولفتت “بي بي سي” إلى أن الإعلان يمثل أيضاً نقطة تحول في النهج الدفاعي لكل من فرنسا والمملكة المتحدة، القوتين النوويتين الوحيدتين في أوروبا الغربية، إذ يتضمن توجهاً لتقاسم الرؤى بشأن “الردع المشترك”، وربما أيضاً تنسيق الدوريات البحرية للغواصات النووية، دون أن يُشكّل ذلك اندماجاً فعلياً في منظومتي الردع لدى البلدين.

كما أشارت وكالة الصحافة الفرنسية والعديد من القنوات الإعلامية الأوروبية إلى أن هذا التطور يعكس تحولاً في السياق الأمني في أوروبا، لا سيما منذ بدء ما أسموه “الغزو الروسي” لأوكرانيا عام 2022، وما تبعه من تصعيد غير مسبوق في الخطاب النووي الروسي.

كما يعكس الإعلان قلقاً متزايداً لدى العواصم الأوروبية من تراجع دور الولايات المتحدة كضامن تقليدي لأمن القارة، خصوصاً في ظل ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أبدى “مواقف متذبذبة تجاه التزامات واشنطن في إطار حلف شمال الأطلسي”.ومن المقرر أن يُوقَّع الإعلان رسمياً اليوم الخميس خلال القمة الثنائية التي ستعقد في مقر الحكومة البريطانية في داونينغ ستريت، والتي من المنتظر أن تتصدر جدول أعمالها قضايا الدفاع المشترك، وتعزيز قدرات الردع الأوروبي.

كما سيشارك ماكرون وستارمر في اجتماع افتراضي لتحالف الدول الداعمة لأوكرانيا، والذي يضم نحو ثلاثين دولة، ويهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية لكييف وضمان شروط وقف إطلاق نار مستقبلي بينها وبين موسكو.ويأتي الإعلان في وقت تتزايد فيه الدعوات داخل أوروبا لتقوية البنية الدفاعية للاتحاد الأوروبي، وتقليص الاعتماد الأمني على الولايات المتحدة.

غير أن مثل هذا التوجه لا يخلو من التحديات، أبرزها كيفية تفعيل التعاون النووي دون المساس بالسيادة الوطنية أو إثارة توترات إضافية مع موسكو.

وفيما رحّبت بعض العواصم الأوروبية بهذه الخطوة واعتبرتها تطوراً طبيعياً في ظل التهديدات الأمنية المتصاعدة، لفتت “بي بي سي” إلى أن الإعلان يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من إعادة تشكيل ميزان القوى في أوروبا، كما أنه يطرح تساؤلات حول مدى قدرة القارة على تطوير قدرات ردع ذاتية، قادرة على الردع الفعلي في حال اندلاع أزمة كبرى.وتشير “بي بي سي” نقلاً عن محللين إلى أن باريس ولندن تسعيان من خلال هذا الإعلان إلى إرسال رسالة مزدوجة، حيث تحاولان من جهة، طمأنة الحلفاء الأوروبيين بشأن التزامهما بالدفاع عن القارة، ومن جهة أخرى، تحذير الخصوم من أن أي تهديد جوهري لمصالحهما أو لأمن أوروبا لن يمر دون رد، حتى وإن كان الرد نووياً منسقاً.

آخر الأخبار
زيارة الرئيس الشرع للبيت الأبيض.. تحوّل المسار السوري وتوازنه إقليمياً ودولياً تصريحات أميركية بعد اجتماع الشرع مع ترامب بعد دقائق من دخول الشرع إلى "البيت الأبيض".. الخزانة الأميركية تصدر قراراً مهماً  مركز للتصوير بالأمواج فوق الصوتية في مركز الأورام بمستشفى اللاذقية الجامعي  الرئيس الشرع يصل "البيت الأبيض" ويبدأ محادثاته بجلسة مغلقة إعادة تأهيل 320 مدرسة في إدلب زيارة الرئيس الشرع لـ"البيت الأبيض".. ماذا تريد واشنطن من لقاء دمشق؟ بعد 116 يوماً على اختطافه.. الدفاع المدني يجدد مطالبته بالإفراج عن حمزة العمارين سوريا تطرق أبواب "التحالف الدولي".. هذه أبرز الانعكاسات على الخرائط السياسية والعسكرية   ثلاث مشاجرات وحالة إغماء.. حصيلة يوم في "كهرباء حمص"..!  30 ألف مستفيد سنوياً من خدمات مركز الإعاقة ومصابي الحرب وفد سويسري – ألماني يضع ملامح تطوير التعليم المهني في دمشق أجندة ترامب الشرق أوسطية.. لماذا زار الشرع واشنطن قبل صفقة بن سلمان الكبرى؟ بسلاح الحجة والعقلانية.. الرئيس الشرع يفرض الحوار من أجل إلغاء قانون "قيصر" خلال أقل من عام.. كيف أوصل الشيباني سوريا إلى مكاتب "البيت الأبيض"؟ "رويترز".. هل باتت الوكالة البريطانية الوسيلة الأخيرة لترويج تنظيم "داعش" في سوريا؟ ماذا تعني الاتفاقية الأمنية الجديدة بين سوريا وإسرائيل؟ لماذا يترقب لبنان نتائج زيارة الرئيس الشرع إلى "البيت الأبيض"؟ "تجارة حلب" تبحث تحديات قطاع المواد الكيماوية للأدوية ومواد التجميل بعد ارتفاع تعرفة الكهرباء.. المنتج المحلي عاجز عن منافسة المستورد