الثورة – نيفين أحمد:
بين أوراق اللجوء وظلال المحن تكتب قصص مضيئة لشباب سوريين لم يرضخوا للواقع بل جعلوا من الشدائد سلّماً إلى المجد. ومن بين تلك القصص يسطع نجم الشاب السوري عبد الرحمن عثمان، الذي حوّل تجربة النزوح إلى مسار للتفوّق العلمي فحصد تقديرا أكاديميا واسعًا في ألمانيا وأصبح نموذجا يُحتذى به في الإرادة والعلم.
ينحدر عبد الرحمن (29 عاماً) من بلدة كفر حمرة بريف حلب وقد غادر سوريا عام 2016 بعد تصاعد وتيرة الحرب ليستقر مع عائلته في مخيم “لباخ” للاجئين حيث عاش ثلاث سنوات في غرفة ضيّقة بلا خصوصية أو استقرار. لكن رغم صعوبة البدايات حمل حلمه في دراسة الطب وأصرّ على التقدم.
أتقن اللغة الألمانية وتفوّق في اختبارات القبول ليلتحق بكلية الطب البشري في جامعة زارلاند، وهناك بدأ اسمه يلمع في الأوساط الأكاديمية ليس فقط كطالب متميّز بل كمساهم في البحث العلمي. ففي عام 2025 وحده نُشرت له تسعة أبحاث طبية في مجلات عالمية مرموقة من بينها Springer Nature وOxford University Press، متناولًا موضوعات معقدة في طب الأورام والعيون والطب النفسي.
كما أسهم عبد الرحمن في تأسيس أرشيف رقمي مجاني للمحاضرات الطبية يستفيد منه أكثر من 120 طالبا دوليا وشارك ضمن فريق أبحاث SMSR. وبفضل هذا الجهد النوعي حصل على منح دراسية للطلبة الموهوبين وتم اختياره كأول طالب عربي يُمثّل جامعته في فعالية تكريمية جمعت شخصيات دولية.
الأصداء لم تقف عند ألمانيا ففي جامعة دمشق أشادت الجمعية الطبية السورية الأميركية (SAMS) بأبحاثه وتفاعل آلاف السوريين مع قصته التي أعادت الأمل لقلوب كثيرة أنهكتها المحن.
وفي لفتة تحمل كثيراً من المعاني وجّه وزير الصحة الدكتور مصعب العلي رسالة خاصة لعبد الرحمن قال فيها:”نحن في وزارة الصحة ندعمك وبانتظارك- إن شاء الله، ترجع إلى بلدك وتفيدها بما تعلمته. وبأي لحظة تقرر العودة أو تحتاج شيئا نحن جاهزون لدعمك ونكون معك ومشجعين لك.”
اليوم يقترب عبد الرحمن من إنهاء عامه الأخير في كلية الطب متمسكا بحلم العودة إلى سوريا ليس فقط كطبيب بل كابن وفيّ يرى في العلم أداة لبناء وطنه من جديد بعد أن غادره قسراً وعاد إليه بالأمل والمعرفة.