الثورة- ترجمة هبه علي:
انعكس خطاب الصين تجاه إسرائيل وحرب الولايات المتحدة التي استمرت 12 يوماً ضد إيران في بيان مجموعة البريكس، في 14 حزيران، حيث أدان الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، فو كونغ، انتهاكات إسرائيل للسيادة الإيرانية، ودافع عن حق طهران في الحفاظ على برنامجها النووي السلمي.
وبعد أن ضربت الولايات المتحدة المنشآت النووية الإيرانية في 22 حزيران، شاركت الصين مع باكستان وروسيا في رعاية قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في الشرق الأوسط.
إن المعارضة الصينية الشديدة لإسرائيل والهجوم الأميركي على إيران، تعكس مخاوفها من العواقب الاقتصادية المترتبة على حرب طويلة الأمد في الشرق الأوسط.
ورغم أن الفشل الذريع الذي شهدته أنظمة الدفاع الجوي الروسية والمحلية الصنع يزيد من جاذبية التكنولوجيا العسكرية الصينية في إيران، فمن غير المرجح أن تتدخل بكين كمورد رئيسي للأسلحة.
كان المعلقون الصينيون أكثر غموضاً بشأن تداعيات الصراع على نفوذ الصين العالمي، فقد لخص تيان وينلين، الأستاذ بجامعة الشعب ببكين، وجهة نظر الصين الغامضة بشأن الحرب على النحو التالي: “إذا أضعفت الولايات المتحدة وإسرائيل القدرات العسكرية الإيرانية بشدة، فسيتضاءل النفوذ الصيني في الشرق الأوسط بشكل كبير، وإذا تورطت الولايات المتحدة في حرب طويلة ضد إيران، فقد تستغل الصين انغماسها في مستنقع الشرق الأوسط.
رغم هذه التذبذبات، واصلت الصين انتقاد الحرب بشدة لثلاثة أسباب:
أولًا- يُقرّ هذا الموقف بمعارضة الصين الراسخة للتدخلات العسكرية الأمريكية والإسرائيلية في الشرق الأوسط.
ثانياً- استخدمت الصين خطابها المناهض للحرب للترويج لسردية حول التراجع الأميركي في الشرق الأوسط، وتقديم نفسها كقوة عظمى أكثر مسؤولية من الولايات المتحدة.
فعلى سبيل المثال، سلطت صحيفة غلوبال تايمز الصينية الموالية للدولة الضوء على عجز ترامب عن كبح جماح العدوان الإسرائيلي تجاه إيران، كما أدان ليو تشونغ مين، أستاذ جامعة شنغهاي للدراسات الدولية، التناقضات في السياسة الأميركية، وعلى النقيض تماماً من صدامات الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بشأن حالة البرنامج النووي الإيراني، دعمت الصين بثبات دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في دعم منع الانتشار النووي.
ثالثاً- شعرت الصين بالقلق إزاء المخاطر الاقتصادية المرتبطة بحرب مطولة في الشرق الأوسط، فالصين تشتري 5.4 مليون برميل نفط يومياً عبر مضيق هرمز، وكانت ستعاني اقتصادياً في حال حصار إيران للمضيق.
لقد أدت الموجة الأولى من الهجمات التي شنها مسلحو الحوثي في اليمن على الشحن البحري في أواخر عام 2023 إلى زيادة تكاليف شحن الحاويات التي يبلغ طولها 40 قدماً من الصين إلى شمال أوروبا من 1500 دولار إلى 4000 دولار.
كانت موجة جديدة من هجمات الحوثيين ستتسبب في مزيد من الاضطراب للتجارة الصينية مع أوروبا، في وقت يحاول فيه الاتحاد الأوروبي بنشاط الحد من المخاطر القادمة من الصين.
وعلى الرغم من معارضة الصين الشديدة للهجمات العسكرية الإسرائيلية والأميركية على إيران، إلا أنها امتنعت عن تقديم أي مساعدة مادية لها، والذي يعكس ضبط النفس الصيني نهجها القائم على مبدأ “الصداقة مع الجميع، لا عدو لأحد، ولا حليف لأحد” في شؤون الشرق الأوسط، والذي عزز نفوذها في المنطقة، مع ذلك، شكل هذا خيبة أمل مريرة لكثير من الإيرانيين.
وقال علي أكبر داريني، المعلق في الشؤون الخارجية في طهران، لصحيفة “العربي الجديد” : “كانت إيران تتوقع من الصين أن تفعل أكثر من مجرد الإدانة اللفظية للحرب الإسرائيلية ضد إيران والهجمات الأميركية”، في حين يرى عبد الخالق عبد الله، وهو عالم سياسي بارز مقيم في دبي، في تصريحات لصحيفة “العربي الجديد”: “أن أميركا عادت بقوة إلى الشرق الأوسط، والصين وروسيا اختفتا من الوجود”، “أمريكا هي الرابح الأكبر وروسيا والصين هما الخاسران الاستراتيجيان الأكبر في المواجهة العسكرية الأخيرة منذ حدث 7 تشرين الأول 2023.”
وفي حين يصمد وقف إطلاق النار الهش الذي توسطت فيه قطر، تتزايد التكهنات حول احتمال نقل الصين أسلحة هجومية إلى إيران.
فثمة ما يدعو للشك في أن الصين سترسل تكنولوجيا عسكرية متطورة، ويؤكد الباحث في مركز أبحاث ISPI في ميلانو والخبير في العلاقات الصينية- الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ناصر التميمي،لصحيفة “العربي الجديد” بأنه لم تجر أي مبيعات أسلحة صينية كبيرة لإيران منذ عام 2005، وأن المساعدات المستقبلية ستقتصر على الأرجح على التقنيات ذات الاستخدام المزدوج أو عمليات نقل المعدات سرا عبر أطراف ثالثة.
ويضيف.. أنه إذا شعرت الصين بأنها أقل خسارة من القوى الغربية في حالة التصعيد، فإن النهج الصفري في التعامل مع التوترات الإقليمية سوف يسود.
لقد كشفت الحرب التي استمرت 12 يوماً بشكل مؤلم عن حدود صعود الصين في الشرق الأوسط، وأبرزت كفاحها لتحويل نفوذها الاقتصادي إلى نفوذ جيوسياسي، ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع بقاء المنطقة على حافة الهاوية بين المفاوضات النووية الجديدة، وإعادة اشتعال الأعمال العدائية العسكرية.
المصدر- The New Arab