صندوق التنمية السوري.. اختبار حقيقي لمدى جدية الدولة في بناء اقتصاد شفاف 

الثورة – عبد الحميد غانم:

شكل إصدار مراسيم بإحداث صندوق التنمية وتشكيل المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية وتعديل بعض مواد قانون الاستثمار، خطوة مهمة على طريق التعافي وإعادة الإعمار وترميم وتطوير البنية التحتية وتمويل المشاريع المتعددة، نحو تحقيق الأمن والاستقرار في ربوع البلاد، وتهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي في سوريا وتنشيطه وتطويره.

ورأى الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي، أن إحداث صندوق التنمية السوري سيكون حجر الأساس في مشروع إعادة إعمار البلاد، مشيراً إلى أن الصندوق يستند إلى آلية “القرض الحسن” كأداة للتمويل، ويهدف إلى إعادة تأهيل البنية التحتية وتحفيز الأنشطة الاقتصادية.

وبين الخبير قوشجي في تصريح خاص لـ”الثورة” أن نجاح هذه المبادرة يتوقف على مدى قدرة الدولة على التعامل بفعالية مع مجموعة واسعة من الفرص والتحديات، خاصة في ظل تحولات سياسية واقتصادية مفصلية.

وأوضح أن أبرز الفرص التي تتيح للصندوق تعزيز دوره التنموي، استعادة السيطرة على حقول النفط والغاز في الشمال الشرقي، والتي تغطي نحو 70 بالمئة من احتياجات الطاقة الوطنية، لافتاً إلى أن موارد القمح الغزيرة، تُشكل رافعة لتحقيق الأمن الغذائي، ومع رفع العقوبات الاقتصادية، أصبحت عملية تصدير النفط وتأمين المعدات اللازمة للبنية التحتية أكثر سهولة، ما يعزز قدرة الصندوق على تمويل المشاريع الحيوية دون عقبات خارجية.

وقال الخبير قوشجي: من ناحية مؤسسية، أُدمج الصندوق في المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية، الذي يضم الوزراء المعنيين ورؤساء الهيئات الاقتصادية، بما في ذلك هيئة الاستثمار والصندوق السيادي.

جذب الأموال

ولفت إلى أن هذا الدمج يضمن تنسيق السياسات الاقتصادية ويوجه التمويل إلى المشاريع ذات الأولوية العليا عبر خارطة اقتصادية شاملة تغطي جميع المحافظات، مؤكداً أن الصندوق يحظى بإمكانات كبيرة في جذب رؤوس الأموال السورية في الخارج، لاسيما عبر استثمار تحويلات المغتربين التي تقدّر بنحو 1.8 مليار دولار سنوياً، ويمكن للصناديق الإسلامية، بما تتماشى مع آلية القرض الحسن، أن تلعب دوراً مهماً في تحفيز الادخار المحلي.
وتوقع الخبير قوشجي استقطاب نحو 30 بالمئة من تحويلات المغتربين إذا تمت إزالة القيود التنظيمية على عمليات التحويل، ما يخلق قناة تمويلية مستقرة لمشاريع إعادة الإعمار.

وعلى الصعيد الدولي، رأى أنه يمكن أن تشكل تجارب الإصلاح الاقتصادي في بعض الدول، كنموذج “رؤية 2030” في السعودية، مرجعاً ملهماً لتطوير الاقتصاد السوري.

وقال: إنه مع زوال القيود الأوروبية، بات بإمكان الصندوق توسيع نطاق الشراكات مع المؤسسات الدولية مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وغيرها من الجهات المحايدة، لتعزيز قدراته الفنية والمالية.

تحديات جوهرية

وأشار الخبير قوشجي إلى أنه رغم ذلك، لا تخلو مسيرة الصندوق من تحديات جوهرية قد تعوق فعاليته، فاعتماده بشكل رئيسي على التبرعات يجعله عرضة للتذبذب المالي، خاصة في غياب أدوات تمويل مبتكرة مثل السندات الخضراء أو آليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

ورأى أن التحديات التشغيلية والجغرافية تشكل عقبة إضافية، نظراً لنقص الكوادر المؤهلة لتنفيذ مشاريع معقدة بهذا الحجم، بالإضافة إلى تركيز إدارة الصندوق في دمشق، ما يقلل من فعالية المتابعة في مناطق مثل الحسكة أو درعا. كذلك، رغم استعادة جزء من موارد النفط، لا تزال السيطرة الكاملة عليها غير محققة، مما يحد من الإيرادات المحتملة للصندوق.

أداة إنتاجية

وأشار إلى أن التضخم، الذي وصل إلى مستويات مرتفعة خلال السنوات السابقة، يضعف القوة الشرائية للأموال المجتمعة، ما يستدعي إجراءات اقتصادية صارمة لضمان استقرار السوق المالي الداخلي.

ولضمان النجاح، أكد الخبير قوشجي أنه يجب على الصندوق أن يتحول من مجرد وعاء تمويلي إلى أداة إنتاجية، وقال: يُعد تبني نموذج الصندوق السيادي النرويجي– الذي يعتمد على استثمار فائض الموارد الطبيعية في مشاريع مولّدة للدخل– خطوة استراتيجية، كما أن تعزيز اللامركزية عبر فتح فروع للصندوق في المحافظات الكبرى، وإشراك المجالس المحلية في تحديد أولويات الإعمار، يعزز استجابة الصندوق لاحتياجات المجتمعات المختلفة.

ونوه بأن الاستفادة من تجارب دولية ناجحة، مثل آليات التمويل التي يعتمدها بنك التنمية الآسيوي، وتطبيق نماذج تعبئة استثمارات المغتربين على غرار “صندوق إعادة إعمار لبنان”، يمكن أن تُحدث فارقاً نوعياً في استدامة الصندوق وقدرته على التأثير البنيوي.

اختبار حقيقي

ورأى الخبير قوشجي أن صندوق التنمية السوري هو أكثر من مجرد مشروع مالي، إنه اختبار حقيقي لمدى جدية الدولة في بناء اقتصاد إنتاجي قائم على الشفافية والمساءلة واستغلال الفرص التاريخية.

وقال: إذا ما تمكن الصندوق من تجاوز المآخذ المؤسسية والاقتصادية، سيكون بحق اللبنة الأولى في تأسيس سوريا الجديدة التي يحلم بها أبناؤها.

آخر الأخبار
زيارة الرئيس الشرع للبيت الأبيض.. تحوّل المسار السوري وتوازنه إقليمياً ودولياً تصريحات أميركية بعد اجتماع الشرع مع ترامب بعد دقائق من دخول الشرع إلى "البيت الأبيض".. الخزانة الأميركية تصدر قراراً مهماً  مركز للتصوير بالأمواج فوق الصوتية في مركز الأورام بمستشفى اللاذقية الجامعي  الرئيس الشرع يصل "البيت الأبيض" ويبدأ محادثاته بجلسة مغلقة إعادة تأهيل 320 مدرسة في إدلب زيارة الرئيس الشرع لـ"البيت الأبيض".. ماذا تريد واشنطن من لقاء دمشق؟ بعد 116 يوماً على اختطافه.. الدفاع المدني يجدد مطالبته بالإفراج عن حمزة العمارين سوريا تطرق أبواب "التحالف الدولي".. هذه أبرز الانعكاسات على الخرائط السياسية والعسكرية   ثلاث مشاجرات وحالة إغماء.. حصيلة يوم في "كهرباء حمص"..!  30 ألف مستفيد سنوياً من خدمات مركز الإعاقة ومصابي الحرب وفد سويسري – ألماني يضع ملامح تطوير التعليم المهني في دمشق أجندة ترامب الشرق أوسطية.. لماذا زار الشرع واشنطن قبل صفقة بن سلمان الكبرى؟ بسلاح الحجة والعقلانية.. الرئيس الشرع يفرض الحوار من أجل إلغاء قانون "قيصر" خلال أقل من عام.. كيف أوصل الشيباني سوريا إلى مكاتب "البيت الأبيض"؟ "رويترز".. هل باتت الوكالة البريطانية الوسيلة الأخيرة لترويج تنظيم "داعش" في سوريا؟ ماذا تعني الاتفاقية الأمنية الجديدة بين سوريا وإسرائيل؟ لماذا يترقب لبنان نتائج زيارة الرئيس الشرع إلى "البيت الأبيض"؟ "تجارة حلب" تبحث تحديات قطاع المواد الكيماوية للأدوية ومواد التجميل بعد ارتفاع تعرفة الكهرباء.. المنتج المحلي عاجز عن منافسة المستورد