“صندوق التنمية”.. أداة وطنية لإعادة الإعمار وتطوير البنية التحتية

الثورة – لينا شلهوب:

بوصفه أداة وطنية لإعادة الإعمار وتطوير البنية التحتية، ورافعة اقتصادية تستجيب لحاجة ملحّة فرضتها سنوات الحرب وآثارها العميقة، وفي خطوة تحمل أبعاداً استراتيجية وتنموية، صدر المرسوم الرئاسي رقم 112 لعام 2025 القاضي بإحداث “صندوق التنمية”.
يرتكز الصندوق على تمويل مشاريع حيوية من خلال القرض الحسن، تشمل قطاعات النقل والطاقة والمياه والاتصالات، بما يسهم في تحسين الخدمات الأساسية، وتحفيز الاقتصاد، وخلق فرص عمل واسعة، إلى جانب تعزيز الاستقرار السكاني في المناطق المتضررة.
وفي هذا الشأن، التقت “الثورة” الخبير في إدارة إعادة الإعمار والتمويل وصفي أبو فخر، حيث أشار إلى أن إحداث “صندوق التنمية” يُعتبر خطوة بالغة الأهمية في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا، إذ يُلبّي حاجة وطنية ملحّة لإطلاق عملية تنمية شاملة، ويضع أُسساً تنظيمية لمرحلة إعادة الإعمار التي تتطلب أدوات مرنة وفعالة.

ضرورة إحداث الصندوق

إن تأسيس الصندوق يُعدّ ضرورة استراتيجية في المرحلة الحالية، كونه يوفر أداة تمويلية وتنظيمية تساعد في توجيه الموارد نحو مشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية، ما يعزّز من استقرار المجتمع، ويشكّل نقطة انطلاق عملية لإعادة الإعمار المنهجي.
أشار المرسوم إلى ضرورة اعتماد آليات رقابية مالية فعالة، من خلال شركات حسابية “حيادية”، وهنا تبرز الحاجة لتوضيح ما المقصود بهذه الشركات، وما آلية عملها ومعايير اختيارها، إذ إن المفهوم جاء عاماً، وقد يكون غامضاً بالنسبة لغير المختصين، الشفافية الحقيقية تتطلب تحديد هوية هذه الجهات الرقابية، وطبيعة تقاريرها، ومدى علنيتها، لضمان المصداقية والثقة.
تمتع الصندوق بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري يمنحه مرونة ضرورية في اتخاذ القرار وتنفيذ المهام، إلا أن ارتباطه المباشر برئاسة الجمهورية يُعد سلاحاً ذا حدين، من جهة، يمنحه هذا الارتباط زخماً سياسياً ودعماً مؤسسياً ضرورياً، لكن من جهة أخرى، قد يؤدي إلى بطء في الإجراءات أو تحميل مؤسسة الرئاسة أعباء تنفيذية إدارية ليست من صميم عملها، خاصة إذا لم تُدار العلاقة ضمن آلية مرنة توازن بين الاستقلال التنفيذي والزخم السيادي.

التماهي مع الإطار التشريعي العام

يجدر التنويه بأن الهيكل التنظيمي للصندوق وآليات عمل مجلس إدارته، كما وردت في المرسوم، تتماشى مع القانون رقم 2 لعام 2005 الناظم لعمل المؤسسات العامة والشركات العامة والمنشآت العامة، وهذا يثبت أن الصندوق يندرج ضمن الإطار التشريعي العام للدولة، ولم يخرج عن القواعد الناظمة، بل يُكرّس حالة مؤسساتية منظمة يمكن البناء عليها مستقبلاً، لافتاً إلى أنه لاشك أن إصدار الصكوك القانونية يجب أن يسوده “التناغم” وهكذا أتى إصدار مرسوم إحداث “صندوق التنمية” متماشياً مع أحكام “قانون الاستثمار” وذلك لما بينهما من علاقة تكاملية تساعد في تحقيق “هندسة الاقتصاد” مثلما تم الحديث عن “هندرة الإدارة” حيث يوفر القانونان (بالمعنى العام للقانون) فرصا استثمارية واعدة تعود بالنفع على الدولة بشكل عام والمستثمرين بشكل خاص لما فيهما من مرونة في التطبيق وتسهيلات في الإجراءات.

منعكساته على القطاعات الحيوية

وأكد أبو فخر على أن أهمية مرسوم إحداث “صندوق التنمية” لا تقتصر على بُعده التشريعي، بل تمتد إلى آثار اقتصادية واجتماعية واسعة، خصوصاً في القطاعات الأساسية، فإعادة تأهيل الطرق والجسور والموانئ والمطارات ستُحسّن الترابط بين المحافظات، وتُنشّط التجارة الداخلية والخارجية، ما يخلق فرص عمل فورية ويدعم قطاع المقاولات وسلاسل التوريد.
وفي قطاع الطاقة والمياه، يتيح تمويل مشاريع البنى التحتية الحيوية معالجة النقص الحاد في الخدمات الأساسية، ويشكل عامل جذب لتمويلات خارجية إضافية، خاصة في حال توفرت معايير الشفافية والحوكمة.
أما إدراج شبكات الاتصالات ضمن أولويات الصندوق، فيعكس توجهاً لتحديث البنية الرقمية، وهو عنصر أساسي في دعم بيئة الأعمال وتحفيز الاستثمار التقني، وعلى الصعيد الاجتماعي، سيسهم تحسين الخدمات العامة في استقرار السكان، خاصة في المناطق المتضررة، ويعزز من فرص عودة النازحين، أما اقتصادياً، فإن نجاح الصندوق في إدارة موارده بمرونة وشفافية قد يجعله قاعدة استقطاب للاستثمار المباشر والشراكات الدولية، ويساعد في إعادة هيكلة القطاعات الإنتاجية، ضمن رؤية تنموية مستدامة.

تتطلب إطاراً تشريعياً

يضيف أبو فخر: إن الصندوق يمتاز بكونه شخصية اعتبارية مستقلة مالياً وإدارياً، مرتبطة مباشرة برئاسة الجمهورية، ما يمنحه غطاءً سيادياً وثقة تنظيمية، فيما يتولى مجلس إدارة مختص تسيير مهامه بصلاحيات مرنة تتيح اتخاذ قرارات فعّالة وسريعة، كما يشكّل اعتماد آليات رقابية مالية بالتعاون مع شركات تدقيق محايدة خطوة لضمان الشفافية والمساءلة، ومن أبرز ما يميّز هذا

المرسوم هو انفتاحه الاستثماري، إذ يتيح للمستثمرين حرية التداول بالعملة التي يختارونها، ويوفر بيئة مالية مرنة، ما يُعد سابقة في التشريع السوري، تعزز من قدرة البلاد على جذب رؤوس الأموال وتحريك العجلة الإنتاجية.
كما يرى أن إحداث الصندوق خطوة ضرورية لكنها تتطلب إطاراً تشريعياً داعماً، وبيئة استثمارية مستقرة، مشيراً إلى ضرورة إشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني، لتجنّب البيروقراطية وضمان التشاركية، ورغم ما يحمله المرسوم من إيجابيات، إلا أن غياب ممثلين عن القطاع الخاص والمجتمع المدني ضمن مجلس الإدارة قد يحدّ من الشفافية والمشاركة الفاعلة، كما تبقى مصادر التمويل المحددة (تبرعات فردية واشتراكات دورية) محدودة أمام متطلبات الإعمار الواسعة، لذا، توصي الأوساط الاقتصادية بضرورة إصدار النظام الداخلي بأسرع وقت، وفتح بوابة الكترونية تتيح متابعة الإنجاز والتمويل، إضافة إلى السعي لجذب دعم دولي وشراكات تنموية ضمن رؤية وطنية مستقلة.

إثبات جدية

يبقى مرسوم إحداث “صندوق التنمية” خطوة واعدة، لكن نجاحه مرهون بجديّة التنفيذ، ووضوح الآليات، والانفتاح على الشراكة المجتمعية، والابتعاد عن المركزية والإجراءات المعيقة، ليغدو بالفعل أداة هندسة اقتصادية تتجاوز إدارة الأزمة نحو بناء مستقبل مستدام.

آخر الأخبار
عبد الكافي كيال : صعوبات تعرقل إخماد حرائق جبل التركمان... واستنفار شامل دمشق تؤكد التزامها بإنهاء ملف الأسلحة الكيميائية.. حضور سوري لافت في لاهاي دمشق تنفي ما تداولته وسائل إعلام حول "تهديدات دبلوماسية" بحق لبنان من جديد .. محافظة دمشق تفعل لجان السكن البديل.. خطوات جديدة لتطبيق المرسوم 66 وتعويض أصحاب الحقوق رئيس مجلس مدينة كسب للثورة : البلدة  آمنة والمعبر لم يغلق إلا ساعة واحدة . إخماد حريقين في مشتى الحلو التهما  خمسة دونمات ونص من الأراضي الزراعية وزير الطوارئ :  نكسب الأرض تدريجياً في معركة إخماد الحرائق.. والغابات لم تُحسم بعد وفد من اتحاد الغرف التجارية وبورصات السلع التركي يلتقي الرئيس "الشرع" في دمشق الخضراء التي فتحت ذراعيها للسوريين.. إدلب خيار المهجرين الأول للعودة الآمنة باراك: لا تقدم في مفاوضات الحكومة السورية مع "قسد" و واشنطن تدعم دمجها سلمياً من  ألم النزوح إلى مسار التفوق العلمي..  عبد الرحمن عثمان خطّ اسمه في جامعات طب ألمانيا علما سوريا جيليك: نزع السلاح لا يقتصر على العراق.. يجب إنهاء وجود قسد  في سوريا رفع كفاءة الكوادر وتطوير الأداء الدعوي بالقنيطرة بين الصياغة والصرافة .. ازدواجية عمل محظورة وتلويح بالعقوبات نزهة الروح في ظلال الذاكرة.. السيران الدمشقي بنكهة الشاي على الحطب "تربية طرطوس": كامل الجاهزية لاستقبال امتحانات الشهادة الثانوية الغابات تحترق... والشعب يتّحد.. التفاف شعبي واسع لمواجهة حرائق الساحل وزير الطوارئ ومحافظ اللاذقية يستقبلان فرق مؤازرة من الحسكة والرقة ودير الزور سوريا تسعى لاستثمار اللحظة الراهنة وبناء شراكات استراتيجية تعكس تطلعات الشعب الاكتتاب على ١٢١ مقسماً جديداً في حسياء الصناعية