- الثورة – عبد الحميد غانم:
في ظل التحولات السياسية والإدارية التي تقودها حكومة الرئيس أحمد الشرع، جاء تعديل قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021، ليشكّل محطة مفصلية في مسار الاقتصاد السوري، ولاسيما مع إنشاء “صندوق التنمية” ككيان مستقل يُفترض أن يكون الأداة التنفيذية الكبرى لمشاريع الإعمار والتحفيز الاقتصادي.
ضمن هذا السياق، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور عامر ديب رئيس مجلس النهضة السوري إلى أن هذه التعديلات تمثل خطوة جادة نحو إعادة ضبط البيئة الاستثمارية ومحاولة لتقديم صورة أكثر شفافية وانفتاحاً لرأس المال المحلي والأجنبي، خاصة في ضوء التراجع العميق الذي شهدته مؤشرات الثقة والتمويل على مدى سنوات الحرب والعقوبات.
جوهر التعديلات
وقال ديب في تصريح خاص لـ”الثورة”: إن التعديل الجديد لم يقتصر على تحسين بعض المواد الإجرائية في القانون 18، بل تجاوز ذلك إلى إحداث بنية مؤسساتية جديدة من خلال تأسيس صندوق يحمل طابعاً مستقلاً إدارياً ومالياً، ويتبع مباشرة لرئاسة الجمهورية، وهذا ما يمنحه ثقلاً سياسياً ومؤسساتياً واضحاً، ويبعث برسائل طمأنة إلى المستثمرين المحتملين.
ولفت إلى أن الصندوق كما أعلن سيتولى دعم مشاريع إعادة الإعمار، وتمويل البنى التحتية، وتقديم قروض حسنة لقطاعات التنمية المستدامة، وهي جميعها أهداف تحمل طابعاً تنموياً ملحّاً، بل وضرورياً في السياق السوري.
وبين الخبير ديب أنه رغم وجاهة المبادرة، إلا أن فعالية هذه الخطوة ستبقى مرهونة بعدة عوامل حاسمة وهي:
التمويل: من أين سيأتي رأس مال الصندوق؟ وهل سيكون تمويلاً حكومياً داخلياً؟ أم هناك خطط للتعاون مع منظمات دولية أو بنوك تنموية؟ في ظل عدم وضوح في مصادر التمويل، قد تبقى هذه الخطوة نظرية.
الشفافية والإدارة: لا يكفي تأسيس كيان جديد إن لم يُرافق ذلك بآليات رقابية مستقلة، وإفصاحات مالية دورية، وشراكات حقيقية مع القطاع الخاص، ومعايير واضحة لتقييم المشاريع.
الثقة الإقليمية والدولية: تحتاج هذه المبادرات إلى اعتراف واحتضان إقليمي ودولي، وهو أمر لن يتحقق ما لم ترتبط التعديلات الاقتصادية بإجراءات سياسية تفتح الباب لمصالحة وطنية وتحسين سجل الحوكمة.
بين الأمل والحذر
وقال ديب: لا شك أن ما تم إعلانه يحمل روح التغيير، وقد يكون منطلقاً لمرحلة أكثر مرونة وانفتاحاً في السياسة الاقتصادية السورية، لكن أي تفاؤل لا بد أن يُبنى على أساس المتابعة، والحوكمة الرشيدة، ومصارحة الجمهور. كما أن القطاع الخاص بحاجة إلى أكثر من قوانين؛ إنه بحاجة إلى ضمانات، وإلى بيئة منافسة عادلة، وإلى نظام مصرفي موثوق.
وأوضح أن ما بين النصوص والتطبيق، تبقى المسافة طويلة، والتعديلات على القانون 18 ستكون اختباراً سياسياً واقتصادياً حقيقياً لقدرة الإدارة الجديدة على خلق مناخ أعمال جديد يعوّض ما خسرته سوريا خلال السنوات الماضية.
وشدد أنه يبقى الرهان الأكبر هو: هل يتحول “صندوق التنمية” إلى أداة نهضة؟ أم يختزل في كونه شكلاً بيروقراطياً جديداً؟.