الثورة أون لاين- فاتن حسن عادله:
على الشاشات وعلى المنصات الإعلامية والإعلانية والتصريحات تتشدق أميركا بمزاعم دفاعها عن الإنسانية وعن حقوقها، فيما الحقيقة الواضحة أنها ترتكب كل أنواع الجرائم بحق الإنسانية وحقوقها، بل وتمارس أيضاً أبشع أنواع الإرهاب الذي تتفنن به وبأساليبه الإجرامية، حتى القوانين الدولية تحاول القفز فوقها بشتى الطرق إن لم تجد فيها ما هو صالح للاستثمار لمصلحتها، كما تحاول إقصاء الدول التي تعمل من أجل دفع الأمن والاستقرار قدر المستطاع إن قدر لها ذلك.
من ذلك مثلاً وباء كوفيد 19 الذي حصد ما يقرب من 30 مليون إصابة حسب ما يتم إعلانه وأودى بحياة حوالي مليون آخرين حول العالم، هذا الوباء الذي أظهر تكاتفاً دولياً ومسارعة عاجلة من أجل التضييق على تبعاته وتقليص حجم انتشاره، والعمل معا من أجل إيجاد لقاحات لمنع انتشاره تحديداً في أماكن الحروب والنزاعات، لكن رغم كل هذه الجهود الدولية، لا تزال أميركا وحدها تغرد خارج السرب الإنساني، وانسحابها من منظمة الصحة العالمية وكيل الاتهامات لها ما هو إلا في إطار محاولة الاستثمار الرخيص بالجائحة الوبائية، على حساب صحة وأمن الشعوب.
انفضاح أوراقها المزعومة هذه ليس جديداً وكلنا يعرف ذلك، لكن وجهها ازداد قبحاً مع زوال المزيد من مساحيق التجميل عن وجهها الإرهابي، وهو ما ظهر بعد أن صوتت أميركا مؤخراً ضدّ نصّ في الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة يدعو إلى استجابة شاملة ومنسّقة في مواجهة جائحة كوفيد-19 ، ويشدّد على الدور الحاسم لمنظمة الصحّة العالميّة، وهو نص تمّ التفاوض بشأنه منذ أيّار الماضي، واعتمد بغالبيّة ساحقة من جانب 169 دولة من البلدان الـ193 الأعضاء الأمم المتحدة، فيما امتنعت أوكرانيا والمجر عن التصويت على النص الذي يوصف بأنه “قرار جامع” لأنه يشمل جوانب عديدة من الوباء، ويتألف من نحو ستّين مادّة “يعترف بالدور الحاسم لمنظّمة الصحّة العالميّة والدور الأساسي لمنظومة الأمم المتحدة في تعبئة وتنسيق الرد العالمي الشامل ضدّ الوباء”، وبتعزيز التعاون والتضامن الدوليَّين، من أجل احتواء هذا الوباء والتغلب عليه وتخفيف عواقبه.
من هنا نؤكد أن ذلك يشكل صفعة قوية لأميركا ويعزز عزلتها الدولية، وهي بتصويتها ضد هذا “القرار الجامع” ما هو إلا محاولة لوضع عصي سياستها الابتزازية “كعادتها” في وجه عجلات شفاء الإنسانية،لأنه يحتضن في بنوده المطالبة بإزالة العقوبات بشكل عاجل أمام الحصول على منتجات تسمح بمكافحة الوباء.
كما يدعو القرار الدول الأعضاء إلى تعزيز نظامها الصحي بشكل قابل للاستمرار ، ومنح كل الدول إمكانية الحصول على لقاحات وعلاجات بشكل حر وسريع، إضافة لمطالبته بالإبقاء على شبكات الإمدادات الغذائية والزراعية، ويشجع على ملاءمة استراتيجيات إنعاش الاقتصاد عبر تشجيع التنمية المستدامة ومكافحة تغير المناخ.
إرهاب أميركا لم يتوقف عند هذه المحاولات وهذا الرفض، بل حاولت قبل التصويت على النص إجراء تعديل لإزالة فقرة تدعم حماية المرأة في مجال الصحة الإنجابية، من دون جدوى، في تصويت أيدت إبقاءه أكثر من 120 دولة ، وامتنعت 25 دولة عن التصويت، وهو ما يدل على مدى سعيها لإقصاء جميع الحقوق الإنسانية والعمل على “ذبحها” أينما صبت اتجاهاتها، بل وسعيها لنشر المزيد من الفوضى والفتن وعدم الاستقرار في العالم، فهي رأس الثعبان الذي يريد أن يطل برأسه في كل الأماكن ويفصل المقاييس وفق أطماعه، وهو ما يبدو أنه آخذ بالانحسار