الثورة أون لاين- حسين صقر:
يتسلل الذكاء الاصطناعي إلى حياتنا ويوجهنا شئنا ذلك أم أبينا، وذلك عبر الهاتف والحاسب وملحقاته، والأجهزة التقنية الأخرى، حتى بتنا أسرى لهذا الذكاء.
فمن المدرسة إلى سوق العمل والمؤسسات الخدمية، إلى الزراعة وأسواق المال، وهذا الذكاء يفرض علينا منهجه والطريق إليه، كما يفرض علينا ضرورة التعلق به، فمن منا لم يرتبك إذا نسي هاتفه في المنزل، ومن منا لم ينزعج إذا نسي حاسوبه الشخصي وخاصة إذا اعتاد عليه، أو جهاز التحكم بسيارته أو تلفازه، والقائمة تطول، لذا نجد أن هذا النوع من الذكاء استحوذ على اهتمامنا وقيد حركتنا وجعلنا تابعين له بشكل مباشر أو غير مباشر.
المدارس والجامعات مؤسسات تعليمية تستخدم الذكاء الاصطناعي في العديد من مجالات العمل والتدريس والامتحانات، وكما هي كذلك ايضاً هناك الكثير من المؤسسات والشركات الصناعية الكبرى وغيرها تستخدمه أيضاً على نطاق واسع، وكذلك شركات تصنيع السيارات وورشات الإصلاح في الكشف عن الأعطال، وكذلك المراكز الطبية في التشخيص والعلاج وإجراء العمليات الجراحية التي كانت تطلب جهوداً كبيرة وفريقاً من العمل، ايضاً والقائمة تطول.
وفي هذا السياق قال المهندس سعيد حسون الاختصاصي بتقنيات الحاسوب والتحكم عن بعد : يمكن تعريف الذكاء الاصطناعي إذاً كسلوك وخصائص معينة تتسم بها البرامج الحاسوبية، بأنه التقنية التي تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، من أهم هذه الخاصيات القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع تمت برمجتها في الآلة، موضحاً أنه مع ذلك يبقى هذا المصطلح وذلك التعريف جدلياً، و ذلك لعدم توفر تعريف محدد لهذا النوع، وأضاف أن الفرق بين نظام الأتمتة أوتوميشن والذكاء الاصطناعي، أن الأتمتة هي نظام يعتمد على القواعد التي تحددها البرمجة، فالآلة هنا تتبع المتسلسلات المنطقية المحددة سلفاً، أما الذكاء الاصطناعي فهو بمثابة تعليم الآلة لتستنتج بنفسها، وتدرك ما يجب أن تفعله وما لا يجب أن تفعله. وأشار حسون أن التشفير أو الترميز هنا لا يكون صريحاً، حيث يسمح للآلة بقدر معين من المناورة.
و فيما يخص موضوع التعليم قال: إن التقدم التكنولوجي سيشكل قفزة هامة في المجال التعليمي حيث سيمكن من الارتقاء بجودة التعليم في المستقبل القريب، لأن الذكاء الاصطناعي يستطيع أن يساعد على توجيه الأسئلة استناداً إلى نقاط ضعف المتلقي، كما سيمكن من دراسة سلوك المتعلمين والعمل على مساعدتهم، وبصيغة أخرى التوجيه لاحترام الذكاءات المتعددة للمتعلم، لأن بعض الدراسات أظهرت أن الطلاب يميلون إلى اللجوء إلى الأجهزة الذكية أكثر من المدرس لطرح الأسئلة و هذا يرجع إلى حقيقة أنهم يخافون من إزعاج المعلم كما أنهم يتجنبون احتمال تقييمهم سلباً عند طلب التفسيرات بشكل متكرر، حيث إن الآلة مجردة من العاطفة أو الحكم المسبق على الأشخاص، منوهاً بأنه لا يخفى علينا أن التكنولوجيا تتدخل بشكل أفضل من البشر في سياقات معينة، وستتطور لا محالة لتصبح أكثر وأكثر حضوراً في حياتنا وذلك في جميع المجالات بما في ذلك مجال التعليم.
وأوضح المهندس حسون أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم
توفر الطبيعة الرقمية والديناميكية لهذا النوع من الذكاء مجالا مختلفاً لا يمكن العثور عليه في البيئة التقليدية النمطية للمدرسة في وقتنا الحالي، وخاصة أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم ستمكن من اكتشاف حدود تعلم جديدة وتسرّع إنشاء تقنيات مبتكرة، لأنه من بين تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم نجد أن المحتوى الذكي
تهتم فيه مجموعة من الشركات والمنصات الرقمية حالياً من خلال إنشاء “محتوى ذكي” و تحويل الكتب التعليمية التقليدية إلى كتب ذكية وثيقة الصلة بالغاية التعليمية،
وعلى سبيل المثال يمكن المساعدة في نشر محتوى الكتب المدرسية عبر دليل الدراسة الذكي الذي يتضمن ملخصات الفصول واختبارات الممارسة الصحيحة والاختيارات المتعددة، كما يمكن إبراز ملخصات نصية محددة لكل فصل، يتم أرشفتها بعد ذلك إلى مجموعة رقمية وإتاحتها على مواقع التواصل.
وأشار حسون أنه لا شك أن الذكاء الاصطناعي لم يعد حكراً على شريحة مجتمعية معينة بل أصبح في متناول الجميع وقد تسلل فعلياً للعديد من مجالات حياتنا اليومية، ولهذا لم تسلم المدرسة من هذا الغزو التكنولوجي السريع الذي بدأ في خلق طفرة نوعية مهمة في سلوكيات كافة المتدخلين في العملية التعلمية، وفي طريقة تعاملهم مع التكنولوجيات الحديثة، لدرجة ازداد معها التخوف من حلول الذكاء الاصطناعي محل المعلم، والبرامج الرقمية محل المقررات الحالية.