من كان يتابع ردود فعل المنظمات الدولية على الجرائم المرتكبة بحق السوريين خلال سنوات الحرب العدوانية عليهم سيصاب بالدهشة والذهول، فقد كانت مواقفها هشة ومخجلة، ولم تمارس ضغطاً واحداً على أي طرف يقوم بتلك الجرائم، وفي بعض الأحيان كانت فقط (تطالب) هذه الجهة المعتدية أو تلك بالعدول عن خطواتها، وتكتفي بالمطالبة فقط.
لا بل إن تلك المنظمات الدولية تعاملت مع كثير من القضايا الإنسانية والإغاثية والسياسية خلال سنوات الحرب الإرهابية بشكل مناف للقانون الدولي وحتى للأعراف والمواثيق الإنسانية، فقد تم تسييس عملها في أغلب الأحيان خدمة للأجندات الأميركية، وتنفيذاً لمخططات منظومة العدوان والكيان الصهيوني، وما جرى في أروقة منظمتي (حقوق الإنسان وحظر الكيميائية) خير شاهد.
ومثل هذا الكلام ليس مصدره الرجم بالغيب أو التنبؤات أو اتهام المنظمات الأممية بما ليس فيها، بل هو حقيقة دامغة تثبتها مئات الأحداث وآلية تعامل تلك المنظمات معها، ويكفي أن ننظر اليوم إلى الجرائم ضد الإنسانية التي تمارسها قوات الغزو الأميركي والتركي وميليشيا “قسد” الانفصالية بحق السوريين، ونشاهد آلية تعاطي منظمات حقوق الإنسان معها لندرك هذه المعاني، فهي صامتة تماماً، وهذا الكلام نستطيع أن نسحبه على امتداد سنوات الحرب العدوانية على سورية وحتى الآن، وليس اليوم فقط.
وللدلالة على ذلك فإن المشهد الأممي المخزي يعيد إنتاج نفسه مع جريمة منع التعليم من قبل ميليشيا “قسد” الإرهابية بحق أبنائنا في الجزيرة السورية، فقسد تحرم نحو مئة ألف طالب وتلميذ في الحسكة من حقهم في التعليم في الوقت الذي تكتفي فيه تلك المنظمات بموقف المتفرج، وربما لولا الخجل لكانت بموقف المصفق لها، وهي ذاتها المنظمات التي وقفت صامتة أمام جرائم التهجير والقتل والتعطيش وسرقة النفط وحرق القمح ونهب الثروات.
نبض الحدث – بقلم مدير التحرير أحمد حمادة