أحرق بـ “ذاكرة النار” – “مرايا” البشاعة.. و”أشباح الليل والنهار”

الثورة أون لاين – هفاف ميهوب:

رأى التاريخ بطريقة لم نرها لدى غيره، وقرأه بجرأةٍ لم نتلمّسها إلا في كتبه. التاريخ الذي استشعره يغرق في موته وعجزه وصمته، دون أن يعلِّم إلا الاستكانة للحاضر بضميرٍ خانعٍ للماضي وصوته.. رأى وقرأ واستشعر ذلك، فرفض هذا التاريخ وأبى إلا أن يدفنه ويستبدله.. نقل جثمانه “من تحت أكاليل الزهور، ورخام التماثيل البرونزية” إلى “ذاكرة النار” حيث تاريخ البشر المقموعين والمُستعبدين والمقهورين” من “أبناء الأيام” والحكايات المنسية.
إنه الكاتب الأوروغواياني “إدوارد غاليانو” الذي عاش مع أبناء تاريخه اللامرئيين وخاطبهم: “دعونا نحلم في هذا العالم الأخرق والفوضوي، بالعدالة والحرية والحياة المنصفة لإنسانيتكم.”.
خاطبهم بذلك، وهو يرصد كل ما في الحياة من وجوهٍ ومشاعر وحالات وانفعالات.. الكتب والحب والموسيقا والحروب والمجازر والديكتاتوريات.. رصد هذا، في عالم رآه لا يغادر عصر الكهوف، إلا ليدخل “أفواه الزمن” عبر “مرايا” الخوف.. عالم، هيمن عليه لصوص الحياة والذاكرة والضمير والاحساس، وأغرقوه بالذل والعار والظلام والهيمنة والحروب التي يشنّها الأنجاس.
“هناك أبناء العهر الذين يميلون إلى تمزيق البشرية والحياة، يعيشون أعماراً طويلة ولا يموتون، ذلك لأنهم لا يملكون غدة نادرة تسمى “الوعي” وهي الغدة التي تقوم بتعذيبك على مر الليالي”.
هو قول، مثلما قصد به من ذكرناهم، قصد به الاستعمار المرئي الذي قال عنه: “يبترك دون تنكر، ويمنعك من الكلام ومن الفعل، أو يمنعك من الوجود”.. قصد أيضاً، الاستعمار اللامرئي، وقد وصفه: “يقنعك أن القناعة هي قدرك والعجز طبيعتك، وبأنه ليس من الممكن الكلام، أو الفعل، أو حتى الوجود”.
إنها الأفواه المتوحشة في قدرتها على ابتلاع كل ما في الحياة والعالم، و”أفواه الزمن” الذي التهم حتى الأحلام ولم يدع للصحو أملاً إلا في الألم.
هي أيضاً، الـ “مرايا” التي عكست له حقيقة عالم “الكوميديا السوداء”.. العالم الاستعماري الغارق في شروره وأحقاده، والذي هاجمت فيه “أميركا” “العراق” مدّعية امتلاكه أسلحة دمار شامل، في الوقت الذي نست أو تناست فيه ما فعلته إسرائيل بحق الفلسطينيين في المخيمات، وفي الوقت الذي ضجّت فيه بسقوط برجي التجارة العالميين، مدّعية ما أغضبه وسببه، ما استشرى من نفاقها عبر إعلام هو وباءُ الفضاء.
“حاولت وأحاول، أن أتقيأ كل ذلك الكذب الذي نتجرعه كل يوم ونحن مجبرون، وحاولت أن أكون عاصياً للأوامر التي يصدرها سادة العالم. لربما نستطيع أن نغير الجملة الشهيرة التي كتبها صديقي وليم شكسبير: الحياة حكاية رواها غبي، مملوءة صخباً وعنفاً”.
كل ذلك، جعله ابن “الشرايين المفتوحة لأميركا اللاتينية”. الكتاب الذي بيّن فيه، بأن التخلف هو السمة بل الوصمة، التي رسّختها الامبريالية الأميركية.
التخلف الذي هو نتيجة للتقدم الاستعماري، وللعنف الاجتماعي والاقتصادي والمالي والسياسي.. للإخضاع الذي يمارسه الجلاد على الضحية، بدءاً من مصارف العالم المهيمن، وصولاً إلى البيئة الاجتماعية والأسرية.
نعم، التخلف الذي بات إرثاً تاريخياً خلّفته أميركا مذ بدأت إباداتها العنصرية، مروراً بحروبها وتصفياتها وهيمنتها، بل إرهابها الذي أدانه ورفضه ووصفه في أعماله الإبداعية:
“إن الذين ينبغي إدانتهم، هم هؤلاء الذين يخطفون بلداناً.. الذين ينتهكون حرمة الأرض.. لصوص الفضاء الذين يتاجرون بالخوف”.
باختصار، هم “أشباح الليل والنهار” أولئك الذين أحاطوا العالم بشرورهم، وسعوا لتصفية كلِّ من يواجه عهرهم.. من أماط “غاليانو” اللثام عن الجرائم التي ارتكبوها بحق أبناء الحياة، ومن صفعهم بأعماله وحواراته والكلمات:
“إذا كانت الأرض مقدسة، أليس الذين يدافعون عنها مقدسون هم أيضا؟!!. أين العادلون وغير العادلين؟!! إذا ما كان هناك عدل عالميّ حقاً، فلماذا لا يُحاكم الأقوياء، ولماذا لا يقاد إلى السجون مرتكبو المجازر الأكثر وحشية؟!!. ألأنهم يمتلكون مفاتيح تلك السجون؟”

 

آخر الأخبار
توزيع سلل صحية في ريف جبلة مرسوم بمنح الموفد سنة من أجل استكمال إجراءات تعيينه إذا حصل على المؤهل العلمي مرسوم يقضي بالسماح لطلاب المرحلة الجامعية الأولى والدراسات العليا المنقطعين بسبب الثورة بالتقدم بطلب... مرسوم بمنح الطالب المستنفد فرص الرسوب في الجامعات والمعاهد عاماً دراسياً استثنائياً مرسومان بتعيين السيدين.. عبود رئيساً لجامعة إدلب وقلب اللوز رئيساً لجامعة حماة   انفجارات في سماء الجنوب السوري منذ قليل إثر اعتراض صواريخ إيرانية أوقاف حلب.. حملة لتوثيق العقارات الوقفية وحمايتها من المخالفات والتعديات تفعيل النشاط المصرفي في حسياء الصناعية تحديد مسارات تطوير التعليم في سوريا تعاون  بين التربية و الخارجية لدعم التعليم خطط لتطوير التعليم الخاص ضمن استراتيجية "التربية"   تجارة درعا.. تعاون إنساني وصحي وتنموي مع "اينيرسيز" و"أوسم" الخيرية بدء توثيق بيانات المركبات بطرطوس الهجمات تتصاعد لليوم الرابع.. والخسائر تتزايد في إيران وإسرائيل صالح لـ (الثورة): أولى تحدّيات المرحلة الانتقالية تحقيق الاستقرار والسلم الأهل مشاركون في مؤتمر "الطاقات المتجددة" لـ"الثورة ": استخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة ودعم البحث العلمي قتلَ وعذبَ معتقلين في مشفى المزة العسكري.. ألمانيا تحكم بالمؤبد على أحد مجرمي النظام المخلوع  "تجارة إسطنبول": نجري في سوريا دراسة ميدانية لفرص الاستثمار "الفيتو الأميركي".. هل حال دون اغتيال خامنئي؟.. نتنياهو يعلّق الفساد المدمِّر.. سرقة الكهرباء نموذجاً عطري: العدادات الذكية ليست حلماً بعيداً بل هي حل واقعي