الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
قبل واحد وسبعين عاما، تأسست جمهورية الصين الشعبية، وخلال هذه الفترة حققت الصين وبقيادة الحزب الشيوعي الصيني قفزة عظيمة، فأصبحت دولة قوية تمثل ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وقفز حجم اقتصادها من 30 مليار دولار بعيد تأسيسها إلى أكثر من 36ر14 تريليون دولار عام 2019 وتخلص أكثر من 850 مليون صيني من الفقر وارتفع متوسط العمر من 35 إلى 77 عاماً.
وقد التزمت الصين منذ استعادة مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة عام 1971 طريق التنمية السلمية، وترفع راية التعددية وتتمسك بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتعمل على تعزيز التنمية المشتركة للدول كافة.
وهي اليوم ثاني أكبر مساهم في الأمم المتحدة من حيث الاشتراكات وتكاليف حفظ السلام، وتشارك في تسوية القضايا الدولية والإقليمية المهمة والساخنة، وأن بكين قدمت للدول النامية في إطار الأمم المتحدة 180 مشروعاً لمكافحة الفقر و118 مشروعاً في التعاون الزراعي و103 مشاريع لحماية البيئة ومواجهة التغير المناخي.
كما تم إدراج مفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية الذي طرحته الصين من أجل تعزيز التعاون والكسب المشترك في قرارات عدة للأمم المتحدة.
وتأتي هذه الإنجازات نتيجة التزام الصين طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية وبالإصلاح والانفتاح إضافة إلى حكمة الشعب الصيني وتفانيه.
وبرزت تجربة الصين في مواجهة جائحة كورونا، وأن نجاحها يعود إلى عمل القيادة القوية للحزب الشيوعي الصيني بقيادة الرئيس شي جين بينغ على تشكيل فريق قيادي لأعمال مكافحة الوباء وتوظيف نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية بشكل فعال، إذ كان هناك أكثر من 40 ألف طبيب وممرض على الجبهة الأمامية للوباء، وقد وضعت البلاد سلامة الشعب وصحته في المقام الأول.
ووفق السفير الصيني بدمشق، فقد اتخذت الصين سلسلة من السياسات والإجراءات ساهمت بالسيطرة على الجائحة، وسرعت من استئناف العمل والإنتاج، وجعلت الصين أول اقتصاد رئيس يعود إلى مسار التنمية عقب الجائحة، فشهد الاقتصاد نموا في الربع الثاني من العام بنسبة 2ر3 على أساس سنوي.
وتمارس الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطا كبيرة ومختلفة اقتصادية وتكنولوجية على الصين للتأثير على صعودها الاقتصادي ونمو قدرتها العلمية والطبية المتطورة في مواجهة فيروس كورونا.
فحاول بعض الساسة الأمريكيين زرع بذور الفتنة بين الشعب الصيني وقيادته والتدخل المتكرر بشؤون الصين الداخلية بدافع تعطيل التنمية فيها لكن كان مصيرها الفشل.
ورفضت الصين سياسات التدخل الأمريكية بشؤونها الداخلية، لأن شعب الصين هو من يقرر شكل نظامه ومدى جودته. وإن نظام الصين الاجتماعي وخيار شعبها يرفض نهج التدخل في شؤونها، ولا تنوي المنافسة مع أي دولة حول نوعية النظام أو الأيديولوجيا، وترى في نهضة الأمة الصينية مصلحة جوهرية ستدافع عنها بكل حزم وعن سيادتها وأمنها.
وقد صانت الصين أمنها القومي، واستعادة أجزائها المغتصبة عبر إتباع سياسة “دولة واحدة ذات نظامين”، وطبقت بنجاح في هونغ كونغ التي عادت بعد 23 عاماً إلى الوطن الأم غير أن المعارضة فيها وبالتواطؤ مع القوى الأجنبية قامت في السنوات الأخيرة بأعمال الانفصال والانقلاب والتغلغل والتخريب ضد البر الرئيس ما تسبب بخسائر اقتصادية تقدر بعشرات المليارات. وتروج قوى “استقلال هونغ كونغ” والقوى الانفصالية المحلية المتطرفة بشكل فاضح أفكاراً عن استقلال هونغ كونغ وتحرير، وتدعو إلى “إقامة دولة بالقوة المسلحة”، الأمر الذي أدى إلى تصاعد أعمال العنف والإرهاب الذي ينسف الاستقرار والازدهار في هونغ كونغ.
ولفت السفير الصيني بدمشق إلى أن المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني أصدر قرارا يستجيب لتطلعات ورغبات أبناء الشعب الصيني من مختلف القوميات بمن فيهم أهل هونغ كونغ وهو يتوافق تماماً مع الهدف الأصلي لسياسة “دولة واحدة ذات نظامين” التي حكمت هونغ كونغ على مدى 23 عاماً ويهدف إلى سد الثغرات القانونية في مجال صيانة الأمن القومي، لكنه لن يغير الحكم الذاتي أو النظام الاقتصادي لهونغ كونغ إنما سيسهم في تحسين الأجواء الاجتماعية للتبادل بينها وبين الدول كافة ويوفر بيئة قانونية أكثر استقراراً وموثوقية للمستثمرين الأجانب.وأوضح السفير الصيني أن القانون حظي بدعم وتأييد أهالي هونغ كونغ التي تشهد بعض التغيرات الإيجابية.
وفي قضية شينجيانغ وسياسة الحكومة فيها فهي تتعلق بالإرهاب والانفصال ولا علاقة لها بحقوق الإنسان أو العرق والدين، كما تتدعي الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية، إذ تشن هجوما خبيثا على السياسة التي تنتهجها الحكومة الصينية هناك وتحاول تشويه الخطوات المتخذة لمكافحة الإرهاب والانفصال ونزع التطرف. وأكد السفير الصيني أن أهالي شينجيانغ من مختلف القوميات البالغ عددهم 250 مليون نسمة بمن فيهم قومية الويغور هم من يقرر ما إذا كانت السياسة الصينية هناك جيدة.
وأضاف أنه على مدى 65 عاما عاشت تلك المنطقة باستقرار وتمتعت بالتنمية الاقتصادية والرفاه والحكم الذاتي والتناغم الديني، اذ انخفضت نسبة الفقر فيها من 84ر22 بالمئة بداية عام 2014 إلى 51ر6 بالمئة، كما تضمن الحكومة هناك حرية الاعتقاد الديني للمواطنين من كل القوميات وهناك حالياً أكثر من 20 ألف مسجد أي لكل 530 مسلماً مسجد واحد إضافة لوجود 29 ألف رجل دين.
وأوضح السفير الصيني أن منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم اتخذت سلسلة من الإجراءات لمكافحة الإرهاب والتطرف بما في ذلك إنشاء مراكز التعليم والتدريب المهني وقد حققت نتائج إيجابية في كبح الأنشطة الإرهابية إذ لم يقع أي هجوم إرهابي فيها منذ ثلاث سنوات ونصف.
وتشهد علاقات الصداقة السورية الصينية المزيد من التعاون والازدهار بمختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية وتستمر بكين بتقديم المساعدات لسورية والدفع نحو مزيد من التعاون العملي في إطار مبادرة “الحزام والطريق” وقيامها بدور بناء وإيجابي في إيجاد حل للأزمة في سورية.
وقد صمدت العلاقات الثنائية في وجه التغيرات الدولية إذ إن الصين التزمت موقفاً عادلاً تجاه الأزمة في سورية أكدت من خلاله ضرورة احترام سيادة سورية واستقلالها وسلامة أراضيها والرفض القاطع للتدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية لها، واعتبرت أن الحل يكون عبر عملية سياسية شاملة “للسوريين وبقيادة السوريين”.
السفير الصيني بدمشق أكد أن سورية أيضاً قدمت دعما لبلاده في مكافحة جائحة كورونا والملفات المتعلقة بهونغ كونغ وشينجيانغ وتايوان وإصلاح مجلس الأمن الدولي وغيرها من القضايا التي تهم الصين وشعبها.
ورأى السفير الصيني في حديث لوكالة سانا أن عمق العلاقات بين البلدين الصديقين تجسد من خلال التعاون في مواجهة جائحة كورونا، إذ أطلق البلدان شعار “معا ضد الوباء بالسور العظيم الجديد”.
وأعربت سورية عن دعمها للصين منذ بداية معركتها ضد الجائحة، كما قدمت الصين لدمشق مواد مكافحة الجائحة وزودتها ببرامج العلاج ورتبت اجتماعات افتراضية بين الخبراء الطبيين لدى البلدين وأشار السفير الصيني إلى أن سورية تعد شريكا مهما لبلاده في “إقامة علاقات دولية من نوع جديد نحو بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية”.
وأشار السفير إلى أن حجم التبادل التجاري بلغ في العام 2019 ما يعادل 31ر1 مليار دولار أمريكي بزيادة 3 بالمئة على أساس سنوي.
وعلى أية حال، شكلت الصين عملاقا اقتصاديا عالميا وحليفا قويا لسورية.