الثورة – فؤاد الوادي:
يبدو أن الحديث عن أمن دول المنطقة بات من الأمور الهامة جداً، لاسيما في ظل التحولات العاصفة التي لا تزال تشهدها المنطقة والعالم، كنتيجة للحروب والصراعات التي لا يزال كثيرها يختبئ تحت الرماد، إن لم تسارع جميع الأطراف الفاعلة والمؤثرة في نزع أسلحة الدمار الشامل في منطقتنا، وحل جميع النزاعات والقضايا الإشكالية العالقة.
وبالتالي فإن بقاء الوضع الراهن كما هو، من شأنه أن يشرع الباب واسعاً على العديد من السيناريوهات المتناقضة والمتضادة فيما بينها والتي قد يكون بعضها كارثياً، ليس على دول المنطقة فحسب، بل على دول العالم أيضاً.
إن مجرد البحث في مسألة أمن دول المنطقة ،”الشرق الأوسط”، فإنه لابد أن يطفو على السطح، مسألة نزع أسلحة الدمار الشامل، لما للمسألتين من ترابط وتلازمية، فلا يمكن تحقيق السلم والأمن في هذه المنطقة، دون نزع جميع الأسلحة التي من شأنها أن تهدد الوجود البشري.
كما أن مجرد الحديث عن مخاطر وجود أسلحة الدمار الشامل، يدفع على الفور مسألة تفرد وامتلاك ” إسرائيل” لهذا النوع من الأسلحة، لاسيما أنها لا تزال كياناً محتلاً لدول عربية وأراضٍ لدولة مجاورة هي سوريا التي أظهرت مؤخراً أنموذجاً متميزاً في التخلص من أسلحتها الكيميائية وباعتراف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، خاصة أنها أبدت التزاماً واضحاً بالقرارات والمعاهدات الدولية التي تحظر انتشار الأسلحة النووية والبيولوجية، مع العلم أنها طرف في معاهدة عدم الانتشار النووي منذ العام 1968وموقعة على معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية منذ العام 1972، وهي طرف في معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية منذ العام 2013، ولطالما رحبت بمؤتمر إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية، وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط وشاركت في أعماله مع بقية دول المنطقة.
انطلاقاً من ذلك، وفي ظل التحولات التي تعصف في المنطقة والعالم، لابد أن تبدو مقاربة سيناريوهات التعاطي الإسرائيلي مع نزع أسلحتها النووية أمراً واقعياً وضرورياً لمواكبة تلك المتغيرات نحو عالم أكثر أمناً وأماناً، وإلا ستبقى إسرائيل منفصلة عن كل التطورات المستقبلية على الأرض، أي إنها ستبقى تعيش خارج سياق الواقع الذي يتطلب تجاوباً ومرونة على طريق الانتقال إلى مرحلة جديدة من التعايش مع المحيط، وهذا أمر سوف يبدو ملحاً وضاغطاً خلال المرحلة القادمة، ليس على إسرائيل فحسب، بل على الولايات المتحدة ودول أوروبا وهي الأطراف الداعمة لها، والتي سوف تكون في وضع محرج للغاية، في مقابل سعيها للضغط على الدول العربية للسير نحو التطبيع مع “إسرائيل” في وقت تصر فيه الأخيرة على مواقفها وتعنتها في التمسك بترسانتها النووية، لقاء مطالبة دول الجوار والمحيط بالتعاون والتطبيع معها، وتوقيع اتفاقيات هدنة أو سلام أو ما شابه ذلك.
الضغط على إسرائيل من قبل حلفائها ” أميركا ودول أوروبا” من أجل نزع أسلحتها النووية وإجبارها على الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، يبدو أحد السيناريوهات التي سوف تطرح عاجلاً أو آجلاً في المستقبل “، حتى لو اعتبر البعض هذا الأمر سريالياً نوعاً ما، إلا أنه قد يصبح أمراً واقعياً في أية لحظة، وشرطاً أساسياً من شروط الانتقال إلى مرحلة جديدة، يكون فيها البحث عن السلم والأمن، خياراً حتمياً و أمراً لابد منه، وإلا فإن الانتقال إلى السيناريوهات الأسوأ هو الخيار البديل لتغيير الشرق الأوسط، أي البقاء على فوهة بركان قابل للانفجار في أية لحظة.