الثورة أون لاين:
“إن قضية القرن العشرين تمثلت في العنصرية، وإني أعتقد أن قضية القضايا في القرن الواحد والعشرين، ستكون في الفوارق بين الأديان. لكني أؤكد أن خطورة القضية ليس أن صراعاً سيحدث بين الديانات وأتباعها، بل على ما يكمن في الأصولية من خطر حقيقي، فهي تمثل التطرف الأعمى والجهل، وربما التجاهل لكل ما تملكه الحضارات الإنسانية والديانات من معان نبيلة عن الآخر”.
صاحب هذه الكلمات، هو الأديب والشاعر والمسرحي النيجيري “وول سوينكا”.. الكاتب الذي وإن لم يكن يشعر باتّساع أفقه وإحساسه وإنسانيته، إلا لدى قراءة القصائد والاستماع إلى الموسيقا، ومشاهدة اللوحات البعيدة عن تقلب الإنسان ومزاجيته ومأساويته، إلا أن أكثر ما شغله وتناوله في أعماله، خطر الاستعمار والإرهاب والتنظيمات المتطرفة التي “أدخلت العالم بأسره في سرداب مظلم، ناشرة الرعب والخوف في كل مكان”. أيضاً، التمييز العنصري، ولاسيما الذي تمارسه إسرائيل، بحق الشعب الفلسطيني.
هذا ماتناوله “سوينكا” الحائز على نوبل والمعروف بأنه من أهم كتاب القارة الافريقية. أهمهم وأكثرهم تدخلاً وإبداءً للرأي بالصراعات والنزاعات والقضايا الإنسانية.. أكثرهم أيضاً، تنديداً بإسرائيل التي دعا جميع مثقفي العالم إلى مقاطعتها، ووضع حدٍّ لعنصرية ممارساتها.
“يجب فعل شيءٍ ما، هناك حاجة لأن نُفهم إسرائيل أن سلوكها غير مقبول، ويجب على الأكاديميين أن يكونوا في طليعة المطالبين بالمقاطعة الثقافية والرياضية والاقتصادية لها”.
دعا إلى ذلك، بعد أن شهد جرائمها المتلاحقة بحق شعبٍ احتلت أرضه وشرَّدته ولاحقته، وبعد أن زار القدس وعايش معاناة الفلسطينيين، الذين قال عما يتعرضون له على يد الصهاينة المحتلين:
“سافرت إلى القدس، وعايشت معاناة الفلسطينيين الذين يتجرعون يومياً الإذلال ومحاولات تحويلهم إلى القيمة صفر، وسلبهم القدرة على حماية أنفسهم وتراثهم وأمانهم”.
قال ذلك وغيره مما اعتبره فعلا مقاوما. المقاومة التي لم يجد بداً من اعتمادها، وعن طريق التسلح بالكتابة التي رأى بأن دورها:
“الكتب والكتابة ترعب أولئك الذين يسعون لخنق الحقيقية، وهما بالنسبة لي الوسيلة المثلى للمقاومة.. البعض يقول، بأن الكتابة يمكن أن تكون نوعاً من العلاج الذي يبقي على صفائنا الذهني في قلب التناقضات التي تحاصرنا. آخرون يرون، أنها تساعدنا على الانتقام من الذين يرغبون في تنغيص حياتنا لجعلها مستحيلة، ونحن نرغب في السخرية من هؤلاء، والحطّ من شأنهم”..
هكذا قاوم “سوينكا” وحوش وطغاة الحياة.. ذلك أنه كان قد نذر نفسه للدفاع عن الشعوب المضطهدة، ولكشف الفاسد والمفسد من السياسات. السياسات التي منها الأميركية التي فضح جرائمها ومجازرها على مدى التاريخ الذي لم ينته بغزو العراق بطريقةٍ اعتبرها أكثر من إرهابية، وكان قد وصف الرئيس “بوش” بسبب هذا الغزو: “أخطر أصولي متطرف في التاريخ يتولى إدارة البيت الأبيض”.
فضح أيضاً سياسة “ترامب” التي وجدها تهدد بالخطر، وكان قد وفى بالوعد الذي تعهد فيه لطلابه في جامعة أكسفورد، بأن يمزق بطاقته الخضراء في حال فوز “ترامب” الذي “جعل العالم المترنح بالفعل، أقرب إلى المنحدر”.