في السنوات الأخيرة زحفت زراعة التبغ باتجاه منطقة الغاب الخصبة وتوسعت في حمص ودرعا أيضا، نظراً لمردودها الاقتصادي للفلاحين وفق التصريحات التي تصدر من الجهات المسؤولة عن تسويق التبغ، لكن هذه الزراعة توسعت على حساب محصول القمح الاستراتيجي الذي يشكل عمود الأمن الغذائي وخصوصاً في ظل ظروف الحرب الاقتصادية التي تشن على بلدنا.
تفيد المعلومات بأن زراعة التبغ في الغاب باتت تشغل مئات الهكتارات من الأراضي الخصبة في حورات عمورين وتل سكين والتريمسة وجورين وغيرها والتي كانت تزرع بمحصول القمح سابقاً، وهي مساحة بلغت هذا العام نحو 27 ألف دونم، كما تتوسع هذه الزراعة في حمص ودرعا أيضاً على حساب زراعة القمح حيث قدرت المساحة المزروعة بالتبغ في ريف حمص الغربي لهذا العام ب 4700 دونم.
قد يبدو مبرراً في عرف الزراعة أن يتوجه الفلاح إلى الزراعات ذات المردود الاقتصادي الجيد في نهاية الموسم، لكن الخطط الزراعية التي تدخل في صلب تحقيق الأمن الغذائي هي من اختصاص وزارة الزراعة ومديرياتها في المحافظات والمركز الوطني للسياسات الزراعية المنوط بهم رسم الخطط الزراعية وتوزعها جغرافياً حسب الاحتياجات الغذائية الوطنية.
وقد لا تكون زراعة التبغ الوحيدة التي توسعت على حساب زراعة القمح في حماة وحمص ودرعا، وربما هناك أسباب اخرى دفعت الفلاحين للتوجه لهذه الزراعة وغيرها من المحاصيل بدلاً من القمح، لذلك لا بد من إعادة النظر بالخطة الزراعية في المناطق التي تشرف عليها وزارة الزراعة لتأمين القمح أولاً وأولاً، كحالة إسعافية ترتبط بالظرف الذي تعيشه سورية، ودعم هذه الزراعة بشتى السبل لتحقيق مردود اقتصادي للفلاحين من جهة وتحقيق الأمن الغذائي للمواطن.
التبغ أم القمح؟ لا يعني استهداف زراعة التبغ، فهي زراعة موجودة وينبغي أن تتحسن في مناطق زراعتها ولكن ليس على حساب قمحنا، فما نحن فيه يستوجب قرع جرس الإنذار بأن هناك زراعات تتوسع على حساب زراعة القمح.. وللأسف أن هذه الزراعة الاستراتيجية التي تخص كل فمٍ في سورية وليس كل بيت، تتراجع بدل أن تتوسع في كل شبر متاح لزراعتها، في وقت نخسر فيه منذ عدة سنوات ثلاثة أرباع قمحنا على يد المحتل الأمريكي والتركي والميليشيات المدعومة منهما.
لن نتخلى عن محاصيل قمحنا في الجزيرة السورية هذا أمر مؤكد، فهي أرض سورية وخيراتها تخص السوريين جميعاً، لكن الاحتلال الأمريكي يتحكم اليوم بهذه الخيرات ويقوم بسرقتها بتآمر واضح من الميليشيات الانفصالية والمجموعات الإرهابية، ولحين إنهاء هذه الحالة الشاذة، لابد من خطط زراعية إسعافية تضمن أمننا الغذائي.
إضاءات- عبد الرحيم أحمد