الثورة أون لاين- عبد الحميد غانم:
الترجمة أحد الأنواع الأدبية الثقافية تقوم بنقل ثقافات وآداب الآخرين وعلومهم إلى الشعوب والحضارات الأخرى.
وقد تميزت به الشعوب باعتبار الترجمة صلة الوصل وإحدى أدوات الاتصال الثقافي والإعلامي والمعرفي بين الحضارات والشعوب منذ القدم.
لذلك اعتبرت الترجمة بمثابة الوسيط الذي يمنحنا القدرة على تحسين فهمنا لقضايا التنمية ولثقافات الشعوب الأصلية، وذلك بأفكار تتسم بقدرتها على تجاوز الحدود الثقافية والجغرافية.
كما تكمن أهمية الترجمة في دورها الفارق والمهم في حوار الحضارات الذي يهدف إلى تقوية التواصل في فهم الحضارة في إطار من التعاون المبني على الاحترام المتبادل والأمانة والدقة.
وأيضًا لعبت الترجمة دورًا حضاريًّا وثقافيًّا وعلميًّا بدأ منذ بزوغ فجر التاريخ البشري، ولا تزال تقوم بدورها حتى وقتنا هذا.
والمتتبع لتطور الحضارات الإنسانية وتنامي التقدم العلمي الإنساني يجد أنّ الترجمة مهنة قديمة وظاهرة تسبق كل إنجاز حضاري لأي أمة، ثم تستمر مواكبةً للنمو الحضاري لها.
تزداد أهمية الترجمة يومًا بعد يوم في عصر العولمة، وتذكير المستخدمين للأعمال المترجمة بالدور الكبير الذي يقوم به المترجمون، وغالبًا ما يكون بإتقان ومثالية، ولا يزال أكثر هؤلاء المترجمين يعملون في كثير من الأحيان في الظل.
وقد لعبت الترجمة دورًا حضاريًّا وثقافيًّا وعلميًّا بدأ منذ بزوغ فجر التاريخ البشري، ولا تزال تقوم بدورها حتى وقتنا هذا، وتستمر في أدائه.
الترجمة حاجة ضرورية
في وقتنا المعاصر لم نعد بمقدورنا الاستغناء عن الترجمة، فقد بات العالم قرية صغيرة، وانتشرت الأجهزة الذكية انتشارًا واسعًا، وتنوعت الترجمة باساليبها وأدواتها. ولم يعد بمقدور أحدنا الاستغناء عن الترجمة في عمله او كتاباته او للاطلاع على ثقافات الشعوب وعلومهم.
لكن الترجمة عبر الشابكة ليست إلا مجرد تحويل كلمات اللغة إلى لغة أخرى، وهنا يظهر عيب الآلات الكبير، إذ لا تستطيع فهم الفكرة الكامنة وراء النص، كما تفشل في نقل “النبرة” واللمسة الإنسانية، مما يحوّل النصوص إلى كلام مسطح بلا روح.
إضافة إلى ذلك، لا يمكن للآلات تحديد وتصحيح الأخطاء في النص الأصلي، فبخلاف الأخطاء الإملائية والمطبعية لا تتعرف البرمجيات والخوارزميات على أخطاء النص المصدر وتحوّله لغويا إلى اللغة المستهدفة دون إدراك لكونه خطأ بالأساس، ويشمل ذلك أخطاء الدلالة والمصطلحات والبيانات الخاطئة والمتناقضة التي لا يمكن أن يدركها غير المترجم البشري.
كما لا تقرأ الآلات العواطف، وتتعامل مع النصوص المحملة بعواطف بشرية بطريقة محايدة، بينما يستطيع المترجمون المحترفون العثور على “شفرة” مكافئة للمعنى في اللغة الأخرى، وربما يعيدون بناء الجملة أو الفقرة كاملة باستخدام
كلمات مختلفة عن النص الأصلي لنقل الشحنة العاطفية وتحقيق نفس الاستجابة لدى القراء.
ويتطلب ذلك فهما عميقا ليس فقط للغة المصدر واللغة المستهدفة، وإنما كذلك للثقافات المختلفة وراء اللغات. وعلى الرغم من التطور الهائل في محركات الترجمة الآلية وبرمجياتها وتزويدها بنصوص هائلة، فإن إمكانية إدراك السياق والأفكار والثقافة لا تزال محدودة أمام الآلات.
إن الآلات تترجم الكلمات، بينما يترجم البشر الأفكار التي لا تستطيع البرمجيات والخوارزميات الآلية أن تنقلها بين اللغات المختلفة، إذ كل ما تفعله هو تحويل كلمات اللغة إلى لغة أخرى باستخدام القواميس وقواعد النحو واللغة.
المترجمون رسل ثقافة
إنّ المترجمين ليسوا فقط وسطاء بين الأنظمة اللغوية المختلفة بل وسطاء بين الثقافات أيضًا، وهم رسل ثقافة وسفراء بلدانهم وحضاراتهم، وحملة لثقافة وعلم ثمين؛ فالترجمة عالم من الآفاق المفتوحة أمام بيئات ثقافية ولغوية مجهولة.
استحوذت مهنة الترجمة أهمية خاصة وكبيرة من قبل اتحاد الكتاب العرب ومن قبل وزارة الثقافة وهيئاتها ومن قبل قبل مجمع اللغة العربية التي تواكب هذه المؤسسات التطورات والمستجدات للارتقاء بالترجمة مع العلم انه لاتخلو وزارة او مؤسسة لها علاقات خارجية إلا ولها مترجمين.
ونشير إلى قسم هام من المترجمين العرب يتمتعون بثقافة عالية ومكانة علمية اضفت على ترجماتهم روعة ورفعة في الصياغة وتحرير الترجمات، مما اعطتها عند قراءتها جمالا وتشويقا.
وهنا يبرز دور المترجم المسؤول في النقل الأمين والصياغة الغنية والسباكة رفيعة المستوى، التي تستند الى ثقافة المترجم وفكره وحسه المرهف في اختيار المعاني التي توصل الفكرة والإحساس المطلوب.