الثورة – همسة زغيب:
نظم مجموعة من الفنانين التشكيليين في تجمع “تراكم الفني” في جرمانا، معرض “فارماكون” الذي تناول موضوع الإدمان، وتجارب السجناء في فرع مكافحة المخدرات، معبّرين عن تحطيم الصور النمطية للإدمان، وتأثيره السلبي في الإنسان والمجتمع، واقتراح الحلول المتكاملة لظاهرة فاقمها النظام المخلوع.
بدت الفنانة التشكيلية فجر شيخ الحارة متمكنة من أدواتها الفنية، استخدمت القماش وخامات ووسائط فنية عدة، فمزجت الألوان للتعبير عن الأوضاع المختلفة لمدمن المخدرات وانعكاسات تلك الأوضاع على محيطه، وتمثل أعمالها المفاهيم التي تقدمها عن هذه الظاهرة، يُنظَر إليها كمشكلة اجتماعية ووصمة ثقيلة بمفاهيم مشوهة، رافضة تصوير المتعاطين والمتعاطيات كمجرمين، فأبرزت الطابع الإنساني للمتضررين من استهلاك المخدرات باعتبارهم ضحايا لاستغلال مادي وأنظمة سياسية واجتماعية قمعية، فاستخدمت بلوحاتها الألوان الداكنة والأسود والأحمر.
المعرض من وجهة نظر الفنان التشكيلي سلام سلوم يعبّر عن الانعكاس النفسي للمخدر على متعاطيه، عندما يدخل في العوالم الخيالية ويبدأ في الهلوسة، وينفصل عن عالمه، ليعيش في عالم صوري إلى درجة الانفصال عن المجتمع والمحيط الذي يعيش فيه، مما يؤدي إلى حالة أشبه بالجنون، وغياب الوعي الدائم، واعتمدت المدرسة السريالية لتحويل السرد من الصمت إلى الاعتراف، ومن اللوم إلى الفهم، ومن العقاب إلى إعادة التأهيل.
وشاركت الفنانة التشكيلية رؤى بريك الهنيدي بعدة لوحات، هدفها تغيير النظرة النمطية عن مدمني المخدرات، والتنويه إلى ضرورة استبدال العقاب بالعلاج، وقالت: “فكرة المعرض بوصفه خطوة باتجاه التعافي من هذا السمّ تتركز على تغيير مفهوم المدمن الذي لا يعد مجرماً بل يعد إنساناً وضحية”.
كما عرض الفنان سليمان عبيد مجموعة منحوتات مصنوعة من مادة “الأبوكسي”، جسدت حالات الألم والانهيار النفسي التي عاشها السجناء المدمنون، مؤكداً أن الفن قادر على تحدي وقمع ظاهرة المخدرات عن طريق إيصال رسالة للضحايا “العلاج هو الطريق الوحيد للتعافي”.
وأبدعت الفنانة ندى عقل في فن الخط العربي فدمجت بلوحاتها بين “التشكيل والألوان” لتشكيل كلمات من المكان فدمجت حرف النون من كلمة الكيان القوي مع الخط الكوفي في اللوحتين، بما يشبه المتاهة الصعبة نتيجة خطورة الإدمان ، واستخدمت اللون الأحمر للتعبير عن المعاناة وأدخلت اللون الذهبي اللامع ليدل على السلطة والسيطرة، وفي الوقت نفسه كان “النظام المخلوع” ذهبياً لامعاً بشكل ظاهري، لكن بالواقع يتوّه الإنسان بمتاهات سوداء مظلمة ثقيلة.