الثورة أون لاين – غصون سليمان:
تاخذ المؤشرات الإحصائية السكانية بعداً مهماً من ناحية الدلالة والمفهوم على الصعيد المجتمعي وقضايا النوع الاجتماعي وخاصة ما يتعلق بالتعداد العام للسكان والذي تدرج في أولوياته الإحصائية وفق الضرورات ومتطلبات تطور المجتمع.
الدكتور محمد أكرم القش رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان بين في ورشة عمل بناء القدرات الوطنية في مجال الأنظمة الإحصائية المراعية لمنظور النوع الاجتماعي والتي أقيمت في الرابع من الشهر الحالي واستمرت خمسة أيام، أنه في عام ١٨٥٤ جرى أول تعداد للسكان في سورية واقتصر التعداد على الرجال فقط، بهدف السوق للخدمة العسكرية، وهذا العام كان متقدماً، ليس فقط بالمنطقة العربية، وإنما على مستوى العالم أيضاً، فيما شمل تعداد عام ١٨٨٥ كل سكان سورية من ذكور وإناث، لكن بياناته لم تصل بالشكل المطلوب، وبقيت بيانات متناثرة وغير موثقة. على عكس التعداد الأول الذي ما زال جزء كبير من بياناته موجوداً.
وفي العام ١٩٠٥ شمل التعداد جميع السكان بحدود سورية المتعارف عليها وقت ذاك، والمختلفة عن الحدود الحالية.
وفي العام ١٩٤٧ كان الهدف من تعداد السكان هو تنظيم النفوس، لكن الأهم فيما يخص النفوس تحديداُ هو ما جرى عام ١٩٢٢ من تعداد للسكان حيث ما زالت سجلات هذا العام لغاية الآن هي المعتمدة بالمفهوم العلمي الدقيق المتعارف عليه بحدود الجمهورية العربية السورية.
وأوضح القش أن أول تعداد رسمي للسكان كان عام ١٩٦٠، وهذا التعداد نعتد بنتائجه وهي موجودة بين أيدينا ويستند إليها اليوم في المقارنات، وقراءة السياسات التي لها علاقة بالسلاسل الزمنية لمعرفة التطور. لافتاً إلى أنه تلا تعداد الستين أربعة تعدادات رسمية جرت في أعوام ١٩٧٠ – ١٩٨١ – ١٩٩٤و٢٠٠٤، حيث كان العام ٢٠٠٤ آخر تعداد رسمي في سورية ونتائجه معتمدة، وتستخدم بالمقارنات، سواء فيما يخص السكان، أو الدخل، أو الإنتاج، أو الحسابات القومية. والملاحظ أن التعدادات الرسمية كانت تتم كل عشر سنوات ما لم يحدث أي طارئ يؤخرها، لأن بيئة التعداد تتطلب وجود عوامل الاستقرار، والكثير من القضايا والترتيبات التي تسمح بالوصول إلى المعلومة بشكل دقيق.
وقال رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان إنه كان من المفترض أن يجرى التعداد العام للسكان في العام ٢٠١٤ لكن ظروف الحرب العدوانية على بلدنا، حالت دون ذلك، رغم الاستعداد وتجهيز كافة الوسائل والأدوات للتنفيذ من قبل المكتب المركزي للإحصاء وجميع المعنيين بمؤسسات الدولة، وبالتالي فلا بد من وقوع إشكاليات اثناء التنفيذ بسبب الظروف غير المناسبة، مؤكداً أن الاستعداد ما زال قائماً ليعاد النظر بالتحضير لتعداد سكاني نظراً لوجود تقنيات ووسائل متطورة يمكن لها أن تساهم وتساعد في إجراء التعداد.
وأضاف القش من وجهة نظر ثانية، أن كثيراً من الدول بدأت تستغني عن التعداد، بعدما انتظمت سجلاتها وانتظمت حركتها بما يسمى” البطاقة السكانية”، فكل فرد له منذ البداية بطاقة سكانية مسجلة.
وبالنسبة لنا كمجتمع سوري وقبل أن نأتي إلى البطاقة السكانية، فإن ذلك يتطلب تنظيم سجلات النفوس وتعداد شامل للسكان، حيث كان يجري الحديث في سورية حول البطاقة السكانية خلال عام ٢٠٠٨ من خلال العمل على موضوع النفوس من ناحية الأتمتة، وبدء العمل على سجلات معينة بإبطال بيانات انتهى العمل بها ولم يعد لها لزوم،
بمعنى أنه سوف يكون هناك تناغم بعد تنظيم النفوس بين تعداد عام ٢٠٠٤ مع عام ٢٠١٤ مع النفوس لو سمحت الظروف بإجرائه، ما يجعل الاستغناء من التعدادات السكانية أمراً قائماً.