الثورة أون لاين- يمن سليمان عباس:
من جديد تعود قضية الأرض وتعود الزراعة إلى الواجهة بعد أن كانت قد تنحت جانباً وظن البعض أننا قادرون على الاستغناء عنها وفاتهم أن الأمن الغذائي هو أساس وركيزة استقرار لكل مجتمع.
ومع الحرائق التي كانت هذا العام بفعل العدوان من حقول القمح إلى الغابات وما سوف تكشفه التحقيقات نعود إلى استحضار الكثير من الوقائع التي رسختها تجارب الزراعة والعمل من قبل المزارع السوري عبر أجيال وأجيال.
أبناء القرى والأرياف يعرفون هذا وبعضهم عاشه نعني به قدرة المزارع على استثمار كل شبر وكل بقعة من الأرض والعمل على غرسها أو حراثتها وغير هذا حين كان يرى شجرة حراجية يمكن الاهتمام بها دون أن تشكل عائقاً للعمل يصونها ويحرسها.
وغير تلك الأشجار الحراجية ثمة ما تجود به الطبيعة من أشجار أخرى يمكن تدجينها بطريقة التطعيم فمن منا في الكثير من القرى لا يعرف البرقوق البري الذي يطعم ليكون خوخاً أو العرمط الذي يطعم ايضاً ليكون فاكهة ربما تكون في الساحل فقط تحمل اسم (المراب)..
وغير ذلك الكثير الكثير..
الأرض الخيرة تجود حينما تمتد يد العمل إليها وهذا ما يقوم به الفلاح السوري ولكنه بحاجة إلى الكثير من الدعم والرعاية من شق طرقات زراعية أو إقامة سدات مائية وغيرها.
أما حكاية البذور التي يجب أن تعود تماماً فلم يكن في القرى من يشتري بذور البندورة أو التبغ ولا الملفوف ولا الفجل ولا البطاطا.
كان كل فلاح يقوم بانتقاء أفضل الثمار واستخراج بذورها وصنع مساكب منها تعد للزراعة وهي ملك للجميع يأخذ كل محتاج منها فكم تبادل الفلاحون شتلات التبغ والبندورة وغيرها.
حتى غراس التفاح والزيتون كان يتم تبادلها تماماً.. لم تكن المشاتل قد بدأت وأخذت هذا الشكل.
اليوم كلنا يعرف أننا نستورد البذور بتكاليف عالية وثمار البذور التي نستوردها غير صالحة لاستخراج بذور منها هكذا تم استنباطها لتبقى مصدر ربح.. وفوق هذا ليست مهيأة للبيئة السورية ناهيك عما تنقله من أمراض زراعية لم نكن نعرفها.
اليوم نحن بحاجة ماسة لعودة انتقاء واصطفاء الفلاح بذوره مما ينتجه لا بد من العمل على ذلك.
وحتى المساحات التي احترقت كم هو جميل أن نستفيد من تجارب دول نقرأ أنها عمدت إلى نثر البذور فيها وغدت فيما بعد غابات.
لا تنقصنا الإرادة ولا المعرفة ولا الإقبال على العمل.. أرضنا ستعود خضراء من حقول القمح إلى البيارات وإلى كل ذرة فيها.. إرادتنا تصنع الحياة وخبزنا من قمحنا ونحن من أطعم العالم ذات يوم.