الصين تتقدم إلى المرتبة العالمية الأولى اقتصادياً.. كيف حدث ذلك؟

الثورة أون لاين- ترجمة: ميساء وسوف:
قدم صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي تقريراً قاسياً حول الاقتصاد العالمي والتحديات التي يمكن أن تواجهه مستقبلاً، لكن الحقيقة “الأكثر إيلاماً” في هذا التقرير والتي لا يريد الأمريكيون سماعها -وحتى عندما يقرؤونها سيرفضون قبولها أو الاعتراف بها- هي أن الصين أزاحت الآن الولايات المتحدة عن عرش الاقتصاد العالمي، لتصبح بكين أكبر اقتصاد في العالم لأول مرة.
ويُعتبر تقرير صندوق النقد الدولي “الأكثر دقة” لكونه أفضل مقياس منفرد لمقارنة الاقتصادات الوطنية، ويظهر هذا التقرير أن اقتصاد الصين أكبر سدساً من الاقتصاد الأمريكي (24.2 تريليون دولار مقابل 20.8 تريليون دولار أمريكي).
وعلى الرغم من أن هذا البيان قُدم من مصدرين موثوقين،( صندوق النقد الدولي ووكالة المخابرات المركزية CIA), فإن معظم الصحافة الأمريكية، باستثناء مجلة The Economist، (الايكونوميست) ، تواصل الإبلاغ عن أن الاقتصاد الأمريكي هو رقم 1 في العالم، إذن، ما الذي يحدث؟.
من الواضح أن قياس حجم اقتصاد الدولة أكثر تعقيداً مما قد يبدو عليه، والسبب أنه بالإضافة إلى جمع البيانات، فهو يتطلب تحديد مقياس مناسب تقليدياً، الاقتصاديون استخدموا مقياساً يسمى MER (أسعار صرف السوق) لحساب الناتج المحلي الإجمالي.
ويعتبر الاقتصاد الأمريكي بمثابة الأساس، ما يعكس حقيقة أنه عندما تم تطوير هذه الطريقة في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية، فقد شكلت الولايات المتحدة ما يقرب من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أما بالنسبة لاقتصادات الدول الأخرى، تجمع هذه الطريقة جميع السلع والخدمات التي ينتجها اقتصادها بعملتها الخاصة، ثم تحول ذلك الإجمالي إلى الدولار الأمريكي “بسعر صرف السوق” الحالي.
من المتوقع أن تصل قيمة جميع السلع والخدمات المنتجة في الصين هذا العام إلى 102 تريليون يوان بعد تحويله إلى الدولار الأمريكي بسعر سوق يبلغ 7 يوان لكل دولار، وسيكون الناتج المحلي الإجمالي للصين 14.6 تريليون دولار مقابل الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة البالغ 20.8 تريليون دولار.
على مدى العقد الماضي، طورت وكالة المخابرات المركزية وصندوق النقد الدولي مقياساً أكثر ملاءمة لمقارنة الاقتصادات الوطنية، وهو ما يسمى PPP (معادلة القوة الشرائية). كما يوضح تقرير صندوق النقد الدولي، فإن تعادل القوة الشرائية “يقضي على الاختلافات في مستويات الأسعار بين الاقتصادات”، وبالتالي تقارن الاقتصادات الوطنية من حيث المقدار الذي يمكن لكل دولة أن تشتريه بعملتها الخاصة بالأسعار التي تباع بها. فبينما يجيب مؤشر MER عن المبلغ الذي سيحصل عليه الصينيون بالأسعار الأمريكية، يجيب PPP على مقدار ما يحصل عليه الصينيون بالأسعار الصينية.
وتوضح وكالة المخابرات المركزية قرارها بالانتقال من سعر الصرف السوقي إلى تعادل القوة الشرائية في تقييمها السنوي للاقتصادات الوطنية -والمتوفر على الإنترنت في كتاب “حقائق وكالة المخابرات المركزية”– أن “الناتج المحلي الإجمالي بسعر الصرف الرسمي [MER GDP] يقلل بشكل كبير من المستوى الفعلي للإنتاج الصيني مقابل بقية العالم”. وبالتالي، من وجهة نظره، فإن تعادل القوة الشرائية “يوفر أفضل نقطة انطلاق متاحة لمقارنات القوة الاقتصادية والرفاهية بين الاقتصادات”. ويضيف صندوق النقد الدولي كذلك أن “معدلات السوق أكثر تقلباً ويمكن أن يؤدي استخدامها إلى تقلبات كبيرة جداً في مقاييس النمو الإجمالية حتى عندما تكون معدلات النمو في البلدان الفردية مستقرة”.
باختصار، كان المعيار القياسي الذي اعتاد معظم الأمريكيين على إظهاره أن الاقتصاد الصيني أصغر بمقدار الثلث من الولايات المتحدة، لكن عندما يدرك المرء حقيقة أن دولاراً واحداً في الصين يشتري ما يقرب ضعف ما يشتريه في الولايات المتحدة، فإن الاقتصاد الصيني اليوم هو أكبر بمقدار السدس من الاقتصاد الأمريكي. إذاً في العالم الحقيقي، فإن الناتج المحلي الإجمالي للدولة هو الأساس الذي تقوم عليه قوتها العالمية.
على مدار العقود الماضية، ونظراً لأن الصين أنشأت أكبر اقتصاد في العالم، فقد حلت محل الولايات المتحدة كأكبر شريك تجاري لكل دولة رئيسية تقريباً (في العام الماضي فقط أضافت ألمانيا إلى تلك القائمة).
لقد أصبحت الصين أكبر ورشة للتصنيع في العالم، بما في ذلك أقنعة الوجه وغيرها من معدات الحماية كما نشهد الآن في ظل انتشار فيروس كورونا. وبفضل النمو المزدوج في ميزانيتها الدفاعية، غيرت الصين قواتها العسكرية بثبات أرجوحة القوة في النزاعات الإقليمية المحتملة، ولاسيما حول تايوان. وفي هذا العام ستتفوق الصين على الولايات المتحدة في الإنفاق على البحث والتطوير، ما يقود الولايات المتحدة إلى “نقطة تحول في البحث والتطوير” والقدرة التنافسية المستقبلية.

بحسب تقرير صندوق النقد، من المتوقع أن تعاني معظم الدول الكبرى من ركود عميق هذا العام، يتراوح من انكماش بنسبة 4٪ في أمريكا وحوالي 10% في بريطانيا. وهذا يبلغ ضعف عمق الانكماش الذي عانت منه في عام 2009 ، في أعقاب الأزمة المالية العالمية. ومن بين أكبر الاقتصادات التي من المتوقع نموها هي الصين فقط. أما الهند التي كان من المتوقع أن تنمو في نيسان بنسبة 1.9% في 2020، فمن المتوقع الآن أن تتقلص بنسبة 10.3%.
تقول مجلة (ايكونوميست) أنه كما يعاني بعض المرضى في هذه الأيام من تأثيرات طويلة الأمد لفيروس كوفيد-19، فإن الاقتصاد العالمي أيضاً سيعاني من ضرر دائم. ويعتقد صندوق النقد أنه حتى بحلول عام 2025 سيكون الناتج المحلي الإجمالي العالمي للفرد أقل مما كان متوقعاً في بداية العام، فالبلدان الفقيرة سوف تتخلف عن الركب، ومن المتوقع بعد خمس سنوات من الآن، أن يبلغ النمو العالمي 4.7% فقط، ليسجل تراجعاً تاريخياً غير مسبوق.
المصدر The National Interest

آخر الأخبار
قلعة حلب .. ليلة موعودة تعيد الروح إلى مدينة التاريخ "سيريا بيلد”.  خطوة عملية من خطوات البناء والإعمار قلعة حلب تستعيد ألقها باحتفالية اليوم العالمي للسياحة 240 خريجة من معهد إعداد المدرسين  في حماة افتتاح معرض "بناء سوريا الدولي - سيريا بيلد” سوريا تعود بثقة إلى خارطة السياحة العالمية قاعة محاضرات لمستشفى الزهراء الوطني بحمص 208 ملايين دولار لإدلب، هل تكفي؟.. مدير علاقات الحملة يوضّح تطبيق سوري إلكتروني بمعايير عالمية لوزارة الخارجية السورية  "التربية والتعليم" تطلق النسخة المعدلة من المناهج الدراسية للعام 2025 – 2026 مشاركون في حملة "الوفاء لإدلب": التزام بالمسؤولية المجتمعية وأولوية لإعادة الإعمار معالم  أرواد الأثرية.. حلّة جديدة في يوم السياحة العالمي آلاف خطوط الهاتف في اللاذقية خارج الخدمة متابعة  أعمال تصنيع 5 آلاف مقعد مدرسي في درعا سوريا تشارك في يوم السياحة العالمي في ماليزيا مواطنون من درعا:  عضوية مجلس الشعب تكليف وليست تشريفاً  الخوف.. الحاجز الأكبر أمام الترشح لانتخابات مجلس الشعب  الاحتلال يواصل حرب الإبادة في غزة .. و"أطباء بلا حدود" تُعلِّق عملها في القطاع جمعية "التلاقي".. نموذج لتعزيز الحوار والانتماء الوطني   من طرطوس إلى إدلب.. رحلة وفاء سطّرتها جميلة خضر