الثورة أون لاين – عمار النعمة:
ضمن سلسلة الدراسات من اتحاد الكتاب العرب صدر كتاب حمل عنوان (يراع الشعر وشراعه – دراسات في القيم الأدائية والتعبيرية والجمالية) للكاتب عبد الفتاح محمد ب137 صفحة من القطع الكبير .
ضمّ الكتاب بين دفتيه سبع مقاربات كان مدارها مجموعات شعرية لأدباء معاصرين هم : بدر الدين الحامد.. وعبد القادر الحصني.. ومحمد عدنان قيطاز.. وحسان عربش.. وعبد الوهاب الشيخ خليل.. وسليمان غزال.. ومصطفى عبد الفتاح .
أما المدخل فقد اشتمل على مقاربة لعوالم الشعر خيالاً ونبضاً ، وعبقرية لغة ، ومشبوب عاطفة ، وتفتح أزاهير الروح ، وثقافة أصيلة ، كما تم استعراض تعريفات متعددة قاربت الشعر ، فيها كلام على أثر الوزن والقافية ، وعلى اللغة المنبثقة المنعشة التي تسمو على لغة التواصل ، وعلى الفضاء الشعري الذي تتلاقى فيه مكونات الزمان والمكان ، والرمز والأشكال ، والأحوال والتحولات .
عَرض المدخل لأوليّة الشعر وسبقه الزماني عند العرب ولديمومته واستمراريته ، ولمنزلته وأثره في النفوس ، ولأثره في اللغة ، كما عرّج فيه على صلة الشعر بالروح في استمتاعها به ، وسكنها فيه ، وإيماضها مع صوره ، وتفتحها مع شكله ويقظتها وقصيدتها .
كما عرض لمنظومة القيم التي تحملها المرسلة اللغوية ، من قيمة تعبيرية هي عنصر أساس في تشكيل الأداء الشعري ، ومن قيمة فنية فيها الإمتاع والإحساس بالجمال والتذوق لروائع الأداء ، ومن قيمة جمالية يحكمها تقويم الذوق وتصاحبها اللذة النزيهة وتبنى على التلاؤم والتوازن والتناسق .
أما الدراسات السبع فهي مقاربات لتجارب شعراء معاصرين سبعة بتناول أعمال محددة فهي تنطلق من فرضية أن الأدب هو عمل باللغة قبل أي شيء آخر بوصفها حصيلة تُمتلك ، وعملاً تعبيرياً منجزاً للبراعة فيه ساعد ، وللموهبة فيه نصيب ، وللخيال فيه قسمة وللفن فيه أسهم ، وللثقافة فيه علامات ، وهذه العوامل تمنح التجربة جانباً مهماً من الخصوصية ، وهذه المقاربات عينها على اليراع بوصفه مبدعاً ، وعلى الشراع بوصفه إبداعاً منجزاً ، وعينها على أبرز السمات والعوامل التي تتبدى فيها ومنها خصوصية التجربة :
فالشعر في ديوان بدر الدين الحامد مثلاً قيثارة فن وجمال ، وغناء وبكاء ، تنهل من معين الشعر ، ومن بحة ناي ، ومن اهتزاز وتر ومن إيقاع دفٍ ، ومن حميمية صحب ، وقد شكلت الغنائية عامة وخاصة ظاهرة أسلوبية متجذرة في شعره ، وهذا يفسر شيوع مفردات من عالم الموسيقا والغناء بدلالالتها الأصيلة والمنزاحة .
والشعر عند عبد القادر الحصني في (ينام في الأيقونة ) قصيدة يستعذب تردادها ويراد منها روحها ، هي أغنية بكلامها البعيد ، وضجيجها الثقيل ، وهرجها المستفيض وصمتها المبهوت … وقد انتهج الشاعر سمات أدائية اسلوبية تعبيرية كانت علامات فارقة في ديباجته ، فقد أكسب نصوصه قدراً من الممانعة قد تكون معها الغلالة شفيفة ، وقد تكون ثخينة تغدو معها الممانعة متحديةً.
أما الشعر لدى محمد عدنان قيطاز في (ملكوته حبه) هو نشيد شباب ، وأهزوجة وطن ، ودعوة للظامئين ، وهو ألحان شجية ، وعطور عبقرية ، وسلاف وشهد ، والشاعر في تجربته نفس شاعرة ، متسامية’ صادقة الرثاء ، موسومة بجرح الإباء .
كذلك الشعر لدى حسان عربش في (اعترافه) هو ياسمين الكلام ، والحلم الجميل ، وهو همّ ، وعشق ورؤى ، تمضي تجربة حسان في البحث عن خصوصية منشودة ، من سماتها لغة قريبة المأخذ ، سهلة التسلل إلى عوالم المتلقي ، تنعتق من الديباجة الرسمية وموضوعاته تدور في الإنسان والمكان .
والشعر في ديوان (أشجان وأحزان) لسليمان محمد غزال لغة فيها رشاقة وموسيقا هي عزف على قيثارة القلب ، وصور معجونة بوميض الأحداق ، وروح تتفتح شكلاً وشاهد على العصر بما فيه من أفراح وأتراح .
وفي الختام فإن الشعر في ديوان (عبير الهدى) للطبيب الأديب مصطفى عبد الفتاح هو على الإجمال : لغة ميسرة موحية ، ومعلومة بسيطة سهلة ، وموسيقا عذبة طيعة ، مع إشاعة أجواء من البهجة والفرح ، والتفاؤل والأمل والنور والعطر ، والجلال والجمال