كيف ننظر إلى أنفسنا بين الحين والآخر… وكيف يكون رضانا عن تلك الذات التي خُلِقت على أنها إنسانية …؟؟!!
تصدعات، واختلاف المستويات الإنسانية تجعل المشهد مربكاً وشائكاً، وكثيراً ما يكون مؤلماً، وتخلق فراغاً عند شعوب باتت فريسة التطرف والفكر الوهابي، وربما الفكر العالمي الوحشي – من أجل الدّقة – والفشل في إحداث تغيير إيجابي، والاحتماء بعباءة الإنسان السلبي والانكفاء على الذات، كل ذلك يجعل من الشعوب عاجزة لا تجد قوت يومها وزاد من انكسارها…
تطلعات الناس بحاجة إلى إنعاش روح الفكر والثقافة، واستخدام مصطلح إنعاش يؤكّد توافرهما، إنعاش بطرق ووسائل اتصال مبتكرة تتناسب مع أنماط الحياة المعتادة وليس الخارقة لتغيير الواقع الذي يدعو إلى الإحباط ويدفع للانكفاء.
النخبة من الثقافة والفكر لم يعد بإمكانهم التساؤل وتشريح الواقع، مهمتهم أكبر من ذلك بكثير، فلا بدّ من تقديم الحلول للإنسان المنكسر العاجز عن التفكير، وليس هناك أسهل من ذلك لأن هذا الإنسان سيرضى بطرق تفكير تضعه على السكة الصحيحة للانطلاق، وسيرضى بطرق تفكير تحلّ مشكلاته، ولن يعجز عن قبول فكركم لأنه وببساطة جرّب وتعرّض لمفرزات الفكر الذي أنتجه الفراغ ولم يُجدِ نفعاً، واختبر غيابكم عن الساحة بقصد أو بغير قصد …
الاختلاف الفكري لا يفسد للودّ قضية إذا ما صحت الآراء والأفكار، وبالتالي لا مبرّر لغياب النخب الثقافية عن الساحة الفكرية، فالمواطن والإنسان بأمس الحاجة إلى الانفتاح على الآخر حتى في حالة الاختلاف معه، لأنّنا هنا سنخلق فرصة لتوالد الأفكار ومعالجة أيّ خلل فكري وإزاحة البالي والرثّ والخطير منها…
للمثقف دور كبير سواء جهله أو تجاهله، والمجتمعات على مرّ العصور اعترفت بدور المثقفين والمفكرين والأدباء في تخليد عصورهم وحقبهم الزمنية ومساهمتهم في تطوّرها…لماذا نأتي اليوم على زمن نلغي فيه دور هذا المثقف من حياتنا…؟؟ وإذا لم نكن نحن من يلغيه، فلماذا يُقصي هؤلاء أنفسهم عن دورهم…؟؟ وإذا لم يكن لا هذا ولا ذاك، فأين يكمن الخلل في تفعيل دور المثقف كصمام أمان بمخزونه الفكري والثقافي ودوره في تغيير حياة الناس ونقلهم إلى مستويات أفضل وتمكينهم من مواكبة الحياة والمجتمعات.
التفكير الجمعي.. عنوان بسيط لاختزال كل ما تعانيه سورية من أزمات وآخرها الحرائق التي طالت اكتفاءنا وكفافنا الذاتي.. التفكير الجمعي أداة ووسيلة ونظام للخروج من أزمات متتالية تنال من صمودنا وتحاول تدمير المؤسسات وتشجّع الثقافة الاستهلاكية، وتمزّق ترابط الأنسجة المجتمعية بشكل ممنهج..
التفكير الجمعي أحوج ما نكون إليه في هذه المرحلة الصعبة، ويستلزم بالضرورة النخبة الفكرية والثقافية لممارسة دورها التنويري والارتقاء إلى مستوى الحضارة الإنسانية، فالفكر الحكيم الذي يساعد على تطوير وأنسنة الحياة وخلق فضاءات ومساحات لسدّ العجز الإنساني الفكري قبل العجز المادي هو فكر كوني لن يأتي منه أيّ بلاء ولن يدوم معه أيّ فكر تخريبي، لأن مساحات العقلاء تنثر بذرة الخير، والحكم المعرفي سنابل عطاء تعانق وجه الشمس .
رؤية -هناء الدويري