يغلب الحديث في هذا الوقت من العام عن موسم الزيتون وهواجس الأسعار وتصريف المنتج واستغلال حلقات الوساطة للمزارعين، وغيرها من المشكلات التي تواجه هذا المحصول الذي يعتبر استراتيجياً على مستوى القطر، وتحصد سورية موقعاً جيداً لجهة إنتاج المادة على المستوى الخارجي، ويبدو مبكراً الحديث عن حجم خسائر الموسم الحالي من كمية الإنتاج نتيجة تزامن الحرائق الأخيرة مع توقيت القطاف.
لكن لنذهب هذه المرة بعيداً عن هذه الإشكالات ونتحدث عن معاصر الزيت المتمركزة في مناطق زراعة الأشجار، وفي ظل الحاجة الماسة لوجودها وزيادة عددها واستثمارها بالشكل الأمثل من دون استغلال لحاجة الفلاح لابد أن نتحدث عن الآثار الضارة لمخلفات عملية عصر الزيتون، فثمة مواد تنتج عنها ثبت علمياً ومخبرياً بأنها ضارة بالبيئة والصحة، فهذه المخلفات إذا ما تم رميها بطريقة عشوائية تسبب ضرراً على الأشجار يساهم في تراجع الإنتاجية، كما أن المواد الناتجة تسبب حساسية للسكان في المناطق المجاورة، ناهيك عن موضوع شديد الأهمية هو تلوث المياه الجوفية وبالتالي عدم صلاحيتها للاستهلاك البشري.
وتشير المعلومات المتوفرة إلى وجود إجراءات وزارية دقيقة بخصوص معاصر الزيتون يجري العمل على تطبيقها لتتناسب مع معايير الجودة السورية لجهة الحفاظ على هذا المنتج بنقائه وتميزه للسوقين المحلية والإقليمية، نأمل أن يكون هذا الجهد موازٍ لرقابة مشددة من الجهات الحكومية وتعاون المجتمع الأهلي لمتابعة مخلفات معاصر الزيتون والوجهة التي تسير بها، والحرص على أن تكون عملية إنتاج واستثمار مادة الزيتون متكاملة، وبالتالي تحقيق فائدة ذات وجهين.
وأخيراً لا يمكننا أن نمر على ذكر موسم الزيتون من دون أن نعرّج على خصائص زيت الزيتون السوري، التي جعلته من أهم وأفضل الأصناف المنتجة عالمياً باعتباره زيت بكر يتمتع بصفات اقتصادية ممتازة سواء من جهة الرائحة التي تشبه رائحة البخور أو الطعم واللون والكثافة النوعية، وهي جميعها صفات وخصائص فيزيائية جعلت من الزيت السوري مطلوباً.
وهنا يحدونا الأمل بأن يحظى الموسم الحالي بفرص تصديرية تعود بالفائدة على المزارع والمنتج من دون أن تسهم بغلائه محلياً، وتساهم مع التعويضات الحكومية والأهلية في سد الخسائر الكبيرة لهذا العام.
الكنز – رولا عيسى