حروبٌ تحتَ الأرض .. انتقاماً من التاريخ “الحرب الأخرى”

الثورة أون لاين – د.مازن سليم خضور:

تناولنا في المقال السابق الذي كان بعنوان ” سرقة موصوفة” ضمن سلسلة الحرب الأخرى سلب مقدرات الشعب السوري من الثروات الباطنية وغيرها . وفي هذه المقالة نتابع ما بدأناه ولكن هذه المرة هي سرقة من نوع آخر وهي سرقة التاريخ ، و الحضارة من قبل تنظيم داعش الإرهابي والاحتلال الأميركي والتركي والإسرائيلي وأدواتهم .
ما تعرضت له سورية لايعتبر فقط خسارة إنسانية ومادية فحسب ، بل تعرض العالم معها إلى ماسمي نكبة حضارية كبرى تجلت بفقدان العديد من الآثار ومعالم التراث ، ويرى بعض الخبراء أن أثاراً تعود لمئات الألاف من السنين موجوده على الأرض السورية مهددة هي الأخرى بالتدمير أو السرقة ، فقد طالت الحرب المستمرة منذ العام 2011 مئات المواقع الآثرية ، دمر بعضها وألحقت أضراراً ببعضها الآخر في كارثة ثقافية إنسانية لا تعوض ، فسورية تعتبر متحفاً مفتوحاً نظراً لما تحتويه من آثار تعود إلى حضارات مختلفة وأوابد متنوعة ، إضافة إلى عشرات الكنائس والمساجد والقصور التاريخية وبالتالي الإنسانية تخسر ألاف السنين من إرثها .
تبادلت قوى العدوان الأدوار في تدمير التاريخ والحضارة السورية فما بدأه تنظيم داعش الإرهابي أكمله الإحتلال الأميركي والتركي والإسرائيلي .
اعتمدَ تنظيمُ داعش الإرهابي أبرز الحركات الإرهابية ظهوراً في الأحداثِ السورية منهجاً من خلالِ الأعمال الإرهابية والوحشية التي ارتكبها وفجّر التنظيم الإرهابي العديد من الأبنية والأضرحة والمعالم الحضارية ، لاسيما في تدمر درّة البادية السورية والتي تعتبر معلماً حضارياً عالمياً ، وكان تنظيم داعش قد دمّر معبدي بعل شمين وبل وأسد أثينا الشهير ، الذي كان موجوداً عند مدخل متحف تدمر ، وهما المعبدان اللذان يعودان للعصرِ الروماني ، ويقعان ضمنَ مواقع التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) ، ويعتبر «الإله» بعل شمين «سيد السماوات وإله الخصب والمطر» في تدمر ، ويعتبر معبده الوحيد من نوعه الذي بقي محافظًا على شكله الأصلي كما بُني في بداية القرن الأول الميلادي .
وجاء تدمير المعبد بعد أيام من إعدام التنظيم عالم الآثارِ السوري خالد الأسعد وهو ما اعتبرته اليونسكو جريمة حرب جديدة وخسارة هائلة للشعب السوري والبشرية ، لاسيما أنه جاء بعد ساعات قليلة من تلقي اليونسكو تقارير عن عمليات إعدام جماعية في المسرح تظهر أن التطهير الثقافي الذي يقوده متطرفون يستخدمون العنف يسعى إلى تدمير حياة البشر والآثار التاريخية بهدف حرمان الشعب السوري من ماضيه ومستقبله.
كما هدم التنظيم دير «مار إليان» التابع للسريان الكاثوليك في مدينة القريتين التابعة لمحافظة حمص ، والذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الخامس الميلادي .
أما من ناحية الاحتلال التركي فقد كثرت الانتهاكات والتجاوزات التركية بحق الحضارة السورية لاسيما في منطقة عفرين بريف حلب ، حيث قامت عبر أدواتها بتجريف التلال الأثرية الواقعة في سهل عفرين للتنقيب عن الكنوز واللقى الأثرية التي تختزنها هذه التلال والتي يعود تاريخها إلى آلاف السنين ، ما أدى إلى دمار الطبقات الأثرية وتحطيم صفحات مضيئة من تاريخ وحضارة الشعب السوري” .
ومعظم الاعتداءات جرت في مواقع عفرين الأثرية المسجلة على قائمة التراث الوطني ، ومن بينها (تل برج عبدالو) و (تل عين دارة) و (تل جنديرس) و (موقع النبي هوري) ، حتى سد عفرين الأثري ، والذي يعدّ تمثالاً وقطعةً أثرية نادرة تعرض للقصف من قبل الجيش التركي .
كذلك تمثال الأسد المعروف المتواجد في المنطقة لم يعد موجوداً في المنطقة .
هدف الأتراك لم يختلف عن هدف العدو الإسرائيلي في طمس الحقائق وتزوير التاريخ لاسيما أن ” إسرائيل” متورطة في سرقة الآثار السورية ، ووفقاً لتقارير صحفية فإن الحكومة السورية اتهمت الكيان الصهيوني، بإجراء عملية سرية بالتعاون مع تركيا لتهريب آثار قديمة من معبد يهودي بالقرب من دمشق ، واتهم في شكوى رسمية قدمها مندوب سورية السابق بشار الجعفري إلى مجلس الأمن الدولي بالأمم المتحدة، اتهم الكيان الإسرائيلي وتركيا بالتعاون مع “الجماعات الإرهابية” في نهب آثار ثمينة من معبد جوبر البالغ عمرها 2000 عام .
بالإضافة إلى أنه يقدر عدد المواقع الأثرية في الجولان بما يزيد عن 110 موقع أثري معروف ، وكثيراً ماكان يتعامل مع المواقع الأثرية بهمجية مستخدما الآلات الثقيلة في جرف معظمها معرضاً إياها للتخريب و التلف .
المواقع التي تواجد فيها الاحتلال الأميركي لم تسلم أيضاً من سرقة الآثار بالإضافة لعمليات تنقيب وسرقة منظمة التي تعرضت لها المواقع الأثرية ، حيث بدأ الجيش الأمريكي بالتعاون مع تنظيم «قسد» وخبراء أجانب من جنسيات مختلفةعمليات بالتنقيب بالقرب من جبل عبد العزير في الحسكة ، وذلك بهدف سرقة الآثار والكنوز السورية في المنطقة ، لاسيما في المواقع الأثرية ضمن قرية الغرة ، وأهمها مسجد الشيخ عبد العزيز الأثري القديم ، وموقع “البرغوث ” ، آثار القلعة القديمة” ، وفي موقع العلاجة “نبع المياه والكنيسة القديمة”.
بالإضافة لعدد من المواقع والتلال الأثرية في الحسكة التي تعرضت لتعديات ، تضمنت حفريات بأدوات بدائية وبالتالي التخريب مثل موقعي قبة منصور والمدينة الأثريين في الريف الشرقي لمدينة الحسكة وتل طابان الأثري ، وموقع تل عجاجة الأثري و التلال المحيطة بالتلال الأثرية في تل طابان وتل تنينير وقلعة سكرة جنوب غرب مدينة الحسكة وتل الشدادي ، أما في منبج تركز التنقيب فى جبل “أم السرج” ، الغنى بمحتوياته الأثرية ، وعلى كم هائل من الكنوز الأثرية ، ومنها القلعة وسور المدينة ، ومركز الكنيسة السريانية الآثرية والتى تعرض للتخريب ، بالإضافف إلى مناطق أخرى جرفتها آليات القوات الأمريكية .
بعد ما طرحناه من سرقة واستهداف للتاريخ والحضارة السورية مالعمل وهل نكتفي بالإدانات .. الإدانات لا تكفي لقد أدانت الجهات الحكومية والرسمية ومنظمات المجتمع المدني وحتى المنظمات الدولية استهداف المعالم والمواقع الأثرية والثقافية ، وهذا جيد لكن المطلوب توثيق جميع التعديات على المواقع الأثرية في سورية .
والسعي قدر المستطاع في مكافحة عمليات التنقيب والتهريب وطالما لدينا الوثائق والأدلة والمرجعيات الحاسمة في إثبات ملكيتنا لهذه الآثار فإن الدول والمنظمات ملزمة وفقاً لاتفاقيات دولية بالتعاون مع الحكومة ووفق المواثيق الدولية فإن واجب هذه المنظمات وواجب هذه الدول أن تعمل على إعادة هذه الآثار ، ومنع تداولها ، ومكافحة تهريبها وعرضها في المتاحف العالمية . بالإضافة لوجوب تبني قرارا للأمم المتحدة بحظر الاتجار بالآثار السورية المسروقة، والهدف تجفيف مصادر تمويل التنظيمات المتشددة المسلحة
بالنهاية هو تراث وطني ، تراث لكل السوريين بل هو تراث عالمي .. وبالتالي ذاكرة مشتركة وهوية مشتركة لكل السوريين ، وأيضا جزء من التراث العالمي يجب المحافظة عليه ممن لا يمتلكون التاريخ وممن تربى على الحقد والقتل والتدمير .. فهل ننتبه لهذا المخطط الذي يستهدف تراثنا وحضارتنا ؟
وهل سنتخذ الخطوات الكفيلة بحفظ آثارنا من التلف والضياع وسرقة هذا التراث الذي يعتبر تاريخ البشرية ، وملك الأجيال المقبلة

آخر الأخبار
وزير الطوارئ رائد الصالح.. توقف النيران وبدء مرحلة التبريد.. لن نغادر قبل إخماد آخر شعلة نار ماجد الركبي: الوضع كارثي ويستدعي تدخلاً دولياً فورياً حاكم مصرف سورية المركزي: تمويل السكن ليس رفاهية .. وهدفنا "بيت لكل شاب سوري" عمليات إطفاء مشتركة واسعة لاحتواء حرائق ريف اللاذقية أهالي ضاحية يوسف العظمة يطالبون بحلّ عاجل لانقطاع المياه المستمر الشرع يبحث مع علييف في باكو آفاق التعاون الثنائي حافلات لنقل طلاب الثانوية في ضاحية 8 آذار إلى مراكز الامتحان عودة ضخ المياه إلى غدير البستان بريف القنيطرة النقيب المنشق يحلّق بالماء لا بالنار.. محمد الحسن يعود لحماية جبال اللاذقية دمشق وباكو.. شراكات استراتيجية ترسم معالم طريق التعافي والنهوض "صندوق مساعدات سوريا" يخصص 500 ألف دولار دعماً طارئاً لإخماد حرائق ريف اللاذقية تعزيز الاستقرار الأمني بدرعا والتواصل مع المجتمع المحلي دمشق وباكو تعلنان اتفاقاً جديداً لتوريد الغاز الطبيعي إلى سوريا مبادرات إغاثية من درعا للمتضررين من حرائق غابات الساحل أردوغان يلوّح بمرحلة جديدة في العلاقة مع دمشق.. نهاية الإرهاب تفتح أبواب الاستقرار عبر مطار حلب.. طائرات ومروحيات ومعدات ثقيلة من قطر لإخماد حرائق اللاذقية عامر ديب لـ"الثورة": تعديلات قانون الاستثمار محطة مفصلية في مسار الاقتصاد   130 فرصة عمل و470 تدريباً لذوي الإعاقة في ملتقى فرص العمل بدمشق مساعدات إغاثية تصل إلى 1317 عائلة متضررة في ريف اللاذقية" عطل طارئ يقطع الكهرباء عن درعا