الحرب في إثيوبيا والتهديد بابتلاع القرن الإفريقي

الثورة أون لاين – ترجمة – ختام أحمد:

الحرب الأهلية المستمرة منذ أسبوعين وأكثر في إثيوبيا تثير قلق إريتريا المجاورة ، فقد خاض البلدان في السابق حرباً حدودية استمرت عامين (1998- 2000) أسفرت عن مقتل 100 ألف شخص ، لكن الآن وفي منعطف غريب تقف الحكومة المركزية الإثيوبية في أديس أبابا إلى جانب إريتريا لشن حرب ضد شعبها في منطقة تيغراي الشمالية ، كما طلبت الحكومة المركزية الإثيوبية من جنوب السودان نشر 4000 جندي لتعزيز قواتها في الهجوم ضد تيغراي . واعترف قادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بإطلاق عدة صواريخ على المطار في أسمرة ، عاصمة إريتريا ، خلال عطلة نهاية الأسبوع ، وعلى ما يبدو لم تقع إصابات ، لكن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي قالت إن المطار هدف مشروع لأنه يستخدم لإرسال طائرات حربية تابعة للقوات الفيدرالية الإثيوبية لمهاجمة تيغراي ، وتعرضت المراكز المدنية في ميكيلي ، عاصمة إقليم تيغراي لقصف جوي .
وأدانت واشنطن الهجوم على أسمرة ووصفته بأنه “غير مبرر” لكنها لم تدن الضربات الجوية على تيغراي .
ويقول زعماء تيغراي إنهم يخوضون حرباً على جبهتين : ضد القوات الفيدرالية الإثيوبية القادمة من الجنوب ، وضد الجيش الإريتري الذي يعبر الحدود إلى الشمال .
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد رفض نداءات الأمم المتحدة لإجراء مفاوضات سلام ، واتهم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بالخيانة والإرهاب ، ووصف هجومه على المنطقة التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة ب “عملية القانون والنظام” ، وهذا يتناقض مع سياسة تكتيكات الحصار الصارخ والعقاب الجماعي ضد السكان المدنيين ، وانقطعت الكهرباء والمياه عن المنطقة بعد أن قصفت طائرات أبي الحربية محطة للطاقة الكهرومائية الأسبوع الماضي في تيكيزي وتيغراي ومصنعاً للسكر .
إن قصف قوات آبي لمراكز مدنية يرقى إلى جرائم حرب وإرهاب دولة ، وبالرغم من كل هذا ، حصل آبي على جائزة نوبل للسلام العام الماضي ، وقامت وسائل الإعلام الغربية بتلميع صورة آبي على أنه “مصلح ليبرالي” ، وحصل آبي على جائزة صنع السلام المفترض مع إريتريا بعد فترة وجيزة من توليه رئاسة وزراء إثيوبيا في نيسان 2018 .
( إن وصول آبي إلى السلطة يكتنفه الغموض ) بما في ذلك الصفقات السياسية التي ظهرت لاحقاً ، ومن الأعمال المثيرة للفضول التي قام بها آبي هي الإفراج عن الديكتاتور الإريتري أسياس أفورقي ، ولا أحد يعرف سوى القليل عن الاتفاقات التي دارت بينهما ، حيث لم يتم نشر أي تفاصيل حول التسوية السلمية المزعومة ، وآبي الذي ينحدر من جماعة أورومو العرقية ، لم يستشر أبداً شعب تيغراي بشأن ما ناقشه مع أفورقي ، على الرغم من أن سكان تيغراي هم الذين عانوا من وطأة حرب الحدود 1998-2000 ، وكان هناك شعور قوي بأن آبي يبرم صفقة تناسب مصالحه الخاصة ، ولكن من الناحية العملية ، فإن شعب تيغراي وإريتريا (كلاهما من عرقية تيغراي ولهما أصول عائلية مشتركة) ، لم يحصل أي تطبيع في العلاقات ، ولا تزال الحدود مغلقة ، وكذلك العائلات لا تزال ممنوعة من السفر لزيارة بعضها البعض ، ويشير هذا إلى أن جائزة نوبل لآبي كانت مصطنعة ومقصودة من قبل أمريكا من أجل بناء وتشكيل صورة دولية حميدة لآبي ، وكان التكريم مفيداً خلال الهجوم الأخير على تيغراي ، حيث تذكر وسائل الإعلام الغربية بجائزة نوبل التي حصل عليها ، إلى جانب مزاعمه بإجراء “عملية قانون ونظام” ضد “الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي الإرهابية” .
تمنحه نوبل مصداقية حيوية ، ومن دونها يمكن رؤية أفعاله بشكل أوضح على حقيقتها ، وتعتبر جرائم ضد الإنسانية، فمنذ تولي آبي السلطة ، دخلت إثيوبيا في اضطرابات واشتباكات عنيفة بين مجموعاتها العرقية المتعددة ، ووسائل الإعلام الغربية أعدت تقريراً أشارت فيه إلى أن الفوضى هي نتيجة “الإصلاحات” التي يقال عنها “رفعت الغطاء” عن التوترات الداخلية ، ولم يشرح الإعلام أبداً كيف أن هذه “الإصلاحات” بطريقة سحرية “ترفع الغطاء” عن التوترات .
إن ما ترقى إليه إصلاحاته هو تشكيل حكم الحزب الواحد تحت قيادته ، وقام العام الماضي بحل تحالف الأحزاب المعروف باسم الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية (EPRDF) لتشكيل حزب الازدهار تحت قيادته ، كان آبي سابقاً وزيراً للعلوم والتكنولوجيا في حكومة الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي ، وهو ما يتعارض مع الادعاءات بأن النظام القديم كان يميز فصيل الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي ، على أي حال ، رفض فصيل التيغراي الانضمام إلى حزبه الوحدوي الجديد ، ثم ألغى آبي الانتخابات المقرر إجراؤها هذا العام ، والحجة جائحة Covid – 19 ، واتهمته الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بالسعي إلى سلطات دكتاتورية ، ومضت قدماً في الانتخابات الإقليمية في أيلول ، يبدو أن هذا دفع آبي إلى إحكام معارضته لجبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي أخيراً . وكان استهداف أبي لجبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي مطروحاً منذ توليه السلطة قبل أكثر من عامين في الإدارات الإقليمية التسع في إثيوبيا ، وكان من السهل نسبياً عليه إقالة شاغلي المناصب واستبدالهم بأتباعه ، وتسبب هذا التعديل في الكثير من العنف بين الطوائف ، أو ما تشير إليه وسائل الإعلام الغربية بخجل على أنه “رفع الغطاء” عن التوترات .
لم يكن الأمر كذلك في منطقة تيغراي ، التي كانت دائماً قوية سياسياً وعسكرياً ، ولطالما اشتبه أهل تيغراي في أن آبي هو شخصية حصان طروادة هدفه إضعاف الاستقلال السياسي والاقتصادي لإثيوبيا من أجل إعادة تنظيم الدولة المهمة استراتيجياً بعيداً عن الشراكة مع الصين ، لتكون منفتحة على رأس المال الغربي ، وتقول مصادر إثيوبية إن آبي جندته وكالة المخابرات المركزية عندما عمل في السابق برتبة مقدم في المخابرات العسكرية ، واتصل بنظرائه الأمريكيين قبل الانتقال إلى السياسة .
ومن المفارقات أنه يتهم معارضة التيغراي بالخيانة ، هذه هي الخلفية الجيوسياسية لاندلاع الحرب في إثيوبيا ، حيث تهدف واشنطن إلى فصل إثيوبيا عن خطط الصين للتنمية الاقتصادية العالمية المعروفة باسم “طرق الحرير الجديدة” .
ومع ذلك ، فإن ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان تنغمس في حرب كارثية تهدد أيضًا بابتلاع القرن الأفريقي ، إنها جغرافية سياسية للأرض المحروقة .
بقلم فينيان كننغهام
Strategic Culture

آخر الأخبار
طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران