في البعد الشعبي والمواجهة المفتوحة…

ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

بعد تغييبه لعقود تعددت فيها مفاهيمه وأدواره، وأحياناً مبرراته وذرائعه، يعود الحديث عن البعد الشعبي العربي في مواجهة العدوان والدفع ببوصلة التوجهات السياسية،
رغم بقاء كم لا ينتهي من المسوغات السياسية والإعلامية التي تؤطرها منظومة العمل الرسمي العربي، في علاقة تشتبه فيها المسوغات مع الحقائق، وتميل إلى فرض أحادية نافرة.‏

فالمعادلات السياسية التي كانت قائمة عبر تلك العقود طوت الحضور الشعبي أو تجاوزته، بل حاولت تشويهه، واعتبرته شكلاً من أشكال التزييف للواقع، فأنجزت حراكاً عربياً في كثير من الدول وأعطته لوناً واحداً، غلبت عليه الجوانب المطلبية البعيدة نسبياً عن المطالب والتوجهات السياسية والوطنية، ثم سرعان ما تم استيعابها في سياق نسق من التضليل المتعمد، الذي أقصاه إلى حد بعيد عن كل مقتضيات الدور والوظيفة، أو هكذا كان الاعتقاد!!‏

على هذه القاعدة كان الرهان أن الاستباحة السياسية والإعلامية سارية المفعول بوجوهها المختلفة، وأنها تنسحب أيضاً على ما يجري في المنطقة، حيث دخل المنطوق الشعبي في غيبوبة الانشغال بقضاياه الجزئية وحساباته الداخلية، وبدت آراؤه ومواقفه مغيبة عن الساحة الإعلامية مقابل اكتساح غير مسبوق لصورة نمطية، كان يراد لها أن تعمم.‏

وعلى هذه القاعدة أيضاً تم بناء افتراضات ردة الفعل الشعبي على أي عدوان قادم من منطلق التغييب القسري، أو في أقلها عدم تفاعله مع ما يجري، وبعضها بالغ في افتراضه لدرجة الجزم بأنه سيكون مواتياً ومنسجماً وربما مؤيداً ومتحمساً للعدوان وبعض التجارب ترجح ذلك، خصوصاً أنه مسبوق بقصف تمهيدي يتوافق مع التسويق لما يجري على أنه خلاف على أمور مطلبية، وقد يكون العدوان المشوه وسيلة للضغط وربما طريقاً لتحقيقها مباشرة.‏

هذا الأمر اصطدم على الأرض بظاهرتين جعلتا إمكانية الاستمرار في الافتراض مستحيلاً، الأولى تتعلق بهذا المد الشعبي المتسع المناهض والرافض للعدوان الذي يكاد يشمل الأرض العربية من أقصاها إلى أقصاها، فيعتق نفسه من الافتراضات ويشهر أوراقه الضاغطة بقوة بادية للعيان بصورة مفاجئة عمليا، والثانية ترتبط بالتفاعل مع هذا المد على المستوى السياسي، والذي يكاد أن يكون البوصلة التي تفرض الاتجاه السياسي وتحدد سبل المواجهة المفتوحة وتحوله إلى ورقة تكبر وتزداد قوة في صد العدوان.‏

وتطورت فيما بعد الحالة إلى أن شكلت في بعض مشاهدها الرافعة العملية للمواقف السياسية، وكانت السند الحقيقي للوقوف في وجه الضغوط التي تمت ممارستها من أجل لي ذراعها، ويبدو أنها قد تكون ورقة الرهان الحقيقي على التغيير الذي لا بد أن يترك بصماته بوضوح على مجرى الأحداث.‏

لا أحد ينكر أن الكثير من المعادلات الناشئة في السياسة الدولية كانت قد استبعدت من حساباتها الحضور الشعبي العربي، واعتبرته في أفضل حالاته عاملاً من عوامل التوظيف السياسي في خدمة تلك المعادلات، ولم تتردد في جزء منها من اعتباره مكوناً من مكوناتها، بل ويعمل وفق اتجاهها وسيرجح الكفة التي تريدها!!‏

لكنه اليوم يسجل موقفاً لافتاً يعيد ترتيب الأولويات، وقد يبدل في أطراف المعادلة القائمة وفق معيار الموقف من العدوان، رغم أن الحالة الشعبية الرافضة للعدوان لم تغب فعلياً في مختلف الأحداث، غير أنها عجزت في كل الحالات عن التأثير في الموقف السياسي وفي قرارات السياسة بالشكل الذي يغير مجرى الأحداث أو يعدل من اتجاه التطورات، فهل بمقدوره أن يفعل ما عجز عنه في الماضي؟.‏

من ناحية المبدأ تبدو العوامل الضرورية متوفرة، وهو مرشح لأن يقود هذا الدور وأن يكون في الواجهة، فيخلع عباءة الصورة النمطية التي التصقت به لوقت طويل، بل ثمة مؤشرات تقول ما هو أبعد من ذلك، بحيث يرجح الكفة باتجاه تطوير المواقف السياسية الرسمية، وهذا ما حصل بشكل جزئي حتى الآن.‏

الأهم أن تفاعله هذا نتاج واقع سياسي، أملته ظروف المواجهة القائمة التي فرض فيها الصمود السوري حضوره، وأخرج إلى العلن ما هو خارج الصورة الافتراضية، واستطاع ان يحرك رد فعل عربي ينتقل من مرحلة التفاعل الجزئي أو الحيادي إلى موقع التأثير، الذي سيكون أكثر وضوحاً خلال الأيام القادمة، وقد اجتاز الاختبار بطريقة لافتة، لجهة ترجمة حساسيته العالية تجاه أي عدوان ورفضه كما انعكس فيما تمثله سورية في الوجدان العربي، حين مسح إلى غير رجعة ما علق بالوضع من ضبابية، واستطاع أن يفرق مباشرة بين الحقيقة والأكاذيب.‏

كل ذلك يدفع إلى الجزم بأن المحور الذي يأخذه البعد الشعبي بين ما تشهده المنطقة وبين دوره ووظيفته، يطلق العنان لدور شعبي وجماهيري، يبعد عن الواجهة تكلس النظام العربي الرسمي، ويحول دون استمراره في تقديم الخدمات المجانية للعدو، مهما كان نوع العناوين وشكلها ومضمونها، وبالتالي يضع حداً نهائياً لهذه الصورة الصادمة التي مارستها مؤسسات النظام الرسمي العربي.‏

a.ka667@yahoo.com ‏

آخر الأخبار
٥ آلاف ميغا واط كهرباء تعزز الإنتاج وتحفز النمو  المعرض الدولي لقطع غيار السيارات.. رسالة نحو المنافسة باستخدام أحدث التقنيات   "صحة وضحكة" .. مبادرة توعوية لتعزيز النظافة الشخصية عند الأطفال من رماد الصراع إلى أفق المناخ.. فلسفة العودة السورية للمحافل الدولية  إنجاز دبلوماسي جديد لسوريا في مجلس الأمن  الرئيس الشرع  في قمة (COP30)  :  إرادة الشعوب قادرة على تجاوز كل التحديات مهما عظمت   "  الخارجية " لـ"الثورة".. مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة لرفع العقوبات  "روح الشام" دعم المشاريع الصغيرة وربطها بالأعمال الخيرية الشرع يشارك في فعاليات مؤتمر قمة المناخ (COP30) مصدر مسؤول في "الخارجية": لا صحة لما نشرته "رويترز" عن القواعد الأميركية في سوريا الرئيس الشرع يلتقي غوتيريش على هامش أعمال مؤتمر قمة المناخ (COP30) مبادرة "لعيونك يا حلب" تعيد تجهيز المقاعد المدرسية  الرئيس الشرع يجتمع مع وزير الخارجية الإيطالي على هامش(COP30)  العدالة البيئية كجزء من العدالة الوطنية.. رسالة الرئيس الشرع في COP30 صيانة شوارع السوق التجاري في مدينة درعا مضر الأسعد: "إسرائيل" تطمع في الأراضي السورية وانتهاكاتها ضغط سياسي ظاهرة التشرد في حلب تحت المجهر قفزة غير مسبوقة.. اتفاقيات بالجملة لـ"الطاقة" باستطاعة 5000 ميغاوات مجلس مدينة حلب و"المالية" يقرران تحديد ضريبة عادلة لمولدات "الأمبيرات" الرئيس البرازيلي يستقبل الشرع في قاعة انعقاد قمة المناخ “COP30