الثورة أون لاين – ناصر منذر:
واحد وثمانون عاما مرت على جريمة سلخ لواء إسكندرون عن وطنه الأم سورية، ومنذ ذاك الوقت لم يبارح اللواء السليب ذاكرة السوريين، وكلهم عزم وإصرار على استعادته، كما هو إيمانهم باستعادة الجولان السوري المحتل، فحقائق التاريخ والجغرافيا لن تمحوها مصورات جغرافية مزورة، أو سياسة الأمر الواقع التي فرضها الاستعمار الغربي في المنطقة، حيث تعرض السوريون في لواء اسكندرون قبل ثمانية عقود لحملات تضييق استمرت عشرات السنين من قبل الأنظمة التركية المتعاقبة، وتسببت في تهجير الكثير منهم بالتوازي مع نقل المحتل التركي آلاف الأتراك وتوطينهم في اللواء بهدف تغيير هويته ومعالمه وانتمائه السوري.
فجريمة سلخ اللواء السليب هي صورة صارخة عن استعمار تمادى في تفتيت واحتلال الدول وسلب الشعوب حريتها وخيراتها، حيث تعيد هذه الذكرى إلى الأذهان التاريخ الأسود لتركيا التي ضمت اللواء السليب إليها بشكل تعسفي وأخذته كنوع من الرشوة بموجب اتفاق ثلاثي مع الاحتلالين الفرنسي والبريطاني آنذاك مقابل وقوفها إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وهو ما يحاول اليوم نظام المجرم أردوغان تكراره من خلال احتلاله لأجزاء من الأراضي السورية في إدلب ومنطقة الجزيرة، ودعمه غير المحدود للتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها “النصرة وداعش”، وارتكابه العديد من المجازر بحق السوريين في أرياف حلب والحسكة راح ضحيتها آلاف المدنيين وذلك من خلال عدوانه المستمر على الأراضي السورية، فضلا عن مشاركته إرهابيي داعش والمحتل الأميركي في سرقة النفط والغاز والآثار السورية.
هذا ويقع لواء إسكندرون شمال غربي سورية ويطل على البحر المتوسط ممتداً على مساحة 4800 كم مربع ويسكنه اليوم أكثر من مليون ونصف المليون نسمة ولم تكن تبلغ نسبة الأتراك فيه عام 1920 أكثر من 20 في المائة ومن أهم مدنه: إسكندرون وأنطاكية والسويدية وأرسوز والريحانية وباياس، وقد خضع اللواء للاحتلال الفرنسي كباقي الأراضي السورية بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى.
بعد ثمانية عقود على جريمة سلخ لواء إسكندرون لايزال النظام التركي والدول الاستعمارية التي تواطأت معه في هذه الجريمة يتوهمون بأنها ستسقط بالتقادم، غير مدركين لحقيقة أن إرادة السوريين المتمسكين بكل ذرة تراب من أرضهم، هي الأقوى والقادرة على استعادة كل حقوقهم المشروعة في أرضهم وممتلكاتهم وثرواتهم، والسوريون الذين يواجهون اليوم أطماع وإرهاب العثمانيين الجدد، ينطلقون من قناعتهم الثابتة بأن اللواء السليب أرض عربية سورية لابد أن تعود إلى أصحابها مهما طال الزمن أو قصر، وأن كل سياسات التغيير الديمغرافي الذي فرضته أنظمة الاحتلال التركي المتعاقبة لم ولن تستطيع محو اللواء السليب من ذاكرة السوريين أصحاب الأبجدية الأولى في التاريخ، ومن علموا الإنسانية على مدى تاريخهم العريق الكثير من دروس الصمود والتضحية، فحقهم باللواء السليب لن يسقط بالتقادم.