الملحق الثقافي:رشا سلوم:
منذ أن استطاع الإنسان أن يجد الرسم التعبيري ليدون به وقائع الحياة بدأت مهنة الكتابة وتطورت من الرسم التصويري إلى أن وصلت على يد السوريين القدماء في أوغاريت إلى الحرف والأبجدية، التي غيرت مجرى التاريخ، وبدأ عصر جديد من عصور التدوين والثقافة فكانت مهنة الكاتب.
ومهمة الكاتب التي تبدأ من المدون إلى المفكر إلى كل ضروبها وأنواعها الآن هي المهنة الأكثر نبلاً..
هكذا كانت ذات يوم، لأنها تصنع الأفكار، وذات يوم قال فيلسوف يوناني: أنا وأمي نعمل في التوليد، هي تولِّد الحوامل وأنا أولِّد الأفكار.
اليوم كيف هو حال المهنة التي كانت كما أسلفنا أرقى المهن وأشرفها وأكثرها جاذبية حتى لأبناء الأباطرة والملوك..
الدكتور عامر عبدالله الجميلي يرى في بحث معمق حمل عنوان “الكاتب في بلاد الرافدين القديمة” وقد صدر بكتاب عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، يرى أنه كان لامتلاك ناصية الكتابة أهميتها في مجتمع بلاد الرافدين، إذ أبدت سائر الفئات الاجتماعية احتراماً كبيراً لها..
وقد اقتصر امتهان هذه الوظيفة على أبناء ذوي النفوذ، وكان معظم الكتبة من أبناء حكام المدن وموظفي المعابد وأولاد القادة العسكريين أو أولاد الكهنة أو الكهنة أنفسهم.
ونظراً لأهمية الكتابة دفع بعض الملوك بأبنائهم إلى الدراسة لمعرفة أسرار الكتابة وامتهان هذه الوظيفة مستقبلاً.
ويتأكد دور الكتابة ومكانتها الاجتماعية والثقافية في الأقطار المجاورة لبلاد الرافدين إذ تم استدعاء بعض الكتبة من بلاد الرافدين إلى عدد من تلك البلدان للقيام باستنساخ النصوص والتأليف الأدبية.
الكتابة واللون والحرف والنوتة الموسيقية التي تعد اللغة الأنقى والأجمل هي رسالة سورية إلى العالم، ويوم باهت الدنيا بشيء فإنما بما قدمه السوريون من عطاءات يعتز به كل صاحب ثقافة..
ومع بداية اليقظة العربية كان الفكر التنويري من سورية ومن الشهداء المفكرين، الذين أعدمهم جمال باشا السفاح وأورقت دماؤهم عطاء وخصباً، واستمر النضال الثقافي والفكري مترافقاً مع كل النضالات الأخرى، فكانت بصمة الثقافة العربية السورية في كل أقطار الوطن العربي.
من أول تعريب للتعليم الجامعي وأول مجمع للغة العربية وتعريب المصطلحات والموسوعة العربية.
واليوم ونحن نحتفي بأيام الثقافة السورية على عظمة ما تحقق وترسخ في ظل التصحيح ومع مسيرة التطوير والتحديث، إنما نحتفي برسالتنا التي لا تموت ولا تنتهي وستبقى بهية.
من تحت الجراح ننهض ونسمو ونعزف ألحان الحياة تزهو ثقافة وعلماً، تحرسها رايات الوطن الخصب المعطاء.
التاريخ: الثلاثاء1-12-2020
رقم العدد :1022