المرأة السورية والبحث في كنوز الطبيعة .. الدكتورة لونا أحمد للثورة .. سورية غنية بالموارد الوراثية الطبيعية

الثورة أون لاين – غصون سليمان:

لم تستكن المرأة السورية بغالبية حضورها لأي ظرف من ظروف الحياة المتبدلة ، ولم تستسلم للمتغيرات الطارئة ، بل شقت طريقها بتحد وإصرار وأثبتت أنها ابنة الحياة إلى جانب أخيها الرجل ، لم تتراجع عن وثبتها في مجال العلم ، ولم تتوقف في بحثها عن تفاصيل الميدان ، عانت ماعانته من ضيق وضغط وقلق وخوف على جميع المستويات لكنها بقيت في المقدمة تنشد روح الأمل والعمل ضمن بيئة مجتمعية حاضنة من أسرة ، ومدرسة ، ومؤسسة وجامعة ، أنتجت بتكوينها البيولوجي عدة المستقبل ، وأعطت بتقويمها الروحي الدفء والحسن والأنس ، إنها رفيقة الرجل وسنده ، معه تمضي وتكبر و إلى جانبه ترسم الخطوات الواثقة بالغد الأفضل ..

الدكتورة لونا أحمد المرأة السورية النموذج التي تفوقت على ذاتها كما غيرها من السوريات المناضلات المكافحات ، يوم منحت لنفسها أن تخوض تجربة البحث والتقصي عما يكتنزه التراب والأرض السورية من خصائص ومزايا زراعية غنية بعناصر ومكونات تحتاج المزيد من التقصي والدراسة ، والبحث رغم ظروف الحرب العدوانية وماخلفته من دمار وخراب وتقطيع لشريان الحركة الطبيعية ، ومع ذلك أنجزت ما أرادت له النجاح من دراسة التنوع البيئي الحيوي للفطر المحاري في منطقة جنوب غرب حماة بهدف انتخاب سلالات عالية الجودة واستزراعها .
عن أهمية هذا البحث ومبرراته وأهدافه تقول الدكتورة أحمد من كلية الزراعة جامعة دمشق في لقاء معها ، أن سورية تعد من البلدان الغنية بالتنوع الحيوي وذلك لتمتعها بتعدد المناخ والطبوغرافيا ، وتصل نسبة أنواع الفطور عموماً المسجلة في سورية إلى 1.4% من تلك المسجلة على مستوى العالم ، حيث يواجه التنوع الحيوي الفطري في عصرنا الراهن بشكل عام ، وفي سورية بشكل خاص ، العديد من الإجهادات المتمثلة بالنشاطات البشرية ، والأساليب التقنية الزراعية الحديثة ، وترحيل التربة واقتطاع الأشجار والحرائق المدمرة للغطاء النباتي (الموطن الأساسي للفطريات) ، والاستغلال المفرط وغير الواعي للموارد الطبيعية ، ونشاطات الإنسان فيما يخص التلوث البيئي .
وبالتالي من هنا تأتي خصوصية أن تسهم دراسة التنوع الوراثي والتوزع الجغرافي للفطريات في القطر بتعريف وتصنيف الفطريات الموجودة ، ودراسة خصائص كل منها ، من أجل ضرورة المحافظة عليها كونها تشكل موارد وراثية طبيعية هامة ، ويعزز هذه الضرورة العديد من العوامل منها قلة الدراسات المحلية المتعلقة بالتنوع الحيوي والوراثي للفطر واقتصارها على مناطق محددة من سورية ، والأهمية الغذائية والطبية الكبيرة التي تمتلكها الفطور المأكولة ومنها المحاري ، بالإضافة لارتفاع ثمن الهجن والسلالات الأجنبية ، وأهمية البحث عن إمكانية استبدالها أو رفدها بسلالات فطرية محلية ذات صفات متفوقة ومرغوبة .

ونوَّهت الدكتورة أحمد إلى ازدياد شعبية الفطر المحاري بشكل كبير في العقد الأخير ، وانتشار زراعته في معظم دول العالم ، وكذلك في سورية ، وخاصة كمشاريع صغيرة ومنزلية منتشرة على كامل مساحة القطر ، بالإضافة طبعاً لبعض المشاريع الكبيرة في بعض المناطق في ريف دمشق ، وجبلة ، وحمص ، واللاذقية ، حيث يصبح من الضرورة تقصي التنوع الوراثي والبحث دائماً عن سلالات جديدة للفطر المحاري في مختلف مناطق المحافظات بما يضمن الحصول على إنتاج أعلى يلبي حاجات المستهلك المتزايدة ، خصوصاً وأن هذا الفطر من أهم وأكثر الفطور البرية المنتشرة في سورية.
وانطلاقاً مما تقدم كان تنفيذ البحث يهدف برأي الدكتورة أحمد إلى حصر وتوصيف المصادر الوراثية للجنس المتواجدة في منطقة جنوب غرب حماة ، ودراسة التنوع الوراثي للسلالات وتحديد درجة قرابتها الوراثية باستخدام تقانة ISSR .

إضافة إلى استزراع السلالات المجموعة ، ودراسة إنتاجيتها ونوعيتها ومقارنتها مع سلالة تجارية مزروعة محلياً ، والأهم انتخاب أفضل السلالات المدروسة من حيث الإنتاجية والنوعية للعمل على إدخالها في زراعة الفطر المحاري كبديل للسلالات الأجنبية.
حيث يأتي الفطر المحاري بالمرتبة الثانية بين الأنواع المأكولة من الفطور بعد الفطر الزراعي بنسبة 27% من الإنتاج العالمي للفطور .
ويعود السبب الرئيسي لانتشار زراعة الفطر المحاري ، وزيادة إنتاجه لما يتمتع به هذا الفطر من خصائص أهمها :
أنه يمكن لمعظم أنواعه الاستفادة من أنواع المخلفات الزراعية الجافة والتي يمكن استعمالها دون تخمير كأوساط لزراعة وتنمية الفطر عليها ، حيث يمتاز الفطر المحاري بسرعة وقوة نمو المشيجة (الميسيليوم) مع احتوائه على نظام أنزيمي قادر على تحليل السيليلوز والمواد اللغنينية ، وهذا ما يعطيه قدرة كبيرة على التطور ، ويجعله يتكيف بشكل جيد مع العديد من أوساط الزراعة وكل أنواع المخلفات المتاحة تقريباً ، والتي تقدر بحوالي 90 نوعاً منها : قش الحبوب ، ونشارة الخشب ، وجذوع الأشجار ، ما يعطي المنتج مجالاً واسعاً في اختيار وسط الزراعة من المواد المتوفرة لديه في البيئةالمحيطة .
أيضا يبقى محتفظاً بنكهته الطبيعية حتى عندما يتم إنتاجه صناعياً ، في حين يتميز الفطر من الناحية البيولوجية بأن متطلباته الحرارية مرنة نسبياً وتتراوح بين 15-30 °م .
وبيَّنت أحمد أن الفطر المحاري يعد من الأنواع عالية المحصول ، مع أفضل معدل استفادة من وسط الزراعة حيث تتراوح كفاءة التحول الحيوي بين 80-150% ، ودورة إنتاجه قصيرة تستغرق 5-6 أسابيع من مرحلة العدوى (تلقيح الوسط بالبذار) حتى بدء الحصاد
كما يتمتع بقدرة كبيرة على تحسين المخلفات الزراعية التي ينمو عليها وتحويلها إلى مواد علفية ذات قيمة غذائية عالية ، حيث يؤدي نمو الفطر إلى هضمها هضماً جزئياً بإفرازه لأنزيمات محللة للمركبات السيليلوزية المعقدة واللغنين ، وتحويلها إلى مركبات أسهل هضماً ، ويضيف إليها نسبة عالية من البروتين نتيجة نمو هيفات الفطر داخلها ما يجعلها علفاً جيداً للحيوانات المجترة مثل الأبقار والأغنام والماعز ، وغذاءً للمزارع السمكية وللأرانب والدواجن ، وفي بعض الحالات ينصح باستخدامها كسماد عضوي للأراضي الخفيفة وحديثة الاستصلاح ، كما يمكن أن تستخدم في إنتاج الغاز الطبيعي الذي يستخدم في الإنارة والتدفئة والطهي .
كذلك لإنتاجه تأثير إيجابي كبير على صحة الإنسان بشكل عام نتيجة التخلص من المخلفات الزراعية الملوثة للبيئة ، ولقيمته الغذائية الكبيرة ومزاياه الطبية العالية .

* أهميته الاقتصادية

وأضافت أحمد أن للفطر المحاري أهمية اقتصادية كبيرة إذ تعتبر زراعته قليلة التكلفة حيث تتكون الخلطة الزراعية فقط من مادة تحتوي على السيليلوز كتبن القمح أو الشعير أو الحمص أو أي مخلفات نباتية رخيصة كأوراق الشجر ومخلفات الخضار ، كما أنه لا يحتاج إلى تجهيزات معقدة ومكلفة ، ويصلح للمزارعين الصغار والهواة وذوي الإمكانات المحدودة ، ويمكن زراعته في العديد من الأماكن التي لا تستثمر في مجالات أخرى ، ويستخدم تبن القمح عموماً كوسط للزراعة نظراً لتوفره وإمكانية تأمينه على مدار العام ، وهو أبسط وسط مغذ ينمو عليه الفطر المحاري ، حيث يكفي إجراء عملية بسترة للتبن عند إعداده كوسط للزراعة ونادراً ما يتم تخميره .
ويمكن إنتاجه صناعياً بكميات كبيرة وبتقنيات بسيطة وسهلة التطبيق ، وتشجع قدرته الكامنة على التطور في انتشار زراعته مقارنة مع أنواع الفطور الأخرى .
موضحة أن السلالات المدروسة أظهرت اختلافات واضحة في خصائصها الشكلية المسجلة ، وتدل التقسيمات الشكلية للسلالات المدروسة إلى أنها تشكل قاعدة أساسية لأنواع الفطر المحاري المنتشرة في سورية يمكن أن تساعد إلى حد كبير في الحصول على سلالات برية ذات صفات جيدة ممكن استخدامها لأغراض علمية أو تجارية .

* النتيجة

والنتيجة التي توصلت اليها أحمد هو أن هناك تنوعاً وراثياً وشكلياً كبيراً للفطر المحاري في سورية ، إذ تميزت السلالات البرية المدروسة بمواصفات جيدة ضمن ظروف الدراسة مقارنة مع الهجن المدخلة ، وبالتالي يمكن استخدامها في الإنتاج التجاري كسلالات محلية للفطر المحاري والسلالة S10 كسلالة فطر ملك المحاري بدلاً من السلالات المدخلة ذات الكلفة العالية، مقترحة ضرورة العمل على حفظ السلالات المدروسة لأنها تمثل مصادر وراثية هامة للفطر المحاري في القطر .
والعمل أيضا على دراسة التنوع الحيوي للفطور البرية في سورية ، وتأسيس بنك وراثي خاص بها .
أخيرا لقد سمى قدماء المصريين الفطر غذاء الآلهة “قبل حوالي 3000 سنة” ، واعتبره اليونانيون غذاء النبلاء والقادة ، بينما في الشرق أطلق عليه حكماء الصين القدامى غذاء الصحة والجمال والحياة “إكسير الحياة”

آخر الأخبار
المركزي يصدر دليل القوانين والأنظمة النافذة للربع الثالث 2024 تحديد مواعيد تسجيل المستجدين في التعليم المفتوح على طاولة مجلس "ريف دمشق".. إعفاء أصحاب المهن الفكرية من الرسوم والضرائب "التسليف الشعبي" لمتعامليه: فعّلنا خدمة تسديد الفواتير والرسوم قواتنا المسلحة تواصل تصديها لهجوم إرهابي في ريفي حلب وإدلب وتكبد الإرهابيين خسائر فادحة بالعتاد والأ... تأهيل خمسة آبار في درعا بمشروع الحزام الأخضر "المركزي": تكاليف الاستيراد أبرز مسببات ارتفاع التضخم "أكساد" تناقش سبل التعاون مع تونس 10 مليارات ليرة مبيعات منشأة دواجن القنيطرة خلال 9 أشهر دورة لكوادر المجالس المحلية بطرطوس للارتقاء بعملها تركيب عبارات على الطرق المتقاطعة مع مصارف الري بطرطوس "ميدل ايست منتيور": سياسات واشنطن المتهورة نشرت الدمار في العالم انهيار الخلايا الكهربائية المغذية لبلدات أم المياذن ونصيب والنعيمة بدرعا الوزير قطان: تعاون وتبادل الخبرات مع وزراء المياه إشكاليات وعقد القانون تعيق عمل الشركات.. في حوار التجارة الداخلية بدمشق بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة