الثورة أون لاين – فاتن أحمد دعبول:
الثقافة بيتنا وحصننا الذي نلوذ به ، تبدأ من الأسرة وتنتقل إلى المجتمع…كيف نفعل دورها ونمضي قدما في بناء آليات الصد والدفاع عن قيمنا وموروثنا الثقافي والحضاري والإيماني ..
هذا ما كان يعنيه السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته في جامع العثمان ..
وحول آليات وأساليب وضع الكلمة منهاج عمل للبناء الفكري ..كانت لنا اللقاءات التالية مع الكتاب والمفكرين ..
د. حسين جمعة: ضرورة اقتران الفعل بالعمل
يبين د. حسين جمعة أن كلمة السيد الرئيس للسادة علماء الدين في جامع العثمان مثلت رؤية دقيقة في كيفية فهم الدين الحق، وتمييزه من الدين السياسي الذي يتجه اتجاهات نفعية تخدم المصالح الخاصة لأصحابه.
أما الدين الحق فهو يبني الإنسان خلقا ومعرفة، واشترط السيد الرئيس أن تكون هذه الأخلاق وهذه المعرفة مجسدة بالسلوك اليومي لكل متدين، فما قيمة أقوالنا التي تنتصر للدين، بينما أفعالنا تخالفها تمام المخالفة، ولذلك انطبق المثل القائل” أقوالنا أقوى لنا، أفعالنا أفعى لنا”، وهو ينطبق عليه قوله تعالى” ياأيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون”.
فالسيد الرئيس يربط المعرفة والوعي في الدين، ويقيم الدين بتطبيقه الحقيقي في الواقع، فالرسول الكريم رمز مقدس عندنا، ولكن هذا الرمز المقدس يصبح بغير قيمة إن خالفنا تعاليمه الخلقية وما حمله من رسالة الإسلام.
ويضيف د. جمعة: نحن نرى كثيرا من مسلمي اليوم لايطبقون مبادىء الدين في حياتهم وسلوكهم وتصرفاتهم، ولا يقيمون العقيدة الدينية على وجهها الحق في مواقفهم وتعاملاتهم المتنوعة.
على حين نراهم يتبجحون بكثير من الآيات القرآنية، أو بكثير من تعاليم الإنجيل، بينما هم أبعد مايكونون عنها في سلوكهم، وكأني بالسيد الرئيس يريد أن يقول: هؤلاء هم أعداء الدين الحق، لأنهم يلبسون لباس الدين، بينما هم يهدمون مبادئه، فالعدو الخارجي معروف لنا، أما هؤلاء فهم يحاولون أن يخدعونا، ولكنهم أكثر شرا علينا من العدو الخارجي.
كما أثار السيد الرئيس قضية خطيرة في فهم الدين ومبادئه ومصطلحاته، وعلينا أن نتعمق في فهم هذه المصطلحات وأن نفهمها على وجهها الحقيقي من خلال أصحابها العلماء الذين يفهمونها ويوضحونها لنا، ولايجوز أن نفهمها على هوانا ووفق مصالحنا الخاصة والآنية.
وبين بدوره أن الإنسان ابن سلوكه، فعندما يصبح الإنسان مثالا يحتذى، فإن الناس يأخذون منه علمه ومعارفه، وهذا مطابق لما ورد عن الرسول الكريم” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة” فالإنسان المسلم أو المسيحي ينبغي أن يكون صالحا مستقيما في حياته وسلوكه ومعارفه، أي ينبغي أن يكون القدوة الحسنة لغيره، وهذا أولا.
ثانيا: أن نحاول توعية الناس بالدين الحق في كل مجال يمكن أن يخدم القضايا الوطنية والقومية والدينية، فالدين ماخلق إلا لبناء الأوطان وبناء الإنسان، كما نفهم كلمة الرسول الكريم عندما خرج من مكة” والله لولا أن قومك أخرجوني منك ماخرجت” وهذا ينقلنا إلى:
الفكرة الثالثة: أن الإنسان المتدين الحق ينبغي أن يتعامل مع الواقع بوعي كامل، وأن يخاطب الناس على قدر عقولهم ” وأمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم” حسب الحديث الشريف.
رابعا: ” لكل مقام مقال” فينبغي لصاحب المعرفة الدينية أن يكون مستوعبا لموضوعه وفكرته، وأن تكون واضحة في ذهنه، لينقلها بوعي ودقة كاملة وفهم صحيح إلى الآخر، وأن يتلطف به وينزل إلى المستوى المعرفي للمخاطب، إن كانت معرفته أدنى من معرفة المتكلم.
ويبين جمعة أن المعرفة تنقل وفق مايسمى بنقل المعرفة الجماعية، وفي أمكنتها المناسبة، ومن هنا ينبغي أن نستغل المساجد والكنائس أحسن استغلال للتعريف بالدين الحق، لأن من يذهب إلى المسجد أو الكنيسة يكون مقبلا بكليته على العبادة وأكثر تقبلا لأي رأي معرفي، فيما لو كان خارج مكان العبادة.
وهذا مايمكن أن ينطبق على المدارس والجامعات وغيرها من أماكن التجمع، علينا أن نستغل المؤسسات الثقافية والأحزاب السياسية لبناء الإنسان الآخر وتكليف من هم قادرون على توضيح الأمور التي تتعلق بالتخصص الدقيق سواء كان مرتبطا بالدين أم الفلسفة أم الأدب أم غيره.