الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
يمهّد تأكيد الهيئة الانتخابية لجو بايدن بوصفه الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة الطريق لأداء اليمين في 20 كانون الثاني 2021، حيث يتم النّظر إلى فوز بايدن عموماً على أنه بمثابة عودة الولايات المتحدة إلى المسرح العالمي وانقلاب على العناصر المناهضة للمؤسسة التي يمثلها الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، وبصفته نائباً سابقاً في إدارة الرئيس أوباما، فإن موقف بايدن من قضية الاتفاق النووي الإيراني، أو خطة العمل الشاملة المشتركة يختلف تماماً عن موقف حكومة ترامب.
يلتزم الرئيس الديمقراطي المُنتخب بالموقف الأساسي تجاه العلاقات الأميركية الإيرانية الذي كان قائماً في إدارة أوباما، حتى أن بايدن صرح علناً أنه لا يزال لديه وجهات نظر سابقة بشأن الاتفاق النووي الإيراني، وإذا عادت طهران إلى “الامتثال الصارم للاتفاق النووي” فسوف تنضم واشنطن إلى الخطة، لكن طهران تقول إنها ستتفاوض فقط إذا رفعت واشنطن العقوبات.
إيران لديها منطق أساسي في موقفها من بايدن، أولاً، يتميّز الطابع الوطني لإيران باعتزازها القوي بقدراتها، فهي وعلى الرغم من أنها تأمل في تسهيل العلاقات مع الولايات المتحدة، إلا أنها لا تقبل أن تديرها أو تتحكم بها حكومة الولايات المتحدة.
ثانياً، لم تستعد إيران الثقة الكاملة بالولايات المتحدة بعد، على الرغم من أن بايدن أثار احتمال عودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، إلا أنه لا يزال هناك أقل من شهر قبل توليه منصبه رسمياً، وخلال هذه الفترة لا تزال إدارة ترامب تسيطر بشدة على سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران، حتى أنها قد تتبنى تحركات أكثر شراسةُ وتعصباً.
ففي 10 كانون الأول الجاري وافق المغرب على تطبيع العلاقات مع “إسرائيل” في صفقة تم التوصل إليها بضغط وتسهيل من إدارة ترامب، ما جعل المغرب رابع دولة عربية تقوم بذلك في عام 2020، وهذا يدل على أنه لدى إيران أسباب للشك في دوافع إدارة ترامب وأفعالها لزيادة إفساد العلاقات الأميركية الإيرانية قبل نهاية فترة ولايته.
أخيراً، إيران لا تزال تأخذ بعين الاعتبار ما سيعنيه إرث ترامب لإدارة بايدن والمجتمع الأميركي، فعلى الرغم من فشل إعادة انتخاب ترامب، فإن تأثير “الترامبية” على الولايات المتحدة لا يزال واضحاً، هناك احتمال أنه بعد أن تتولى إدارة بايدن الرئاسة في كانون الثاني القادم ، فإن “الترامبية” يمكن أن تؤثر إلى حد ما على سياسة بايدن الخارجية.
ومع ذلك، على الرغم من أن بايدن لن يغير على الأرجح الاختراقات الأخيرة في العلاقات العربية الإسرائيلية التي عززتها إدارة ترامب، إلا أنه لا يزال هناك مجال للتغيير في العلاقات الأميركية الإيرانية، كما أن إدارة بايدن ستعمل على عودة معسكر “المؤسسة” الأميركية الذي يركز على النظام العالمي متعدد الأطراف، وقد قامت العلاقات الأميركية مع إيران في السنوات الأخيرة على أساس “السلام البارد”، والآن هناك احتمال للتسوية بين إدارة بايدن وإيران لرفع العقوبات عن طهران.
بالإضافة إلى ذلك وعلى عكس إدارة ترامب، المتهورة والمعتادة على التنمر، من المرجح أن تستعيد إدارة بايدن المصداقية والحفاظ على السمعة العالمية للولايات المتحدة واحترام النظام الدولي.
قد تعود العلاقات الأميركية الإيرانية في عهد بايدن إلى إطار العمل الأساسي للاتفاق النووي الإيراني، لكن الخلافات لا تزال قائمة بشأن بعض القضايا المحددة في الاتفاقية، بالإضافة إلى ذلك، فإن الاختراقات المستمرة في العلاقات العربية الإسرائيلية ستخلق إلى حد كبير قيوداً جديدة على العلاقات الأمريكية الإيرانية.