العروبة بمفهومها الحضاري.. استهداف مبرمج من “الليبرالية الحديثة”!

الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:

تثير الهجمة الغربية متعددة الأوجه التقنية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والإعلامية واللغوية ضد العروبة، الكثير من المخاوف حول واقع العرب ودورهم ومستقبلهم، في حين أنّ الثقافة الكونية في عصر العَولمة باتت تهدِّد بضرب الركائز البنيوية للثقافات الوطنية في الدول العربية.
فالثقافة العربية تتعرّض لتأثيرات سلبية متزايدة من ثقافة غربية ذات نزعة استفزازية تقوم على صراع متعدد الوجوه يحاول إخضاع الثقافات العريقة قسرياً لثقافة واحدة تضع الثقافة في خدمة نظام يفتقد إلى القيَم الإنسانية والدينية والأخلاقية.
وتستهدف هذه الهجمة العنصرية العروبة بمفهومها الحضاري، إذ يراد تصويرها كما لو أنها عرقية عنصرية، فلو كانت كذلك لما دافع عن الثقافة العربية واللغة العربية والقرآن من هم ليسوا عرباً، وقد أشار السيد الرئيس بشار الأسد خلال الاجتماع الدوري لعلماء الدين في جامع العثمان يوم 7/12/2020، إلى هذا الجانب حيث قال: “عندما نتحدث عن العروبة نحن نتحدث عنها بالمعنى الحضاري وليس بالمعنى العرقي، ولو كانت بالمعنى العرقي لما دافع عنها أحد.. إن هذا المعنى الحضاري للعروبة فيه ثقافات متعددة، وفيه أعراق متعددة وهذا دليل قوة ودليل غنى”.
تشكِّل العروبة الجامعة اليوم رؤية ثقافية لإطلاق مسار حضاري متعدد ومتنوع لا ينطلق من تغليب العنصر القومي العربي على غيره من العناصر السكّانية المُنتشرة على امتداد الوطن العربي، بل ينطلق من المساواة بين مختلف المكونات المساهمة بهذا المسار الحضاري، فلا يمكن للعروبة أن تكون حضارة جامعة إذا أغفلت الجوانب المُضيئة للجميع في تراث العرب الحضاري، ولأنها في المرحلة الراهنة تعاني من بعض الأزمات فهي بحاجة ماسّة إلى تجاوز أزماتها، انطلاقاً من أصالة موروثها الثقافي وتفاعلها الإيجابي مع بقية الثقافات في عصرنا الحالي.
ومما لا شك فيه فإن استنهاض العروبة الثقافية يعد الردّ الحضاري العربي على التحدّيات الداخلية والإقليمية والدولية التي تعصف بالمنطقة العربية حالياً، فقد بات التاريخ العربي في ماضيه الذهبي عبئاً على عرب اليوم، ممن يعتبرون أنفسهم أصحاب حضارة عريقة أدت دَوراً بارزاً في التفاعل الثقافي بين الشرق والغرب، وذلك لأنهم مفكّكون وبعض دولهم عرضة للتقسيم.
فالنزاعات الدولية والإقليمية المستمرّة أخرجت العرب نوعاً ما من دائرة الفعل المقاوِم للتحدّي الخارجي الذي يتربص بهم وجعلت من بلدانهم ساحة صراعٍ منذ سنوات، ويحرك ويدير هذا الصراع قوى دولية وإقليمية تريد الهيمنة والسيطرة واستعادة تاريخها الاستعماري في المنطقة، كما يتم توظيف منظّمات إرهابية مسلّحة تنفِّذ أجندات إقليمية ودولية بهدف تنفيذ مشروعات التقسيم، ويُراهن المخطّطون لها على تنفيذها على الأرض العربية.
إنّ الدعوة إلى عروبة جامعة ذات أهمّية استثنائية في المرحلة الراهنة، حيث الظروف الإقليمية المُحيطة بالعرب بالغة الخطورة، بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها المنطقة، فالعرب مستهدفون بشدة في وجودهم ومستقبلهم، وخصوصاً بعد الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أصابت دولهم.
كما يجري برعاية أمريكا تصفية قضيتهم المركزية وتهجير مَن تبقّى من الفلسطينيّين، وضمّ الكيان بالقوّة لجميع أراضي الضفّة الغربية وقطاع غزة وإجبار الأُمم المتّحدة على توطين الفلسطينيّين في مناطق لجوئهم الحالي، وإلغاء حقّ العودة نهائياً مع تقديم بعض التعويضات المالية لقلّة قليلة منهم، فكيف تستطيع العروبة الحضارية حماية العرب في مثل هذه الظروف الدولية الإقليمية؟.
تبدو الحاجة ملحّة إلى إنجاز التكامل العربي على قاعدة العروبة الحضارية، التي تقوم على قاعدة التكامل العربي وفق المعالجة العلمية الرصينة لجوانب التكامل التي تُسهِم في بناء المواطن العربي الواعي، وفي بناء مجتمع المعرفة الحاضن للإبداع الثقافي، وهي ركائز صلبة ومحورية في الردّ الحضاري العربي على التحدّي الخارجي استناداً إلى عروبة من نوع جديد.
ولأنّ الدعوة إلى العروبة الحضارية تتضمّن التمسّك بمقولات الثقافات الإنسانية، والتطلّع إلى المستقبل بنظرة عقلانية لحماية كلّ ما هو إيجابي في التراث العربي الأصيل من دون التنكّر للحداثة السليمة والعلوم العصرية والتكنولوجيا المتطوّرة، فهي تشكّل صلة وصل بين حاضر العرب وماضيهم العريق، إلى جانب المُشارَكة الفاعلة في الثقافة الكونية.

آخر الأخبار
فنادق الأربع نجوم بوسط دمشق.. عبق التاريخ ودفء الضيافة "التعاون الخليجي" يبحث إطلاق منتدى استثماري مع سوريا ويؤكد رفضه التوغلات الإسرائيلية أزمة النفايات في سوريا بعد الحرب.. تهديد بيئي وصحي يتطلب استجابة عاجلة تقرير حقوقي: 91 ضحية في سوريا خلال آب 2025 بينهم أطفال وسيدات وضحايا تعذيب "تغيير العملة".. قرار استراتيجي يتقاطع مع الإصلاحات الاقتصادية منصة لتبادل الخبرات.. مشاركة غنية للركن الشرقي في المعرض معرفة مصير المفقودين والمغيبين.. حاجة وطنية لتثبيت دعائم السلم الأهلي معرفة مصير المفقودين والمغيبين.. حاجة وطنية لتثبيت دعائم السلم الأهلي صناعة الحرير الطبيعي عراقة الحضور في فعاليات المعرض بين التسوق والاستكشاف والترفيه.. زوار المعرض يتوافدون بكثافة منصة "نبراتي" تدخل السوق السورية بخدمات تقنية رائدة رحلة جديدة وممتعة للمعرض القطار يسهل وصول الزوار بأجواءٍ من الراحة والحماسة افتتاح ضاحية الأمل في ريف إدلب لإيواء متضرري زلزال 2023 جناح مؤسسة مياه الشرب في دمشق.. حملة توعية للأطفال.. ومشروعات استراتيجية للبنية التحتية المائية معرض دمشق الدولي.. بين بهجة التنظيم ومعاناة الازدحام "الاستمطار الصناعي" مشروع الضرورة في سوريا.. أول تجربة سنة 1991 حصدت 3.2 مليارات متر مكعب من المياه الأرقام القياسية لزوار المعرض لا تعكس انتعاشاً اقتصادياً حقيقياً عودة باب الهوى..إنجازات "المنافذ البرية والبحرية" تضيء معرض دمشق الدولي وزير المالية لـ"الثورة": تسويات عادلة لملفات الضرائب وعودة الرواتب المتوقفة نهاية أيلول (66) مليار ليرة لاستثمارات رياضية في مختلف المحافظات