الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
يبدو أن ما يسمى مجلس الدمى والمشيخات “التعاون الخليجي” الذي عقد مؤخراً برعاية الصهيوني جاريد كوشنير في مدينة جدة السعودية على نية “المصالحة” بين أطراف “التهاوش” الخليجي لم يخرج من أوهامه السابقة بشأن سورية وراح يتدخل فيما لا يعنيه، بحيث لم يستطع قراءة مستجدات الميدان المحسومة لصالح الدولة السورية سياسيا وعسكرياً، فأعد بياناً “مسبق الصنع” لا يختلف عن بيانات السفارات الأميركية التي تتدخل فيما لا يعنيها من شؤون الدول الأخرى ذات السيادة.
فقد طغت على البيان العبارات الأميركية الممجوجة بشأن “الحل السياسي” في سورية و”بيان جنيف الأول” و”القرار 2254″ وما يسمى “هيئة الحكم الانتقالية” و”صياغة دستور جديد” و”الانتخابات الرئاسية” القادمة وما إلى ذلك من عبارات إنشائية تعتبر تدخلاً سافراً وغير مقبول في شؤون السوريين الذين عانوا الأمرين من دعم وتمويل مجلس “التهاوش” الخليجي لكل قطعان الإرهاب التكفيري التي ارتكبت أفظع الجرائم والانتهاكات بحق السوريين على مدى عشر سنوات .
ولعل أكثر ما يثير السخرية في هذا البيان “الكوشنيري” هو تأكيده “على وحدة الأراضي السورية واحترام سيادة واستقلال سورية ورفض التدخلات الخارجية بشؤونها، وكل ما يمس الأمن القومي العربي ويهدد السلم والأمن الدوليين” حسب تعبير البيان، لتأتي هذه العبارات المجانية خالية من أي مضمون أو معنى ولاسيما أنها جاءت في أوج استمرار هذه الأنظمة برعاية الإرهاب والتدخل في الشأن السوري من ضمن الأجندة الترامبية الساعية لتخريب وتفتيت المنطقة، وفي أوج تهافت هذه الأنظمة على تدمير الأمن القومي العربي من خلال قبول الكيان الصهيوني الغاصب والمحتل ضمن المنظومة الإقليمية بذريعة السلام الكاذب عبر همروجة التطبيع المذلة وعلى حساب الحقوق العربية والفلسطينية.
لم يجرؤ البيان الخليجي “الهزيل” على ذكر التدخل أو الاحتلال الأميركي البغيض الذي تسبب بكل الكوارث الذي عانتها سورية في السنوات الماضية، بل استجاب لهواجس ترامب وصهره بخصوص الدور الفاعل الذي أدته كل من إيران وحزب الله في هزيمة الإرهاب إلى جانب الجيش العربي السوري، ليكشف البيان عن هوس هؤلاء الرعاع والأدوات بالعداء لكل من يقاوم الأطماع والتدخلات الأميركية في المنطقة، واستمرار خضوعهم للمشيئة الأميركية والعمل من ضمن أجندات واشنطن دون الشعور بذرة كرامة أو حياء تجاه ما ارتكبوه بحق أمتهم وشعوبهم وقضاياها المصيرية.
إن أقل ما يقال في “قمتهم” المخزية أنها جاءت بطلب أميركي كما كان خلافهم، وقد لا نستغرب أن يعودوا “للتهاوش” مجدداً بعد خروج ترامب من البيت الأبيض وذلك نزولا عند الأدوار المرسومة لهم عند كل منعطف، فالعبيد لا يختارون مصائرهم أبداً ولا يعرفون معنى السيادة.
بقي أن نقول لمن لا يملك دساتير، ولا يعرف الانتخابات، ولا يملك السيادة على أرضه وقراراه، كيف لك أن تحاضر على السوريين وتصدر بياناً حول وحدة أراضيهم وحريتهم المزعومة وهم أول من وضع الدساتير في العالم وأرسى بناء الحضارة الشاهق للإنسانية جمعاء واخترع الأبجدية وأوغاريت شاهدهم.