الثورة – نيفين أحمد:
في لحظة توصف بأنها مفصلية للاقتصاد السوري جاء إعلان وزير الإعلام عن إطلاق “منتدى الاستثمار السوري السعودي” كإشارة واضحة إلى دخول البلاد مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي الإقليمي وكسعي عملي نحو تفعيل الشراكات العربية في ملفات التنمية وإعادة الإعمار.
المنتدى الذي وُصف بأنه الأول من نوعه في “سوريا الجديدة”حمل مجموعة من الرسائل الاقتصادية والسياسية، وأُعلن خلاله عن توقيع 44 اتفاقية تعاون مع المملكة العربية السعودية بقيمة استثمارية تقدّر بستة مليارات دولار تشمل قطاعات حيوية متعددة، منها البنوك، الإنشاءات، الأمن السيبراني، الطاقة، والذكاء الصناعي.
من خلال التصريحات الرسمية يتضح أن المنتدى لا يهدف فقط إلى استقطاب رؤوس الأموال بل يتطلّع إلى تأسيس رؤية تنموية مستدامة تستند إلى إعادة بناء القطاعات المتضررة وتحفيز الابتكار وخلق فرص عمل مباشرة تُقدّر بـ50 ألف فرصة وفق ما أعلنه وزير الإعلام.
تخصيص هذه المشاريع لمختلف المحافظات السورية لا لمنطقة بعينها يعكس توجهاً نحو التنمية المتوازنة والمساهمة في إعادة تحريك عجلة الاقتصاد المحلي على نطاق وطني، وهو ما ينسجم مع التوجهات الحكومية المُعلنة في السنوات الأخيرة.
توقيع هذا الكم من الاتفاقيات مع السعوديةوفي مجالات استراتيجية يحمل أبعاداً إقليمية مهمة.
فهو يعبّر عن رغبة مشتركة في تعزيز أواصر التعاون العربي وتكثيف الشراكة في ملفات ذات أولوية مثل الأمن الغذائي، والطاقة، وتكنولوجيا الاتصالات، في ظل تحديات اقتصادية ومناخية تواجه المنطقة ككل.
كما أن الانفتاح على تجارب إقليمية ناجحة خاصةً في مجالات متقدمة، مثل الأمن السيبراني والذكاء الصناعي، قد يتيح لسوريا الاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى الشركاء الخليجيين، وتطبيق نماذج حديثة في الحوكمة الاقتصادية، وإدارة الموارد والبنى التحتية.
تحديث تشريعي وبحث عن بيئة استثمارية جاذبة
المنتدى رافقه إعلان رسمي عن توجه حكومي لتحديث البنية التشريعية بهدف تعزيز البيئة الاستثمارية وجعلها أكثر جاذبية، من خلال قوانين جديدة أو مراجعة إجراءات قائمة، وهو أمر أساسي في بناء الثقة لدى المستثمرين وتحقيق انتقال فعلي من مرحلة الاستكشاف إلى التنفيذ.
الاستثمار بحسب ما صرّح به الوزير لا يُنظر إليه من زاوية الربح فقط بل يُعدّ أداة لتعزيز التنمية وتحقيق الأثر الاجتماعي من خلال خلق فرص عمل وتحريك القطاعات الإنتاجية، وهو ما يشير إلى مقاربة تنموية شاملة في التعاطي مع رأس المال العربي.
الإعلام كشريك في التنمية
كان لافتاً التأكيد على دور الإعلام في تعزيز الوعي بقيمة الاستثمارات وتسليط الضوء على نتائجها وأثرها المباشر على المجتمع السوري، فالإعلام كما أشار الوزير يُعد شريكاً محورياً في دعم بيئة اقتصادية مستقرة وتشجيع الرأي العام على دعم جهود التعافي.
منتدى الاستثمار السوري السعودي يشكل خطوة مهمة في سياق استعادة سوريا لدورها الاقتصادي الإقليمي، وهو فرصة لبناء شراكات تقوم على المصالح المتبادلة، في ظل الحاجة المتزايدة لإعادة تأهيل البنية التحتية وتعزيز الإنتاج المحلي.
المرحلة المقبلة ستُظهر مدى قدرة الجهات المعنية على تحويل الاتفاقيات إلى مشاريع قائمة على الأرض بما يخدم الأهداف المعلنة ويُسهم في تحقيق التعافي الاقتصادي التدريجي بالتوازي مع الجهود الرامية إلى إعادة بناء جسور التعاون مع الأشقاء العرب.