الثورة – نيفين أحمد:
غابت أخبار حمزة العمارين رئيس مركز الاستجابة الطارئة في مؤسسة الدفاع المدني السوري مساء الأربعاء 16تموز في مدينة السويداء حيث فقد الاتصال به أثناء أداء مهمة إنسانية عاجلة، بطلب مباشر من فريق تابع للأمم المتحدة.
كان حمزة يقود مركبة رسمية تابعة للدفاع المدني يرتدي زيه الميداني وفي طريقه إلى تنفيذ عملية إجلاء في منطقة متوترة داخل المدينة. برفقته كانت سيدة بحاجة إلى إخلاء، لكن ما حدث عند دوار العمران قلب المشهد، سيارة طُوقت من قبل مسلحين محليين واقتيد حمزة إلى وجهة مجهولة ومنذ تلك اللحظة لا أثر له ولا كلمة ولا حتى إشارة حياة.
مهمة إنسانية تتحول إلى حالة طوارئ
“حمزة كان في مهمة إنسانية خالصة” يقول مدير الدفاع المدني منير مصطفى في تصريح خاص لـصحيفة الثورة، ويضيف: “تم استدعاؤه من قبل جهة أممية لتنفيذ إجلاء مدني. لم يكن مسلحاً ولم يكن ضمن أي طرف من أطراف الصراع بل كان يؤدي ما اعتاد عليه منذ سنوات “إنقاذ الأرواح”.
لكن الجهة الخاطفة لم تُعلن عن نفسها ولم ترسل مطالب أو إشارات. هذا الصمت كما وصفه أحد زملائه “أشدّ قسوة من التهديد”. حتى اللحظة لم يتم تحديد الجهة المسؤولة عن الاختطاف ولم تظهر أية بوادر على نية الإفراج.
نداء باسم الإنسانية
في حديثه معنا عبّر مدير الدفاع المدني عن بالغ القلق على مصير حمزة، مؤكداً أن المنظمة “تستنكر بأشد العبارات استهداف المتطوعين الإنسانيين” مضيفاً: “إن أي اعتداء على عنصر إنقاذ يُعد خرقاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي ويقوّض مبادئ الحياد التي يقوم عليها العمل الإغاثي في كل مكان”.
وأردف: “نُوجّه نداء باسم كل من يعرف قيمة الحياة أفرجوا عن حمزة. هو لم يحمل سلاحاً، بل حمل أكسجيناً للجرحى وأخرج الأطفال من تحت الركام. اختطافه لا يستهدف شخصه فقط، بل يضرب صميم الثقة بالعمل الإنساني في هذه البلاد”.
المجتمع المحلي في السويداء تحت المجهر
رغم الغموض لم تقف المؤسسة مكتوفة الأيدي. تم فتح قنوات تواصل مع شخصيات مؤثرة في المجتمع المحلي وجهاء وفاعلين مدنيين لمحاولة التوسط أو كشف مصير حمزة. بعضهم أبدى استعداداً لدعم جهود الوساطة لكن لم يُحرَز تقدم ملموس حتى الآن.
“ثقتنا كبيرة بأهالي السويداء” يقول مصطفى “هذه المدينة لطالما احتضنت العمل المدني والحيادي ونأمل أن يكون صوتها حاسماً في رفض هذا النوع من التعديات”.
تهديد أوسع من فرد واحد
حادثة الاختطاف لا تُهدد حمزة وحده. بل هي، كما أوضح مدير الدفاع المدني “تهديد مباشر لمبدأ الحياد الذي يُعد العمود الفقري للعمل الإنساني. إذا فقد المتطوعون الأمان أثناء مهماتهم، فإن قدرة فرق الإنقاذ على الاستجابة لأي نداء في المستقبل تصبح موضع شك”.
وتابع: “رأينا في هذه الحادثة كيف أن اختطاف عنصر واحد شلّ معنويات فريق كامل، ومع ذلك فإن زملاءه استمروا في أداء مهامهم بوجه مرفوع مؤمنين بأن رسالتهم أكبر من الرعب”.
في ختام حديثه وجّه مدير الدفاع المدني نداءً إلى الأمم المتحدةوالصليب الأحمر وجميع الجهات الدولية المعنية، للتدخل العاجل والضغط للإفراج عن حمزة. “لا نريد بيانات تعاطف فقط بل خطوات ملموسة تحمي من تبقّى من المتطوعين في الخطوط الأمامية للعمل الإنساني”.
وأضاف: “اليوم حمزة وغداً من؟ حماية الإنسان المُنقذ ليست خياراً، بل واجب”.
في زحام الحروب يبقى صوت المنقذ هو الأصدق. لكن حين يُختطف هذا الصوت يصير المجتمع بأكمله مطالباً بأن يُنقذه. فهل من مجيب؟