الثورة أون لاين- سلوى الديب:
“كيف تقنع المرافئ التي انتظرت رحلتنا أننا لم ولن تصل؟
وأننا بذلنا الجهد والحب والوقت والصبر، كيف نخبر المرافئ أننا قررنا العودة من مكان آخر ووصلنا؟
كيف نقنع عقارب الساعة أننا أفلتنا حبال الحب والمودة بعدما أدمتنا؟” كانت هذه الكلمات التعريفية لرواية “الحب حتى إشعار آخر”للكاتبة “رويدة تميم” ، حيث قامت مديرية ثقافة حمص المركز الثقافي العربي في حمص بحفل توقيع الرواية في قاعة سامي الدروبي.. قام بإلقاء الضوء على العمل كل من ميمونة العلي ونزيه ضاحي وعبد الغني ملوك:
ومن مشاركة الأديبة ميمونة العلي: تضم الرواية 200 صفحة قطع متوسط وعشرين جزءاً معنوناً بحسب تطور علاقة الحب بين سيمازا المحامية التي فشلت في الكذب بعد مضي ثلاث سنوات من ممارستها لهذه المهنة, وبين كرم الشاعر, مدرس اللغة العربية الذي يحضر رسالة الماجستير، ليقبر الفقر كما توضح الأحداث التي تتعلق بهروب سيمازا الأول والثاني منه، فهي التي تعاني من نُدبة في قلبها تركها حبها الأول لعمر, الذي مات بعد إصابته بالإيدز, إثر بيعه لكليته كي يعالج والدته، و يوصيها بأن تجد سعادتها مع قلب آخر، لتلتقي مع كرم الذي لاحقها وقتاً طويلاً حتى تمكن من استحواذ حبها لأنه احترم ذكرى عمر في قلبها مبررة الحب الثاني الذي دهم قلبها…
وأضافت: بأن الرواية اجتماعية عاطفية تعالج قصة حب فاشلة تصلح لأن تخلد في رواية مثل كل قصص الحب المتعثرة ,و الأحداث السياسية خلفية في روايتها فهي تحكي عن فترة الحرب وما تركته من جراح جسدية ونفسية ستبقى تنز حتى النهاية , فسيمازا تعاني من فوبيا الفقد فقد فقدت شقيقها الأصغر ذا العشر سنوات تحت أنقاض بيتها ومشهد يدها التي كانت تمسك بيد شقيقها لا يفارق مخيلتها خاصة لمّا قذفت بها بعيداً عنها عندما اكتشفت أن يده مفصولة عن جسده تماماً تحت الركام ,وفوبيا فقد كرم حبيبها الثاني مثلما فقدت عمر حبيبها الأول بسبب تبعات الحرب على الحياة الاجتماعية.
لغة الرواية شاعرية بامتياز تعتمد على المقابلة في الألفاظ والطباق، لغة الشخصيات متناسبة مع العمل الذي تقوم به, فسيمازا المحامية تقول :نسمح لهم بالحكم علينا بالذكريات الشاقة لفترة أطول، وكذلك لغة شخصية كرم الشاعر الذي كان يرسل لها القصائد الملغومة بالعشق ولغة أمها وأم كرم التي بدت متناسبة مع المستوى العلمي لهما.
تلك الهنات لا تفسد للجمال قضية وقد تصدت الكاتبة لتقول رأيها فيما يجري من تبعات للحرب على لسان رواية حب لتغوينا بمتابعة القراءة حتى آخر نقطة حبر من دمها وفي هذا دليل على إمساكها بخيوط الشخصيات وما تؤول إليه الأحداث كما لو أنها ليست التجربة الروائية الأولى وكأنها متمرسة في الكتابة منذ زمن بعيد.هناك بعض الضبابية التي تلحق لغة السرد
وأشار الأديب نزيه ضاحي لتضمين الرواية لشيء من الرومانسية الموروثة، والبحث عن قطرة ماء في مواسم الجفاف، وارتياد لحقول القمح في صحراء الحياة للوصول إلى أرض جديدة تزودنا بأبجدية جديدة عن الحب.
وأكد بأن الحوار جاء خادما ً لسير الأحداث وتصوير الأشخاص وعلاقتهم مع بعضهم وكان طبيعياً راقياً ملائماً للمواقف، وسهلاً ممتنعاً وحيوياً وممتعاً و أسلوب الكاتبة تماوج بين استخدام العبارات العامية، وشعرنة بعض مقاطع الرواية، فإذا كان الجمال في البساطة فمضمون هذه الرواية بسيط جميل مارست فيه المؤلفة العملية السردية بمستوى رفيع من الإتقان تلتحم فيه التقنية بالحكاية، والبعد الخيالي بالتأمل الواقعي ، فكانت بكاء ًعلى كتف القارئ وتربيتا ً على ظهره لتهدئة هواجسه ، وبث روح الطمأنينة في نفسه. ولابد من الإشارة إلى أن بعض أفكار الرواية جنحت نحو الوعظ والإرشاد وهو أسلوب بات ممجوجاً ومرفوضاً بعدما استعيض عنه بالاقتداء الحسن.
أما العاطفة في الرواية قافلة صدق وروعة وسحر وجمال تحدوها موسيقى جنائزية تبتعد عن التكلف والزخرف الزائد ، وتنسجم مع الزفرات المتصاعدة من قلب محروق، إنها كتاب هام للأدب الشبابي الجديد يكتسح بذكاء قوانين الرواية الكلاسيكية ، ويؤسس لذائقة أصيلة جديدة .
هذه الرواية تفيض بالحيوية والإشراق والتدفق والإمتاع من خلال الصور الجديدة المبتكرة ، والمعالجة الناضجة للظواهر الاجتماعية والتحرر من العبودية الفكرية لأن الريح القوية تطفئ الشموع ، ولكنها تؤجج النار وقد جاءت بعض ألفاظ الرواية قريبة من اللغة الدارجة ولكنها رفيعة المستوى. وقد بدأت في روايتها بمستوى عال من الحرفية والمهارة في الشكل ، وبفكر راق متقدم في المضمون
واختتم الروائي عبد الغني ملوك بالحديث عن الأديبة وأسلوبها وأكد ظهور الموهبة الكامنة لدى الأديبة بباكورة أعمالها هذه الرواية.