الملحق الثقافي:أحمد حبيب خضور:
ربما نهنهنا التعب، وبالغت في أذيَّتنا الحرب، مع ذلك، تمسَّكنا بوطننا وهويتنا السورية، لكن الصمود ليس خياراً بل مصيراً، وهو ليس وليد هذه الحرب فحسب، بل هو نتاج تاريخٍ بأكمله، تاريخٌ يضجُّ بالحروبِ والسياسات والمصالح الإقليمية والدولية بغرض الهيمنة على هذا البلد، لنهب ثرواته وخيراته، لكن، تبقى سورية عبر العصور، للسوريين فحسب.
اليوم وفي ظلِّ ما يعاني منه الشعب السوري في كلّ المجالات التي تضيّق الحياة عليه، نجده قد اعتاد وتأقلم مع الظروف القاسية، ولاسيما شظف العيش، فنجد الموظف قد أضاف إلى يومه عملاً إضافياً، والعامل زاد من ساعات عمله في معمل آخر.
نجدُ من يعطي الدروس الخصوصية للطلاب، ومن آثر أن يعمل سائقاً على سيارة أجرة بدل أن يقضي أمسيته مع زوجته وأطفاله، ومن تعمل محاسبة في متجرٍ أو مول إضافة لدراستها في الجامعة، وبما يزيد من دخل الفرد ويساعده في الصمود، أمام رحى الدولار التي ما زالت تسرع في دورانها، محاولة طحن القلوب، وإفراز الألم بحجمٍ واحد، يكادُ يساوي حجم الصبر المبذول دون الانهيار والانكسار.
ستشهد ساحة العباسيين على نضالكم أيها الباعة المتجولون عبر البسطات والأكشاك، وسيشهد سوق كشكول ورصيف الشيخ سعد، وكلّ ركن لم يزل فيه متسع للحياة في هذا الوطن الذي لا يموت، ستشهد معاول العمال وظهور الحمالين في سوق الهال، وستشهد خشونة أيدي عمال الكهرباء، وبرقعة ملابس عمال البناء والإكساء والدهان، سيشهدون على نضالكم في سبيل الحياة، كما ستشهد حبات العرق التي خضَّلت جباهكم، على جهد سواعدكم وعقولكم، إيماناً منكم بشرف السعي في مناكب الحياة خلف لقمة العيش، إيماناً وشهادة حية منكم، على أن على هذي الأرض، ما يستحق الحياة.
التاريخ: الثلاثاء9-2-2021
رقم العدد :1032