الثورة أون لاين – تحقيق جهاد اصطيف – حسن العجيلي:
تشهد أسواق مدينة حلب موجة غلاء غير مسبوقة خاصة في المواد الغذائية ولا أحد يعلم ما السبب المخفي وراء ذلك، هل هو تحكم التجار أم غياب الرقابة الفاعلة والحقيقية في الأسواق؟.
يقول البعض ممن التقيناهم، ولعل لسان حالهم كما هو معظم حالة المواطنين في حلب: إن الأسعار ارتفعت بنسب كبيرة جدا مقارنة بالأشهر القليلة الماضية وأرجع هؤلاء الأسباب إما إلى تحكم التجار بالسوق بالمقام الأول رغم توفر المواد بكثرة في الأسواق، أو كما قلنا عدم فاعلية الرقابة بشكل عام.
أسعار كاوية..
فيما يلي نورد لائحة بأسعار أهم المواد الغذائية في أسواق مدينة حلب:
الخبز في الفرن سعر الربطة ١٠٠ ليرة سورية ، بينما في السوق السوداء تتراوح بين (٤٠٠ و٥٠٠ ) ليرة.
صحن البيض يتراوح بين (٥٨٠٠ و ٦٦٠٠) ليرة.
رز (معونة صنف رابع) واحد كغ أكثر من (١٠٠٠) ليرة، أما الرز نوع ثان أو أول فالسعر يتراوح بين (٢٠٠٠و ٣٠٠٠) ليرة.
السكر واحد كغ (١٩٠٠) ليرة.
السمنة واحد كغ حوالي (٦٠٠٠) ليرة.
الفروج واحد كغ (٦٠٠٠) ليرة.
الزيت النباتي ليتر واحد (٥٨٠٠) ليرة.
الشاورما واحد كغ ( ١٩٠٠٠) ليرة والفروج المشوي (١٢٥٠٠) ليرة، بالطبع هذه الأسعار تم سبرها أمس في حي صلاح الدين بحلب كمثال ليس إلا وهو يعد من الأحياء الشعبية، ليس ذلك فحسب بل المفارقة العجيبة الغريبة هنا أن نجد السعر يتباين من محل إلى آخر في نفس الشارع وللسلعة أو المنتج ذاته.
في حين نجد أن النشرة السعرية الصادرة عن مديرية التجارة الداخلية بحلب بتاريخ ٨/ ٢ / ٢٠٢١ تقول: إن سعر كيلو الفروج (٥٧٠٠) وكيلو الشاورما (١٤٥٠٠) والفروج المشوي (١١٠٠٠) وأغلى تسعيرة لصحن البيض (٥٨٠٠) ليرة، ولا نريد أن نستزيد أو نكثر من الأمثلة لأن الأسعار على أرض الواقع تختلف تماماً عن النشرات السعرية لمختلف السلع أو المنتجات الغذائية.
أسعار جنونية
أمام ذلك يضيف الكثير ممن التقيناهم بالقول: “معظم العوائل لم يعد مصدر دخلها يسد حاجياتها الأساسية، وأصبحت لا تملك القيمة الشرائية للكثير من المواد الغذائية بالتزامن مع ارتفاع أسعارها الجنوني هذا، خاصة مع توسع الفجوة بين دخل الأسرة وما تحتاجه من مصروف شهري، إلى جانب أزمات معيشية متعلقة بعدم توفر المازوت والكهرباء وغيرها من الأساسيات، فالارتفاع الحاد هذه الأيام بأسعار المواد الغذائية الأساسية أصبحت مثار أحاديثهم اليومية سواء في السوق أم في البيت أم في العمل، أو حتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فكلها تتمحور حول الأسعار والمغالاة في ارتفاعها بنسب كبيرة قياسا لدخلهم حيث بات يسأل الناس عن الأسعار أكثر من الإقدام على الشراء.
وترتفع على الدوام ..
تقول أم حسين إن حفيدها يعمل بشكل متقطع “كنا نعيش على بعض المدخرات.. وقمنا كذلك ببيع أرض ورثناها، لكن لا أعتقد أن المال سيدوم كثيراً في ظل هذا الغلاء الفاحش”، وتتابع “ترى هل بإمكان الجهات المعنية أن تفعل أي شيء للسيطرة على هذا الهوس في الأسعار”؟ فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل ربما يصل إلى 300% منذ أقل من سنة.
فيما بدأت مريم شيئاً فشيئاً بالاقتصاد في مشترياتها الغذائية، وتقول “الأسعار من نار.. ونشهد كل يوم قائمة أسعار جديدة أكثر ارتفاعاً من اليوم الذي سبقه”، وتضيف: “نقوم بتغيير طعامنا اليومي بحسب الأسعار مبدية خشيتها من أن يأتي يوم وتنزل فيه إلى السوق وتعود دون أن تشتري شيئا بسبب الغلاء”.
وقال أبو حسام وهو رب أسرة مكونة من خمسة أشخاص: ” الوضع المعيشي أصبح صعباً في الآونة الأخيرة”، وتابع “لا أعرف ما حدث، فجأة ترتفع الأسعار بشكل لا يصدق، أنا الآن أتسوق من خلال النظر إلى نوافذ المحلات لأنني لا أستطيع تحمل هذه الأسعار”.
أما بالنسبة إلى نهاد فقد كان الوضع هو نفسه، حيث اشتكى من ارتفاع الأسعار الجنوني وقال: ” يجب أن تفعل الجهات المعنية أي شيء، إن لم يكن السيطرة على هذا الهوس في الأسعار فأقله الحد منه “، مشيراً إلى أن “راتبه يكفي فقط لمدة خمسة أيام في الشهر وسط هذه الأسعار المجنونة ” وأن كل سبل الرقابة الحالية لا تجدي نفعاً حتى الآن.
حتى أصحاب المحلات ..
في المشهد الآخر داخل متجر للمواد الغذائية، يدقق صاحب المحل – وما أكثرهم- في فواتيره، مبدياً امتعاضه من وجود “تقلبات الأسعار التي لا تهدأ ما بين صباح ومساء”، ويضيف: “عندما نبيع البضائع نخسر وعندما نشتريها نخسر”، معتبراً أن ” كل ما يحصل خسارة في خسارة”.
الدور الرقابي ..
دور الجهات المعنية بحلب حول هذه المسألة يوضحه سمير جعفر عضو المكتب التنفيذي المختص بمجلس محافظة حلب بأن دور المكتب التنفيذي بحلب لا يقتصر على تنفيذ القوانين والتعليمات فيما يخص واقع الأسعار ومراقبتها، وإنما أيضا نقوم بالتعاون والتنسيق مع مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بجولات دورية على الأسواق والمحال والأفران وغيرها ويتم على الفور الإبلاغ عن الحالات المخالفة واتخاذ ما يلزم بشأنها، مشيراً إلى أن موضوع التسعيرة يتم مركزياً وتتابع على الواقع حسب ما يرد من نشرات سعرية وضبط الحالات المخالفة أصولاً.
ويأمل عضو المكتب التنفيذي أن يلتزم الجميع خاصة تجار الجملة والمفرق بالنشرات السعرية الموضوعة خاصة فيما يتعلق بالمواد الغذائية كما دعا الجميع من موقعه أن يتعاونوا ويتجاوبوا مع متطلبات السوق وعدم رفع الأسعار تخفيفاً على أعباء المواطنين.
تنظيم ضبوط
بدوره المهندس أحمد سنكري طرابيشي مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحلب قال: تقوم المديرية بتنظيم الضبوط اللازمة بحق المخالفين ونراقب الأسعار وفقاً للنشرات السعرية وطبقاً للفواتير مع تحديد هامش الربح عبر دورياتنا التي تنتشر في معظم الأحياء والأسواق، فضلاً عن الشكاوى التي تردنا من المواطنين وفي حال وجود المخالفة نقوم على الفور بتنظيم الضبط أصولاً.
وأضاف طرابيشي إلى أنه على سبيل المثال تم خلال الشهر الماضي تنظيم (٣٨) ضبطاً لبيع سعر زائد لمادة البيض و(١٢٠) ضبطاً بمخالفة عدم الإعلان عن الأسعار، منوهاً إلى أن هناك جهات عدة تقوم بالعمل معنا من أجل مراقبة الأسواق لتغطية أكبر قدر ممكن الأحياء والأسواق.
ماذا بعد ..
أخيراً لم يبق أمامنا سوى أن نتساءل إلى متى سيطغى الارتفاع السريع والمتواصل للمواد الغذائية على المشهد بشكل عام ويبقى المواطن متأرجحا بين اللحظة والأخرى ولسان حاله يقول: ما السبيل الأنجع للخروج من هذا الارتفاع الجنوني للأسعار؟.
تصوير – خالد صابوني