حضارة النَّفَاذ

 

 

يبدو أنّ القانون 8 لعام 2021 الذي أصدره السيد رئيس الجمهورية يوم أمس بشأن إحداث وتأسيس (مصارف التمويل الأصغر) لتأمين التمويل اللازم لمشاريع شريحة صغار المُنتجين وأصحاب الأعمال الصغيرة ومحدودي ومعدومي الدخل عبر منحهم قروضاً تشغيلية وذلك من أجل تأمين دخل إضافي لهذه الشريحة وخلق فرص عمل وتحقيق التنمية المستدامة، يبدو أن هذا القانون سيكتسح الساحات بفعاليته وارتداداته، ولاسيما أن ما منحه من صلاحيات للمصارف التمويلية المحدثة، وعلى وجه الخصوص إمكانية منح القروض بكفالة أو من دون كفالة، سيجعل منها مصارف شديدة الفعالية، تسدّ بوجودها ذلك الوجود اللامجدي – إن لم نقل الفاشل – لمؤسسات طويلة عريضة، كان من المفروض أن تلعب دوراً كبيراً في حلّ معضلة قروض روّاد الأعمال، الذين تاهوا، وهرموا وهم ينتظرون الفرج بلا فائدة، إذ لا فائدة بدت بالفعل من هيئة تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، على الرغم من مضي نحو عشرين عاماً على إحداثها باسم هيئة مكافحة البطالة أولاً، مروراً بمختلف التسميات التي اجتهدت بتغييرها، ولا من مؤسسة ضمان مخاطر القروض، التي مضى على إحداثها نحو خمس سنوات، ولم نسمع أنها قامت حتى الآن بضمان مخاطر ولو قرض واحد ..! ولا تزال منهمكة – أو ربما بلا انهماك – في شرح التعليمات والمستجدات ذات الصلة بالقطاع المصرفي .. وما شابه.

فقد أثبتت هاتان المؤسستان فشلاً ذريعاً في عدم قدرتهما على التقدّم خطوة واحدة، سواء كان هذا الفشل منهما، أم من غيرهما، فالنتيجة واحدة، وهي أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي خُلقت هاتان المؤسستان لإنعاشها، بقيت في حالة من الركود التام، وبقي مئات آلاف رواد الأعمال تائهين في دهاليز البحث عن فرصة عمل، دون أن يجدوها إلا بصعوبة بالغة، وبمقدرة استثنائية على تأمين ضمانات القرض، فتقف العقبات حائلة دون التمكّن من النفاذ المالي إلى المصارف التي تتقيّد بشروط لم تستطع لا الهيئة ولا المؤسسة أن تفعلا شيئاً يساهم بتطويق تلك الشروط وتذليلها أمام طلاب القروض، فبقيت الأمور على حالها دون فعل أي شيء يُذكر.

اليوم بات من المفترض أن يُتاح أمام روّاد الأعمال (النفاذ المالي) المُرتجى، إلى أروقة هذه المصارف الجديدة التي صرنا بانتظار إشراقها ووجودها على الأرض المكلل بأمل عدم التأخير بالانطلاق، فمن أهداف المصارف الجديدة المنصوص عليها بالقانون 8 تحقيق النفاذ المالي لأكبر شريحة ممكنة من ذوي الدخل المنخفض أو معدومي الدخل وممن لديهم القدرة على ممارسة نشاط اقتصادي، ولا يمكنهم الوصول إلى الخدمات المالية المصرفية وذلك من خلال تقديم المنتجات والخدمات المالية المختلفة في مجالات الائتمان والادخار والتأمين، والخدمات غير المالية المرتبطة بها، من تدريب وبناء القدرات وتقديم المشورة للعملاء وغيرها، بهدف تأمين دخل إضافي وخلق فرص العمل وتحسين نوعية الحياة سعياً وتعزيزاً للبعد الاقتصادي والاجتماعي من أجل تحقيق التنمية المستدامة.

إن هذا النص ضمن القانون نفسه حضارة حقيقية ستقلب الموازين بخلق المزيد من فرص العمل وإنقاذ المستهدفين ولاسيما معدومي الدخل لينطلقوا بالعملية الإنتاجية التي تنقذهم وتساهم – كتحصيل حاصل – بإنعاش اقتصادي صرنا بانتظاره.

على الملأ – علي محمود جديد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
انتهاكات "قسد" المستمرة تهدد بانهيار اجتماعي في الجزيرة السورية "التأمين والمعاش" بحمص ..طابق مرتفع وكهرباء بـ"القطارة" ..! رفع تعرفة الكهرباء بين ضرورات الاستدامة والضغوط المعيشة  مستشفى الصنمين... بين نبض الحياة وغياب القرار! "المستهلك المالي" يحتاج إجراءات مبسطة تناسب المواطن العادي الموجه الأول لمادتي الفيزياء والكيمياء: تفعيل المخبر المدرسي وإدخال "الافتراضي" خروقات "قسد" المستمرة.. انتهاكات بحق المدنيين تتجاوز اتفاق الـ10 من آذار  بعد رفع أسعار الكهرباء.. صناعيون يطالبون بالتشاركية لإنقاذ القطاع  التسوق الإلكتروني.. فرصة اقتصادية أم تهديد للمتاجر الصغيرة؟ تفعيل دور القضاء في السياسات التعليمية  الإصلاح والواقع المعيشي.. خياران أحلاهما مر  أمام  قرار رفع الكهرباء   الربط البري بين الرياض ودمشق..فرص وتحديات اقتصادية  في عالم الأطفال ..  عندما  تصبح الألعاب أصدقاء حقيقين   الأسعار الجديدة للكهرباء تشجع على الترشيد وتحسن جودة الخدمة  تعادل سلبي للازيو في السيرا (A) بايرن ميونيخ يشتري ملعباً لفريق السيدات ميسي يتحدى الزمن ويُخطط لمونديال (2026)  مونديال الناشئين.. (48) منتخباً للمرة الأولى ونيجيريا (الغائب الأبرز)  اللاذقية تُنظِّم بطولة الشطرنج التنشيطية  ملعب في سماء الصحراء السعودية