الدراما التلفزيونية تتحدى الصعاب

الثورة أون لاين- فؤاد مسعد:
كثيرة هي المصاعب والعراقيل التي حاولت فرملة الدراما السورية، ولعل الامتحان الأكبر بدأ مع الحرب التي شنت على سورية، فمنذ عشر سنوات كان الرهان تصفية دراما تحمل من العراقة الكثير، وإنهاء وجودها على الساحة، وسحب البساط من تحت أقدامها، واستُخدمت لذلك كل الطرق المُتاحة، منها تفريغها من نجومها ومبدعيها عبر استقطابهم للمشاركة في أعمال تصوّر خارج سورية. ولكن الدراما السورية كانت ولاتزال ولاّدة بالمبدعين، ومن المحاولات التي مورست عليها أيضاً التضييق الإنتاجي وتجفيف التمويل وعرقلة التسويق ولجوء البعض إلى المقاطعة ما تسبب لسنوات بانكفاء عرض المسلسل السوري على المحطات الكُبرى التي عادة ما كانت داعمة لهذا المنتج في وقت من الأوقات، ولكن تم عرض العديد من الأعمال على محطات أخرى، وجاء قرار شراء الأعمال لصالح التلفزيون السوري لعدد من السنوات ليدعم المنتجين ومكانة المسلسل السوري، وفي النتيجة كل باب كانوا يعمدون إلى إغلاقه كانت الحلول والبدائل جاهزة للتعاطي معه وتخطيه، وإن بصعوبة، فاستطاعت الدراما أن تحوّل كل سهم يُطلق على جسدها إلى درجة تصعدها في سلم النجاح.
لا يمكن إنكار ما أصاب الدراما التلفزيونية من تراجع كماً ونوعاً ولكنها أفشلت كل المراهنات واستمرت قدماً في أحلك الظروف وأقساها، فمن ينسى كيف كان يتم تصوير الأعمال تحت وابل القذائف التي تتساقط في كل مكان؟ ومن هذا المنطلق لابد من رفع القبعة احتراماً لكل من عمل في مواقع التصوير ابتداءً من المخرج والممثلين وحتى أصغر عامل، فكل هؤلاء لهم الفضل في جعل درامانا منتشرة على الشاشات ومحققة لتواجد مهم ومُتقدم رغم كل سنوات الحرب والألم.
ولكن كيف يرى المبدعون حال الدراما خلال سنوات الحرب؟ وهل استطاعت تجاوز الأزمة والخروج منها بأقل الخسائر؟ .

a9.jpg

ـ دراما مُقاومة :

على الرغم مما عانته سورية خلال السنوات العشر الماضية إلا أن الحراك الفني والإبداعي بقي حاضراً مقاوماً.. فبأي عين ينظر المبدعون إلى سعي هذا الحراك للاستمرار ومقارعة التحديات والبقاء رقماً يُحسب حسابه على الساحة؟.. ضمن هذا الإطار يؤكد الكاتب بسام مخلوف أن الدراما السورية حاولت أن تقاوم في سنوات الحرب قدر ما استطاعت مشيراً إلى الدور الذي لعبته المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني على الرغم من محدودية الإمكانيات وذلك في ظل تراجع دور العديد من الشركات على صعيدي الكم أو النوع.
أما المخرج فهد ميري فيؤكد أن الدراما السورية مستمرة وموجودة على الساحة لكنها عانت من الضعف، الأمر الذي يدفعه لتوصيف الحالة وطرح التساؤلات، يقول : (ربما استطاعت هذا العام تقديم إنتاجات بميزانيات كبيرة ما يعني أن هناك ما هو أفضل، ولكننا نعاني من وهن إنتاجي نتمنى أن يزول خلال فترة قريبة، وتراجع المشهد الإنتاجي يدفعنا للتساؤل: لماذا أغلب إنتاجاتنا هذه السنة بيئة شامية، هل لأنها مطلوبة؟ لماذا نحن مضطرون لتقديم إنتاج متواضع؟ وبما أن الحالة الإنتاجية هي نصف العمل فلماذا لا نعطي المسلسل حقه إنتاجياً؟ فلن يُنجز مسلسل دون مال يستقطب الممثل ويوفّر موقع التصوير والديكور والإكسسوار والكاميرات الحديثة وما إلى ذلك).
ـ محاولات تهميشها:
(الدراما اليوم بألف خير ولم تتراجع رغم محاولات تهميشها).. هذا ما يؤكده الفنان رامز عطالله مشدداً على فكرة استمرارها وعدم توقفها، يقول: المسرح القومي لايزال يقدم أمات المسرح العربي والعالمي والمحلي، وهناك اجتهاد وأعمال هامة في سعي لنعود كما كنا وأفضل، وفي السينما لم أشاهد عملاً يبث اليأس في النفوس، وعلى سبيل المثال في فيلم (غيوم داكنة) الذي عرض مؤخراً وشاركت فيه يشعر من يراه أنه لايزال أمامنا الكثير من العمل، فعبر الشخصية التي أديتها دارت عقارب الساعة وأعيدت لها الحياة في النهاية، فليس هناك ما لا يمكن تعميره، وأرى أن الحرب مادة دسمة للكتاب وللمخرجين، ففي كل زاوية من جغرافية الحرب هناك قصة ودراما، إضافة إلى انعكاس الحرب على الناس ونفوسهم، فقد ترى أن هناك أشخاصاً يعيشون حالة إحباط ولكن هناك أشخاص تجاوزوا هذه المرحلة للقول أنهم يريدون أن يعمّروا البلد ولم ييأسوا.
ـ حضور بطعم الانتصار:
تشير الفنانة ريم عبد العزيز إلى أن حضور الدراما السورية ضمن المشهد العام خلال السنوات العشر الماضية يعتبر بحد ذاته انتصاراً، مؤكدة أن الدراما السورية مرآتنا، وهذه المرآة قد تُخدش أحياناً ويطالها الغبار ولكن علينا أن نتجاوز هذا الأمر ونحافظ عليها متمنية لها الأفضل دائماً، تقول: (في كل عام أتوجه لكل من اشتغل وتعب بعبارة “يعطيكم العافية” لأن ظرفنا ليس سهلاً، فلا تجعلوا الحرب شماعة تضعون عليها ما أصاب الدراما، وطالما أننا بقينا حاضرين وتجاوزنا الحرب فنحن أقوياء ونستطيع أن نعود لأخذ مكاننا ونكون في الصفوف الأولى، ولكن ينبغي أن نفكر بطريقة

مختلفة وننطلق من جديد، فنحن لا نقبل الهزيمة، هكذا تربينا وهكذا سنكمل، وسنعمرها معاً).

a10.jpg

ـ إعادة الإعمار:
في كلمة أخيرة لا بد من الإشارة إلى أن الدراما السورية قد طالها ما طال معظم مناحي الحياة وتأثرت بالحرب، ونالها قسط كبير من الضرر، الأمر الذي يستدعي أن تشمل مرحلة إعادة الإعمار بنيانها لأنها بأشد الحاجة إلى خطة ممنهجة ودعم حقيقي لتعود كما كانت وأفضل متماشية مع العصر، وقد استطاعت الاستمرار رغم الصعوبات، لأنها أصلاً دراما قوية بنيت على أسس متينة وتمتلك من المقومات الكثير لتبقى واقفة لا تنكسر، كما تمتلك تاريخاً بني بجهد وتعب ودأب الكثير من المبدعين والرواد، وبالتالي هي بنيان شيّد على الصخر وليس على الرمل، إلا أن هذا الأمر لا ينفي أنها عانت من خضّات مؤلمة وتحتاج للتعاطي معها بشكل منفتح يتأقلم مع روح العصر اليوم، الأمر الذي يحتاج إلى إرادة وتضافر جهود أكثر من جهة، لتكريس عادات وتقاليد وأعراف إنتاجية وفنية إبداعية تحكم العلاقات الابداعية يكون من مهامها ترسيخ آليات عمل ووضع ضوابط لحماية المُنتج الدرامي وحماية العاملين فيه، فلا بد أن يكون العمل الدرامي التلفزيوني السوري كعادته منافساً شرساً ويُزاحم على الصدارة دائماً دون مهادنة

 

آخر الأخبار
الفرملي: تنسيق مع منظمتي "بلا حدود" و "حماية المدنيين" لتقديم منحة لدعم التأمين الرقمي  أهالٍ من القنيطرة يحتفلون برفع العقوبات عن سوريا احتفالات  في حمص برفع العقوبات رئيس اتحاد غرف التجارة السورية : رفع العقوبات سيسهم في عودة الاقتصاديين إلى وطنهم وتدفق الاستثمارات رئيس غرفة صناعة دمشق لـ"الثورة": رفع العقوبات هو التحرير الثاني لسوريا خبير اقتصادي  لـ"الثورة": رفع العقوبات يفتح باب الاستثمار ويحسّن مستوى الدخل الاقتصاد السوري بعد 13 أيار ليس كما قبله...  خربوطلي لـ"الثورة": فرص الاستثمار باتت أكثر من واعدة ماذا بعد رفع العقوبات..؟ الدكتور عربش لـ"الثورة": فتح نوافذ إيجابية جداً على الاقتصاد نائب وزير الطوارئ لـ "الثورة":  حرائق الغابات التهمت 150 هكتاراً جامعة دمشق تناقش أهمية إدخال تقنيات  الذكاء الاصطناعي في عملية صنع القرار لتقديم أفضل مرور إنترنت في سوريا  الاتصالات تطلق مشروع "سيلك لينك" احتفالات كبيرة في طرطوس برفع العقوبات.. وإعادة التعافي للقطاعات  الشيباني: قرار ترامب برفع العقوبات نقطة تحول محورية للشعب السوري الأمم المتحدة ترحب بقرار ترامب رفع العقوبات على سوريا ترامب يعلن من الرياض رفع العقوبات عن سوريا "الاقتصاد والصناعة" تمنع تصدير الخردة الزراعة" و"أكساد" تطلقان دورة تدريبية لتشخيص الديدان الكبدية والوقاية منها إخماد حرائق غابات ريف اللاذقية انتهى.. والتبريد مستمر يوم حقلي لملاءمة أصناف القمح مع بيئة الشمال  الصحة: دعم الجهود الوطنية في التصدي لتفشي الكوليرا