هل يريد بايدن إعادة العالم إلى حقبة الحرب الباردة؟

 

الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
خيّب الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن آمال كل من اعتقدوا بان أميركا يمكن أن تغير جلدها الاستعماري القديم، أو أن تتخلى عن نزوعها الدائم للهيمنة والسيطرة عبر استعراض القوة وعقد التحالفات العدوانية بعيدا عن لغة التفاهم والحوار، ففي الوقت الذي انتظر فيه العالم أربع سنوات قاسية للتخلص من حقبة دونالد ترامب وما حفلت به من حماقات وكوارث وما خلفته من تداعيات ألقت بثقلها على الأمن والسلم الدوليين، عاجلهم بايدن بوجه أميركي آخر لا يقل قبحاً عن وجه سلفه المنتهية ولايته، مع خطاب استعلائي عدائي استفزازي يعيد العالم مرة أخرى إلى أجواء الحرب الباردة، مع محاولات محمومة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء بالسعي إلى أحادية قطبية متحكمة لها الكلمة الفصل بكل ما يخص شؤون البشرية، دون أي مراعاة لمصالح القوى العالمية الكبرى كروسيا والصين أو بقية الأمم والشعوب.
لا خلاف بأن بايدن ينتمي إلى تلك الحقبة البائدة “حقبة الحرب الباردة”، فمفرداتها لاتزال تعشش في تلافيف دماغه، وما خطابه الذي تحدث به في مؤتمر ميونيخ الأمني عن “عودة أميركا” ومحاولته جمع حلفاء الناتو تحت القيادة الأميركية مجدداً بعد أن كاد الحلف يلفظ أنفاسه الأخيرة مع ترامب بسبب الخلاف حول مساهمات أعضائه المالية، سوى دليل على تمسكه بتلك الحقبة، إذ يعتبر حلف شمال الأطلسي أبرز رموز وأدوات تلك الحقبة من تاريخ العالم، وأما هجومه غير المبرر وغير الدبلوماسي على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووصفه “بالقاتل” فهو محاولة منه لجر روسيا إلى مستنقع العداء المستحكم بين القوتين العظميين ودفعها إلى سباق تسلح جديد، في حين تشي محاولاته لتجديد التحالفات الأميركية في شرق آسيا في مواجهة الصين، إلى العبث باستقرار هذه المنطقة المهمة من العالم، ومحاولة فرملة التقدم الذي تحرزه الدولة الصينية اقتصاديا ومحاصرتها بأشكال مختلفة من الإجراءات والعداوات والتدخلات التي تحد من قدرتها على تحقيق المزيد من النجاحات والحضور على الساحة العالمية.
ويبقى السؤال المصيري هنا هل سينجح بايدن عبر هذه السياسة العدائية تجاه روسيا والصين باستعادة القطبية الأحادية المفقودة وتزعم العالم مجدداً، أم أن هذه السياسة ستنقلب على أميركا مزيدا من العزلة بحيث تزيد من خسائرها لمصلحة خصومها الافتراضيين؟!.
على الجانب الروسي، ومهما بلغ مستوى التحالف بين ضفتي الأطلسي فإن أوروبا في الوقت الحالي أعجز من أن تستغني عن الغاز الروسي الذي يشكل أكبر مجال لتقاطع المصالح بين الطرفين، ومن يقرأ تصريحات بايدن العدائية تجاه بوتين سيجد فيها محاولة إثارة أزمة من أجل تبرير سياسة جيوسياسية تهدف إلى تشديد العداء تجاه موسكو، والغاية كما يبدو إنهاء مشروع خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 الذي يصل بين روسيا وأوروبا، وقد أكد هذا التوجه تصريح وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن حين أعلن أن الولايات المتحدة سوف تفرض عقوبات جديدة قاسية على “أي دولة تشارك في خط أنابيب نورد ستريم 2″، مضيفاً بأن هناك التزاما حكوميا كاملا في الولايات المتحدة بوقف مشروع إمدادات الغاز بين روسيا وأوروبا.
الغريب في الموقف الأميركي أنه لا يعير اهتماماً للمصالح الأوروبية التي ستتضرر كثيراً من السلوك الأميركي العدواني رغم أن بايدن يعتبر الأوروبيين حلفاء لأميركا، وعلى المقلب الأخر تحاول إدارة بايدن النفخ بنيران العداء تجاه بكين وتشويه سمعتها، ولا يختلف اثنان في أن خلفية هذا العداء لا علاقة لها بما يشاع حول حقوق الإنسان في الصين، فسجل أميركا وحلفاؤها في هذا المجال أكثر من مخجل، بل يشكل الاقتصاد الصيني الذي يتقدم نظيره الأميركي لناحية النمو المتسارع في ظل جائحة كورونا، العامل الأبرز للتحركات الأميركية ضد الصين، ولاسيما في كوريا الجنوبية واليابان مؤخراً ومحاولة عقد تحالفات تضر بالمصالح الصينية، غير أن هذه السياسة الأميركية لن يكتب لها النجاح، لأن العالم تجاوز مرحلة الخصومات التقليدية والحروب بالوكالة، وباتت معظم دول العالم تبحث عن مصالحها أكثر ما تبحث عن العداوات والخصومات، ولذلك لن يكون سهلاً على إدارة بايدن المضي قدما في هذه السياسة البائدة ولاسيما أن معظم الحلفاء الذين تريد واشنطن استمالتهم للوقوف في وجه الصين لا يستطيعون التخلي عن التعاون معها، فالعلاقات والمصالح بين الصين وجيرانها أكثر تشابكاً مما تعتقد واشنطن، ثم إن رفع لواء العداء لكل من بكين وموسكو سيقرب العاصمتين أكثر، ولم يستبعد بوتين أن تصبح العلاقات بين العاصمتين أقرب للتحالف الاستراتيجي ولاسيما هناك مجالات واسعة للتعاون والتحالف بينهما، ولو توقف الأمر على النوايا العدوانية التي تكنها واشنطن لهما معاً لكانت كافية للتحالف بينهما.

آخر الأخبار
وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة الهوية البصرية الجديدة لسورية من ساحة سعد الله الجابري بحلب وزير الإعلام: الهوية البصرية الجديدة تشبه كل السوريين خلال احتفالية إشهار الهوية البصرية الجديدة..  الرئيس الشرع : تعبر عن سوريا الواحدة الموحدة التي لا ت... رئيس اتحاد العمال: استعادة الدور النقابي المحوري محلياً وعربياً ودولياً تطوير البنية التحتية الرقمية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي تمثال الشهداء..  من ساحة سعد الله إلى جدل المنصّات.. ماذا جرى؟  الفرق النسائية الجوالة .. دور حيوي في رفع الوعي الصحي داخل المخيمات إجراءات لتحسين خدمات المياه والصرف الصحي في بلدة حلا مفاعيل قرار إيقاف استيراد السيارات المستعملة على سوق البيع باللاذقية  الاستثمار في الشركات الناشئة بشروط جاذبة للمستثمر المحلي والدولي  سوريا.. هوية جديدة تعكس قيمها وغناها التاريخي والحضاري الهوية البصرية للدولة.. وجه الوطن الذي نراه ونحسّه  تطبيق "شام كاش" يحذر مستخدميه من الشائعات تأهيل مدرسة "يحيى الغنطاوي" في حي بابا عمرو أهال من جبلة لـ"الثورة": افتتاح المجمع الحكومي عودة مبشرة لشريان الخدمات فتح باب الاكتتاب على مقاسم جديدة في حسياء الصناعية