في 21 نيسان من عام 1997 رحل الموسيقار سيد مكاوي، بعد أن أثرى المكتبة الموسيقية والغنائية بالأعمال الفنية الأصيلة، القادرة على البقاء والتجدد والاستمرار في ذاكرة الأجيال المتعاقبة، وسط انتشار الأجهزة الإلكترونية الحديثة، والإيقاعات الصاخبة في عالمي الموسيقا والغناء.
يذكر أنه ولد في حي السيدة بالقاهرة عام 1928، وكان في بداياته يردد الأغاني التراثية، المتأثرة بمدرسة سيد درويش، وتم اعتماده مطرباً، في الإذاعة المصرية، ولم يبلغ خمسة عشر عاماً، وما لبث ان اتجه نحو التلحين، وفي بداياته قدم لحناً لإبراهيم حمودة، المطرب الشهير في ذلك الوقت، كما اشتهر كملحن في بداياته بأغنية ( حكايتنا إحنا الاتنين) التي أدتها ليلى مراد، ولحن (اسأل مرة عليا) بصوت محمد عبد المطلب، وتوضحت مدرسته التلحينية في أواسط الستينات، رغم تأثره الواضح بمدرسة زكريا أحمد، حتى أنه سجل بصوته بعض أغاني الأخير (ومنها يا صلاة الزين، والورد جميل) وخلال مسيرته الفنية الطويلة، قدم ألحاناً لكبار المطربات والمطربين: أم كلثوم، ليلى مراد، فايزة أحمد، نجاة، شادية، محمد عبد المطلب، محمد قنديل، وردة، سعاد محمد، صباح، ميادة حناوي، نجاح سلام وغيرهم..
ويبقى لحنه الشهير (يا مسهرني) من كلمات أحمد رامي، الذي أدته أم كلثوم شاهداً على أصالته وروعة إحساسه، وهذه الأغنية جعلت صيته كملحن يعلو في سماء الطرب، الأمر الذي جعل أنظار كبار المطربين والمطربات تتجه إليه للحصول على ألحان منه، كما قدم بصوته أغاني كثيرة من أشهرها: ليلة مبارح، والأرض بتتكلم عربي، وخلي شوية عليا.. ولأن الأصوات كالبصمات لا يمكن أن تتشابه، أعاد تسجيل العديد من ألحانه الشهيرة بصوته وبإحساسه وأضاف إليها بصمته الخاصة، وخاصة يا مسهرني التي سجلها على أوتار عوده، وطور في اللحن، وهنا برزت موهبته في القدرة على التعديل والإضافة، حتى لا يقع في مشكلة التكرار والترداد، وقد استطاع بموهبته وعشقه المتجدد للفن أن يتجاوز كل الصعاب، حتى أنه رفض استعادة بصره، خوفاً على موهبته وإصراره ومثابرته، كما رفض أن يقول إن الفن حرام ويعتزل، مقابل أي مبلغ يريده، هو الذي عرف كأشهر مسحراتي في تاريخ الإذاعة المصرية، حيث سجل فيها مئة وخمسين حلقة، وستين حلقة للتلفزيون، ووصل رصيده إلى أكثر من ألف وخمسمئة أغنية.
رؤية – أديب مخزوم