من المتعارف عليه أن القوانين (الوضعية) تسن لتنظم العلاقات بين الأفراد والمؤسسات في مجتمع واحد بما يؤدي إلى إيصال كل حق إلى صاحبه، مع مراعاة أداء الجميع لواجباتهم تجاه مجتمعاتهم وتجاه الآخرين، وبالتالي الوصول إلى أفضل أداء للمجتمع ككل وتحقيق الأهداف والتطلعات المرجوة.
وفي هذا السياق ترك المرسوم التشريعي رقم 8 الخاص بحماية المستهلك أصداء طيبة لدى الشرائح الأوسع من المواطنين الذين أتعبتهم موجات الغلاء المتلاحقة التي طالت السلع والمواد المختلفة في أسواقنا المحلية، والكثير منها لم يكن مبرراً ولا يستند إلى قاعدة اقتصادية صحيحة سواء تغيرات سعر صرف الليرة السورية، أو آليات العرض والطلب أو حتى ارتفاع أجور النقل وغيرها من الذرائع التي كانت تساق وتحمل عليها تلك الموجات غير الطبيعية من الغلاء.
بمقابل ذلك خرجت بعض الأصوات التي عبرت عن مخاوفها من بعض مواد القانون، حيث طرح بعض الصناعيين تساؤلات حول آليات تطبيق مواد بالقانون الجديد مقترحين إعادة النظر فيها بما يؤدي إلى توضيح الفكرة منها، وتيسير عمل الصناعيين وعدم تعرضهم للعقوبات المنصوص عليها في القانون نتيجة عدم قدرتهم على تطبيق ما نص عليه القانون في بعض تلك المواد..
وإن كان لتلك المخاوف ما يبررها، إلا أنها في الآن ذاته تعكس في طياتها نوايا لدى البعض للمطالبة بزيادة مرونة بعض نصوص القانون لتكييفها بحسب أهوائهم ورغباتهم وبما يعيد الأمور إلى المربع الأول، للتهرب ما أمكن من الضوابط والنصوص القانونية التي من شأنها إعادة التوازن إلى الأسواق وضبط الحالات غير المبررة لفلتان الأسعار والتلاعب بمواصفات السلع والمنتجات..
إن أكثر من يسعده تطبيق القانون هم الحلقات الأضعف التي باتت تحتاج لمظلة واسعة تحميهم من حر الأسعار ووقرها وعدم انضباط بعض المتحكمين بأسواقنا المحلية، في حين أن الأطراف الأخرى التي جاء القانون ليضبط سلوكها المعوج لن تكون مرتاحة للتطبيق السليم للقوانين والأنظمة.
لذلك فإن أكثر ما يرجوه المواطنون هو الجدية الكاملة من قبل الجهات المعنية بتطبيق قانون حماية المستهلك الجديد، بحيث تستعيد الأسواق عافيتها وتعود إليها حالة التوازن التي فقدتها نتيجة سلوك خاطئ من قبل البعض أدى إلى فوضى سعرية وفوضى في الإنتاج والتسويق وأدى إلى تشوهات تولدت عن حالات الاحتكار والاستغلال.
حديث الناس – محمود ديبو