القبضُ على الأوهام..

لعبتْ ظروف الحرب العدوانية، والعقوبات الجائرة ضد سورية، والحصار الإجرامي الذي نعيش فصوله، دوراً بليغاً باستهداف الطبقة الوسطى في المجتمع، والتي كانت تُشكّل الجسر الآمن للعبور والتآلف بين فقراء المجتمع وأغنيائه، وهي القادرة على إحداث توازنٍ حقيقي منطقي ومقبول بين طبقات المجتمع، وعلى تعديل المزاج الاجتماعي، لأن وجودها واتساعها يساهم في بثِّ وزيادة منسوب الأمل عند الطبقة الفقيرة بأن المرور على ذلك الجسر ممكن، وحتى أنه قابل للعبور، فوجودها على الأرض بقوة يعطي مؤشرات قوية على نجاح السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

فصحيح أن تلك الظروف لعبت دوراً كبيراً في تقليص تلك الطبقة، إلاّ أن بعض الإجراءات ساهم إلى حد كبير في الإكمال عليها وتدميرها ليتحوّل المجتمع إلى طبقتين فقط أغنياء وفقراء، تترسخ فيهما فوارق حادّة بعيدة عن أي صلة وصل بعد تحطيم ذلك الجسر القادر على امتصاص الفوارق وتسويتها.

لن نضيف جديداً إن قلنا بأن الطبقة الوسطى هي أهم الطبقات اقتصادياً وتنموياً وعملياً، لأن الطبقة العليا هي أصحاب الأعمال، أما الطبقة الثالثة الدنيا فهي التي قوامها من العمالة الكادحة وقليلة الدخل. لتبقى الطبقة الوسطى التي تحمل مسؤولية التوازن بين الطبقات، وهي الملاذ في إحداث التوازن الاقتصادي والاجتماعي، وهي تتكون غالباً من الموظفين والعاملين في الدولة، والعاملين في القطاع الخاص، ومن المهنيين والحرفيين، وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة والعاملين بها، وتكمن أهميتها بأن معظم من فيها يكسبون دخلهم بعرق جبينهم، وهي الطبقة المنتجة لمعظم السلع والخدمات ذات الأثر على الناتج المحلي في الاقتصاد وتعتبر بالنهاية المحرك الاقتصادي للإنتاج والاستهلاك معاً.

ما من شك بأن الحكومات كانت ولا تزال تدرك هذه الحقيقة، ولهذا نراها دائماً تُغدق في الوعود وإنشاء البيانات التي يستحيل تنفيذها، وهذا كله ليس أكثر من محاولات لتغطية الفشل الذي بات عصياً عن التغطية بعد الوصول إلى ما وصلنا إليه من جنون الأسعار وتفاقم التضخم وتدني مستوى المعيشة واتساع رقعة الفقر.

الظروف صعبة دون شك، ولكن اجتراح الحلول لم يكن مستحيلاً ولا حتى صعباً، ولاسيما في السنوات الأخيرة بعد أن تمكن الجيش العربي السوري والقوى الرديفة والمساندة من دحر الإرهاب عن مساحات كبيرة من المدن والبلدات والأراضي الشاسعة، فكان هذا الواقع الجديد فرصة كبيرة للدفع بجدية وقوة نحو المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لأن تصير على الأرض قائمة وتُنتج وتستقطب فرص العمل، وتحسن الدخل، ولكننا مع الأسف ما نزال نتباهى بالتريليونات في البنوك دون أن نعرف طريقة مجدية وآمنة وميسّرة لاستثمارها في إقامة تلك المشاريع التي سئمنا من وعود الاهتمام بها، وهي معطلة ورواد الأعمال القادرين على إقامتها تشلّهم حالة عدم تأمين التمويل، وها هم على الأرصفة وفي الساحات والطرقات لا يقبضون سوى على حزمة أوهام من هنا وهناك.

على الملأ- علي محمود جديد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة الجفاف يخرج نصف حقول القمح الإكثارية بدرعا من الإنتاج  سوريا نحو الانفتاح والمجد  احتفال الهوية البصرية .. تنظيم رائع وعروض باهرة "مهرجان النصر" ينطلق في الكسوة بمشاركة واسعة.. المولوي: تخفيضات تصل إلى 40 بالمئة "الاقتصاد": قرار استبدال السيارات مزور مجهولون في طرطوس يطلبون من المواطنين إخلاء منازلهم.. والمحافظ يوضح بمشاركة المجتمع الأهلي.. إخماد حريق في قرية الديرون بالشيخ بدر وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة