الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
أعلنت الصين أنها ستستثمر 400 مليار دولار في إيران على مدى 25 عامًا مقابل صفقة كبيرة على النفط الإيراني – في أحدث خطوة من التحدي المطلق ضد الولايات المتحدة وعقوباتها الثانوية، إلى أين يتجه كل هذا؟.
400 مليار دولار هو مبلغ كبير من المال للاستثمار في إيران، وبهذا يستمتع كلا الجانبين بضربة مزدوجة تتمثل في إرسال رسالة صاخبة إلى واشنطن.. أيامك منتهية كقوة عظمى يمكنها التنمر على الدول بفرض عقوبات عليها.
كانت الصفقة حقًا آخر شيء احتاجه جو بايدن خلال ستة أشهر تقريبًا من توليه المنصب، حيث كان ضعيفًا تجاه روسيا والصين ويمكن القول إنه مثير للشفقة في الشرق الأوسط عندما يتعلق الأمر بتنفيذ خطاب “أمريكا عادت”.
“أمريكا عادت ” نتساءل جميعاً كيف عادت؟، بالنظر إلى أن إيران تفوض ضربات الطائرات بدون طيار ضد القوات الأمريكية، وتتجه أفغانستان بسرعة نحو استيلاء طالبان على السلطة، وانتهت المحادثات الإيرانية في فيينا بشكل أو بآخر بمشروع ما يدعو بشكل ملطف “خارطة الطريق”.
إن الاستثمار الصيني مع إيران يرسل رسالة واضحة إلى جو بايدن مفادها أنها تنوي الاستفادة من الجغرافيا السياسية في الاقتصاد، مع تنازع دول مجلس التعاون الخليجي فيما بينها حول إنتاجية النفط وسعره، وقد وصل إلى أعلى مستوى في ست سنوات، و مع ظهور صفقة إيران مع الصين، أصبحت المنطقة أكثر حيرة من أي وقت مضى حول مقدار الهيمنة الأمريكية، وبدأت دول الشرق الأوسط تتجه نحو الشرق.
لا يقتصر الأمر على أن النخب الخليجية تتطلع إلى الصين كشريك جديد محتمل، بل أصبح العرب يضعون ثقة أكبر في الصين كشريك طويل الأمد يمكنهم الاعتماد عليه بالاستقرار، يبحث قادة الشرق الأوسط وكذلك أولئك الموجودون في شمال إفريقيا مثل مصر، عن حل للمشاكل التي مروا بها في آخر عشر سنوات في ما يسمى الربيع العربي ولا يرون أي جدوى من الاستثمار مع بايدن للحصول على المساعدة هناك، ولهذا السبب يقتربون من الرئيس بشار الأسد ويتراجعون عن رهاناتهم على أمريكا.
إن هذه الصفقة الضخمة مع إيران تبعث برسالة لدول الخليج العربية قد تلاحظها واشنطن.. الرسالة هي أن الصينيين هم لاعبون على المدى الطويل يبحثون عن شركاء على المدى الطويل، وأن العديد من نخب دول مجلس التعاون الخليجي ستنظر في الصفقة وتتساءل لماذا لا ننظر إلى الصين لبناء المزيد من الشراكات في البناء والطاقة والاتصالات وحتى الدفاع.
وجاءت أنباء الصفقة الصينية الإيرانية بشكل أو بآخر مع إعلان الإمارات العربية المتحدة منع فكرة أوبك لتعزيز إنتاج النفط، وقامت العديد من وسائل الإعلام الغربية بتسليط الضوء على الصراع مما زاد في زاوية الصدع الإماراتي السعودي.
إن اتفاق الصين مع إيران يجب أن يزعزعهم ويجعلهم يدركون أن هناك تغييراً في الشرق الأوسط، وأن الولايات المتحدة تتراجع خطوة إلى الوراء، وأن الجغرافيا السياسية تلعب دوراً حاسماً.
غالبًا ما يتم المبالغة في فهم بايدن للمنطقة وفروقها الدقيقة، إنه يجهل بشكل ملحوظ ما هو مهم حقًا وغير قادر على الإطلاق على فهم حساسيات قادتها، لهذا يمكننا أن نفهم سبب وقوعه في الفخاخ التي نصبتها إيران بسهولة (التي ترى في الواقع أن الصفقة الخالية من العقوبات مع الولايات المتحدة لا تستحق الجهد المبذول).
صفقة الصين تظهر للمنطقة وواشنطن أن الولايات المتحدة لم تعد القوة العظمى التي يمكن أن تتوقع الكثير من النفوذ من فعل ضئيل للغاية.. العالم يتغير، وخطوة ترامب في عام 2018 لإخراج الولايات المتحدة من الصفقة الإيرانية عززت وشجعت عالمًا جديدًا في الشرق يتكامل كنتيجة مباشرة لوجهات النظر الأمريكية الوهمية حول المكان الذي تعتقد أنه موجودة فيه عالميا.
ومع قيام إيران ببيع ما يسمى بالنفط “غير القانوني” بالفعل إلى الصين (وربما إلى الهند في نهاية العام)، فإن العقوبات الثانوية التي فرضها ترامب لن تساوي الورقة التي كُتبت عليها.
بقلم مارتن جاي
المصدر: Strategic Culture